نؤمن باللهعينة
اليوم 9: التحديد (الأساس الكتابي)
نناقش هنا الأساس الكتابي لتحديدِنَا لصفاتِ اللهِ غيرِ القابلةِ للمشاركةِ وتعريفِهَا. أعطى الله شعبَه على مرِّ التاريخ إعلانًا خاصًا لإرشادِنا في أثناء تأمُّلِنَا في الإعلان العام. وبالنسبة لأتباع المسيح اليوم، هذا يَعنِي أننا يجب أن نعمل كل ما بوِسعِنا كي تستنِد مُعتقداتِنَا عن هذه الأشياء على أساس تعليم الكتاب المقدس.
تأثرتْ العقيدةُ عنِ اللهِ في عصرِ الآباءِ والعصورِ الوُسطى تأثُّرًا شديدًا بالمفاهيمَ عنِ اللهِ في الفلسفاتِ الهيلينيّةِ. فقد ركزتِ الفلسفاتُ الهيلينيّةُ على أنَّ اللهَ متسامٍ، ولذلكَ، فهو مُنعزلٌ تمامًا عنِ التاريخِ. وبِناءً على هذا التأثيرِ، تَعرّفَ اللاهوتيونَ المسيحيونَ على صفاتِ اللهِ غيرِ القابلةِ للمشاركةِ تقريبًا في كلِّ صفحةٍ من صفحاتِ الكتابِ المقدسِ. لكن، في العصرِ الحديثِ، تحوَّلَ الكثيرُ من عُلماءِ النقدِ اللاهوتيينَ المؤثرينَ، بل وحتى البعضُ مِن الإنجيلييَن، عن هذه التأثيراتِ الهيلينيّةِ. وبدلًا من التركيزِ على مفهومِ تسامي اللهِ، سلّطوا الضَّوءَ على قُربِ اللهِ – أي انخراطِهِ في التاريخِ. ولهذا السببِ، صارَ مِنَ المُعتادِ للعديدِ منَ المؤمنينَ المُخْلِصينَ التقليلَ مِن شأنِ، بل وإنكارَ، أنَّ الكتابَ المقدسَ يؤيدُ العقيدةَ الكلاسيكيّةَ عن صفاتِ اللهِ غيرِ القابلةِ للمشاركةِ. وبسببِ الشُّكوكِ حولَ هذه الأمورِ، سيَفيدُنا أن نُشيرَ إلى وُجهةِ نظرٍ رئيسيّةٍ عنِ اللهِ نجِدُها متغلغلةً في الكتابِ المقدسِ. وما نقصِدُهُ هُنا هوَ كيفَ أن كتبةَ الكتابِ المقدسِ وشخصياتِهِ قد أشاروا كثيرًا إلى حقيقةِ أن اللهَ لا يُقارَنُ بشيءٍ – فهُوَ لا مثيلَ له، ولا أحدٌ يساوِيهِ، هو الأسمَى.
في سفرِ 1 مُلوكِ 8: 23، سبّحَ سليمانُ اللهَ عندَ تدشينِ الهيكلِ. إنَ تصريحَ سليمانَ عن تفرّدِ اللهِ هو بدونِ استثناءٍ. فلا يُوجَدُ أيُّ إلهٍ سواءٌ "فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَلاَ عَلَى الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ" مثلُ اللهِ. ونجدُ تصريحاتٍ شبيهةً بهذا في المزمورِ 71: 19؛ وفي المزمور 86: 8؛ وفي المزمور 89: 6. تحدّثَ داودُ عن تفرُّدِ اللهِ على نحوٍ يكشِفُ معنَى أن يكونَ هو اللهُ. فقد قال داودُ إنَّ اللهَ عظيمٌ وأنه ليسَ مِثلُهُ. لكنَّهُ أيضًا ادَّعى أنَّ الرَّبَّ الإِلهَ – "الرَّبَّ، يهوه" أو "أدوناي يهوه" (אֲדֹנָי יהוה) في اللغةِ العبريّةِ – هو عظيمٌ جدًا حتى أَنَّهُ "لَيْسَ إِلهٌ غَيْرَ [اللهِ]." وبقولِ داودِ هذا الكلامِ، قد أعلنَ أن تفرُّدَ اللهِ أمرٌ ضروريٌّ يجعلُ منَ اللهِ اللهَ. أيضًا تقومُ نصوصٌ مثلُ إشعياءَ 40: 46 وسفرِ أيوبَ الأصحاحِ 40 و41 بعملِ الشيءِ ذاتِهِ.
تُرَسِّخُ هذه النصوصُ وأخرَى شبيهةٌ الأساسَ الكتابيَّ الذي يبرِّرُ الدراسةَ المتأنيّةَ لكمالاتِ اللهِ غيرِ القابلةِ للمشاركةِ. تعكِسُ هذه الآياتُ التعليمَ الكتابيَّ المتَّسِقَ الذي يَفيدُ أنَّ اللهَ فوق مُستوَى المقارنةِ مع خليقتِهِ. وفي زمنٍ يُخضعُ هذا الجانبَ من العقيدةِ عنِ اللهِ للتشكيكِ في بعضِ الأوساطِ، بل والتقليلِ من شأنِهِ كثيرًا في أوساطٍ أُخرَى، يظلُّ الكتابُ المقدسُ يُعلنُ تفرُّدَ اللهِ. وهذا التفرُّدُ يدعُونا لتعلُّمِ كلِّ ما بوسعِنا تعلُّمِهِ عن مدَى اختلافِ اللهِ عن خليقتِهِ.
عن هذه الخطة
من هو الله؟ ما هي صفاته؟ خطته الأزليّة؟ أعماله في التاريخ؟ على المستوى الأساسي، أُعطيت الأسفار المقدسة لنا لتعلّمنا عن الله وعمّا عمله من أجلنا. في الواقع، إن معرفة الله هي ضرورية لنا لكي نفهم أنفسنا وعالمنا. ولهذا ندرس ما يدعوه علماء اللاهوت بعقيدة الله، أو العقيدة عن الله. من خلال خطة القراءات هذه نتعرّف على منهجيّة منظمة لتمييز صفات الله كما ندرس خطة الله وأعماله، وخاصة أحكامه، خليقته، وعنايته.
More
نود أن نشكر خدمات الألفية الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة: http://arabic.thirdmill.org/seminary/course.asp/vs/god