نؤمن باللهعينة

نؤمن بالله

يوم 1 من إجمالي 24

اليوم 1: الإعلان والأسرار (الإعلان الإلهي)

ونحن ندرس عقيدة الله من الصَّعب تصوّر أي موضوع يكون أكثر أهمية من موضوع الإعلان الإلهي. مَا الَّذي كشفه الله عن نفسِهِ؟ وكيفَ فعَل هذا؟ ستُحَدِّد إجاباتُنَا عن هذه الأسئلة مَسَار كل جانِب من جَوَانِب العقيدة عن الله.

المفهوم الرئيسي: يُمْكِنُنَا أَنْ نُوجِزَ الْفِكْرَةَ الْمَسِيحِيَّةَ الرَّئِيسِيَّةَ عَنِ الْإِعْلَانِ الْإِلهِيِّ كَمَا يَلِي:

الْإِعْلَانُ الْإِلهِيُّ هُوَ كَشْفُ اللهِ عَنْ ذَاتِهِ، دَائِمًا بِمُفْرَدَاتٍ بَشَرِيَّةٍ، وَعَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ فِي الْمَسِيحِ.

وَجْهَانِ لِهذَا الْمَفْهُومِ يَسْتَحِقَّانِ تَسْلِيطَ الضَّوءِ عَلَيْهِمَا، بَدْءً بِحَقِيقَةِ كَوْنِ اللهِ قَدْ أَعْلَنَ عَنْ نَفْسِهِ دَائِمًا بِمُفْرَدَاتٍ بَشَرِيَّة.

جَمِيعُنَا يَعْلَمْ أَنَّنَا لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَدْرِسَ اللهَ كَمَا نَفْعَلُ مَعَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ أُخْرَى فِي الْحَيَاةِ الْيَوْمِيَّةِ. فَإِنَّنَا لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَقِيسَ طُولَهُ وَوَزْنَهُ، أَوْ نَضَعَهُ فِي أُنْبُوبِ اخْتِبَارٍ وَنَفْحَصَهُ. بَلْ عَلَى النَّقِيضِ، فَإِنَّ اللهَ سَامٍ لِلْغَايَةِ، وَيَفُوقُنَا كَثِيرًا، حَتَّى أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْتَرَضِ أَنْ يَكُونَ مُحْتَجِبًا تَمَامًا لَوْلَا حَقِيقَةٍ وَاحِدَةٍ: وَهِيَ أَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ أَعْلَنَ عَنْهُ بِمُفْرَدَاتٍ بَشَرِيَّةٍ. وَكَثِيرًا مَا تَحدّثَ عُلَماءُ اللاهوتِ النِّظَامِيِّ عَنْ هذا بِاعتبارِهِ الصفةَ التأنيسيّةَ فِي الإعلانِ. بمعنًى آخرَ، لَقْدَ كشفَ اللهُ عنْ نفسِهِ فِي صورةٍ بشريّةٍ، أوْ بوسائلَ يُمكنُ لِلبشرِ فَهْمَهَا.

تُوجَدْ علَى الأقلِّ أربعةُ أنواعٍ منَ الإعلانِ التأنيسيِّ في الكتابِ المقدسِ. بِالمعنَى الأضيقِ، كثيرًا ما يُشَبِّهُ الكتابُ المقدسُ صفاتَ اللهِ بصفاتٍ بشريّةٍ. فيتحدَّثُ العديدُ منَ النصوصِ الكتابيةِ عنِ اللهِ بأنَّ لهُ عينانِ، وأذُنَانِ، وأنفٌ، وذراعانِ، وقدمانِ. وأنَّهُ أيضًا يفكِّرُ، ويطرحُ أسئلةً، ويستشيرُ آخرينَ، ويشعرُ، ويتأمّلُ. وأنهُ أيضًا يعملُ شيئًا ثمَّ يندمُ، مِثلي ومِثلَكَ تمامًا. لكنَّ الكتابَ المقدسَ ككُلٍّ يُوضِّحُ أنَّ هذا النوعَ منَ التأنِيسِ لا بُدَّ منَ التعاملِ معَهُ باعتبارِهِ صُوَرًا بلاغيَّةً – أيْ تَشْبِيهَ اللهِ بالبشرِ. فاللهُ ليسَ لديهِ عينانِ أوْ يدانِ مادِّيَّتَانِ كمَا لَدَى البشرِ. لكِنَّنا معَ ذلكَ نعلمُ أنَّهُ يرَى ويصنعُ أُمورًا طُوالَ الوقتِ.

أَمَّا بالمعنَى الأشملِ قليلًا، فإنَّ الكتابَ المقدسَ أيضًا يقدمُهُ على نحوٍ تأنيسيٍّ منْ حيثُ أنظمةٍ اجتماعيّةٍ بشرِيَّةٍ. على سبيلِ المثالِ، يُصوِّرُ الكتابُ المقدسُ اللهَ كثيرًا على أنَّهُ مَلِكُ الخليقةِ الأعلَى. فَهُوَ يجلِسُ على عرشِهِ في السَّماءِ، يَرْأسُ المشاوراتِ، ويستَمِعُ إلى التَّقارِيرِ، ويصدرُ تصريحاتٍ، ويرُسِلُ رُسُلًا، ويتلَقَّى السُّجُودَ، مِثلَمَا كانَ الأباطرةُ مِنْ البَشَرِ يفعلُونَ في الأزمنةِ الكتابيَّةِ.

أَيضًا، يُصوِّرُ الكتابُ المقدسُ اللهَ بأنَّهُ ملِكُ إسرائيلَ المحارِبُ، ومُعطِي الشريعةَ، وصانِعُ العهدَ، وحافِظُ العهدَ. فهُوَ الملِكُ الرَّاعي، والملكُ الزَّوجُ والأبُ لشعبِهِ. ومرَّةً أُخرَى، تُخبِرُنا إعلاناتُ اللهِ هذِهِ بأَنَّ اللهَ يُشبِهُ البشرَ مِنْ نواحٍ مُعَيَّنَةٍ. فهُوَ يَحكُمُ بِطرَائِقَ شبيهةٍ بالطَّرائِقِ الَّتي كانَ يحكُمُ بهَا المُلوكُ في العالمِ القديمِ.

ثُمَّ وبالمعنَى الأشملِ منْ هذَا، يُمكِنُ أن نقُولَ إِنَّ ظُهُوراتِ اللهِ المرئيَّةَ فِي التاريخِ هِيَ أيضًا إعلانٌ تأنيسِيٌّ. فإِنَّ الكتابَ المقدسَ يُسجِلَّ بضعةَ مرَّاتٍ ظهرَ اللهُ في العالمِ بصورةٍ مرئيَّةٍ – وهذَا عادةً ما نُطلِقُ عليهِ اسمَ "التَّجلِّيَاتُ الإلهيَّةُ". وقَدْ ربطَتْ أقوَى التَّجلِّيَاتُ الإلهيَّةُ اللهَ بالدُّخَانِ والنَّارِ المادِّيَّينِ، وبِرُؤًى لِسَحَابةِ مجدِهِ السَّماويَّةِ. وتُخبِرُنَا نُصوصٌ مثلُ رسالةِ كُولوسِّي 1: 15، ورسالةُ 1 تيمُوثَاوُسَ 1: 17 بأنَّ اللهَ نفسَهُ غيرُ منظُورٍ. وهكذَا، فإنَّ هذهِ الظُّهوراتِ المرئيَّةِ للهِ هيَ أيضًا تأنيسيَّةً مِن جهةِ أنَّها لا تُمثِّلُ حقيقةَ اللهِ. بل بالأحرَى تقدِّمُهُ بطرائِقَ يُمكنُنَا نحنُ البشرُ اختبَارَهَا بإمكانيَّاتِنَا المحدودةِ. 

وأخيرًا، بالمعنَى الأوسعِ والأشملِ علَى الإطلاقِ، تُعلِنُ الأسفارُ المقدسةُ اللهَ أيضًا بمُفرداتِ بشريَّةٍ حتَّى وهِيَ تُشيرُ إلى صفاتِهِ النَّظَرِيَّةِ. فإنَّ الكتابَ المقدسَ يتحدَّثُ كثيرًا عنِ اللهِ بكَوْنِهِ عادِلًا، وقُدُّوسًا، وقديرًا، وما إلى ذلكَ. لكِنْ كتبةِ الكتابِ المقدسِ قاموا بتفسيرِ هذه الأوصافِ المُجرَّدةِ عنِ اللهِ بمفرداتٍ بشريَّةٍ، وبطرائقَ يمكِنُنَا فَهمَها. وهكذَا مِنَ المنصِفِ أنْ نقولَ إِنَّ كلَّ الإعلانِ الإلهيِّ قدَ جاءَ بشَكلٍ أوْ بآخرَ في صُورَةٍ تأنيسيَّةٍ. فقَدْ أعلنَ اللهُ حقائقَ عن نفسِهِ للجنسِ البشرِيِّ، دائِمًا بطرائِقَ تُلائِمُ محدوديَّتَنا البشريَّةَ.

آخذينَ في الاعتبارِ أنَّ الروحَ القدُسَ لطالما أعلنَ لنا عنِ اللهِ بمُفرداتٍ بشريَّةٍ، دَعُونا ننظُرُ إلى صِفةٍ رئيسيَّةٍ ثانيةٍ للإعلانِ الإلهيِّ: أنَّ اللهَ قد أعلنَ عن نفسِهِ على أكملِ وجهٍ في المسيحِ.

بالتأكيدِ لا يُوجدُ ما هُوَ مِحورِيٌّ للإيمانِ المسيحيِّ أكثرَ منَ المسيحِ نفسِهِ. فهُوَ وحدَهُ مُخلِّصُنَا وربُّنا. وهُوَ الإعلانُ الأَسْمَى للهِ عن نفسِهِ للجنسِ البشريِّ. ونحنُ، باعتبارِنا أتبَاعُ المسيحِ، نُقِرُّ بأنَّ اللهَ قد أعلنَ عن نفسِهِ بطرائقَ كثيرةٍ عبرَ التاريخِ الكتابيِّ. لكِنَّ نُصوصًا مثلَ كولوسِّي 1: 15 تُخبرُنَا بأنَّ يَسُوع هو الإظهارُ والكشفُ التَّامُّ للهِ عنْ نفسِهِ بمُفرداتٍ بشريةٍ. فإنَّ يَسُوع هو ابنُ اللهِ الأزليِّ المتجسِّدِ، وصورةُ اللهِ البشريّةِ الكاملةِ، والمُمَثِّلُ الكاملُ لَهُ. ولهذَا، فإنَّ كلَّ ما نؤمنُ بهِ عنِ اللهِ لا بُدَّ أنْ يتَّفقَ مع الإعلانِ الأَسْمَى للهِ في يَسُوع – أيْ في تعاليمِهِ، ودلالَةِ حياتهِ، وموتهِ، وقيامتِهِ، وصُعودِهِ، ومجيئِهِ الثَّاني المجيدِ.

يوم 2

عن هذه الخطة

نؤمن بالله

من هو الله؟ ما هي صفاته؟ خطته الأزليّة؟ أعماله في التاريخ؟ على  المستوى الأساسي، أُعطيت الأسفار المقدسة لنا لتعلّمنا عن الله وعمّا عمله  من أجلنا. في الواقع، إن معرفة الله هي ضرورية لنا لكي نفهم أنفسنا  وعالمنا. ولهذا ندرس ما يدعوه علماء اللاهوت بعقيدة الله، أو العقيدة عن  الله. من خلال خطة القراءات هذه نتعرّف على منهجيّة منظمة لتمييز صفات الله كما ندرس خطة الله وأعماله، وخاصة أحكامه، خليقته، وعنايته.

More

نود أن نشكر خدمات الألفية الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة: http://arabic.thirdmill.org/seminary/course.asp/vs/god