نؤمن باللهعينة
اليوم 11: التحديد (وجهات النظر الكتابية)
يجب أن نضع في اعتبارِنا اتّساع وِجهات النظر الكتابيّة عن الله، إن كنا نرجو أن نتجنّب مفاهيم خاطئة وخطيرة عن صفاتِهِ غير القابلة للمُشاركة.
1) التسامي الإلهي:
حين نتحدثُ عنِ "التسامي الإلهيِّ"، فنحنُ نَعني أن اللهَّ ليس محدودًا بالحدودِ التي وضعها لخليقتِهِ. فهو يسمو فوق الخليقةِ. يتحدثُ الدليلُ المُوجَزُ عن التسامي الإلهيِّ بسردِهِ لثلاثةِ كمالاتٍ غيرِ قابلةٍ للمشاركةِ. فهُوَ يخبرُنَا بأنَّ اللهَ غيرُ محدودٍ، وسرمديٌّ، وغيرُ متغيرٍ. لنلاحظْ أولًا كيفَ يُعلِّمُ الكتابُ المقدسُ بأنَّ اللهَ غيرُ محدودٍ.
غير محدود:
حين نقولُ إن اللهَ غيرُ محدودٍ، فنحن نعني أنه على النقيضِ من خليقتِهِ المحدودةِ. فهو لا يُقاسُ، ولا يُحصَى، بلا نِهايةٍ، وبلا حُدودٍ. وببساطةٍ، إن كمالاتِ اللهِ لا حُدودَ لها. وتشيرُ بعضُ النصوصِ الكتابيّةِ بوُضوحٍ إلى صُورٍ مختلفةٍ تُظهرُ عدمَ محدوديّةِ اللهِ. على سبيلِ المثالِ، في سفرِ 1 مُلوكِ 8: 27، أشار سُليمانُ إلى أنَّ اللهَ لا يُمكنُ أن يَحُدَّهُ المكانُ. وفي رسالةِ روميةِ 11: 33، أشار بولسُ إلى أنَّ عِلمَ اللهِ وحكمتِهِ لا يُمكنُ قياسُهُما. هذه النصوصُ ونصوصٌ أُخرَى شبيهةٌ تُشيرُ إلى أنَّهُ من الصوابِ التحدُّثُ عنِ اللهِ بأنه غيرُ محدودٍ في كمالاتِهِ.
سرمدي:
تتحدثُ بعضُ النصوصِ الكتابيّةِ عن أبعادٍ مختلفةٍ لسرمديّةِ اللهِ. على سبيلِ المثالِ تتحدثُ رسالةُ 1 تيموثاوسَ 1: 17 عنِ اللهِ باعتبارِهِ ملكِ الدُّهورِ. كما يُسبحُ سفرُ الرؤيا 4: 8 اللهَ باعتبارهِ سرمديًا إذ تدعوه المخلوقاتُ السماويّةُ "الَّذِي كَانَ وَالْكَائِنُ وَالَّذِي يَأْتِي." كما تتحدثُ رسالةُ 2 بطرس 3: 8 عن أن الله يسمو فوقَ كلِّ التاريخِ حين تقولُ: "إنَّ يَوْمًا وَاحِدًا عِنْدَ الرَّبِّ كَأَلْفِ سَنَةٍ، وَأَلْفَ سَنَةٍ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ." هذه النصوصُ ونصوصٌ كثيرةٌ شبيهةٌ توضحُ أن كمالاتِ اللهِ سرمديّةٌ.
غير متغير:
توضحُ الخبرةُ الحياتيّةُ والكتابُ المقدسُ أنَّ كلَّ شيءٍ في الخليقةِ، إلى حدٍّ ما، متغيرٌ. لكن وِفقًا للكتابِ المقدسِ إن كمالاتِ اللهِ لا يمكنُ أن تتغيرَ. فقد قالَ اللهُ نفسُهُ بوضوحٍ إنه لا يتغيرُ في سفرِ ملاخي 3: 6. وفي سفرِ العددِ 23: 19، تُوجدُ مقابلةٌ بينَ اللهِ وبينَ البشرِ: "لَيْسَ اللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ." وفي رسالةِ يعقوبَ 1: 17، طمأنَ يعقوبُ سامعيهِ بشأنِ ثباتِ اللهِ بأن وصفَهُ بأنهُ "أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ". تُصورْ هذه النصوصُ ونصوصٌ أخرى شبيهةٌ اللهَ بأنه ثابتٌ أو لا يتغيرُ.
حينَ نتأملُ في كلٍّ منَ الإعلانِ العامِّ، والكتابِ المقدسِ، يكونُ منَ الصعبِ أن نُنكِرَ أنَّ اللهَ يتسامى فوق خليقتِهِ في كلٍّ منْ هذه النواحي الثلاث. فالخليقةُ محدودةٌ، لكنَّ اللهَ غيرَ محدودٍ. الخليقةُ زائلةٌ، لكن اللهَ سرمديٌّ، والخليقةُ متغيرةٌ، لكن اللهَ غيرَ متغيرٍ.
2) القُرب الإلهي:
يشيرُ "القربُ الإلهيُّ" بوجهٍ عامٍّ إلى حقيقةِ تفاعُلِ اللهِ مع خليقتِهِ. بل في حقيقةِ الأمرِ، يُخصصُ الكتابُ المقدسُ وقتًا للحديثِ عن تفاعلِ اللهِ عن قُربٍ في العالمِ، أكثرَ من الوقتِ الذي يخصصُهُ للحديثِ عن تسامِيهِ. ونرى هذا في الطرائقَ الكثيرةِ التي من خلالِها يسجلُ الكتابُ المقدسُ استعلاناتِ اللهِ التاريخيةِ. "فالاستعلاناتُ التاريخيةُ" هي الوسائلُ التي من خلالِها اشتركَ اللهُ بنفسِهِ في كشفِ التاريخِ الكتابيِّ. يقدمُ لنا الكتابُ المقدسُ العديدَ من أوصافِ اللهِ. ويعلنُ أسماءً وألقابًا متنوعةً، ويقدمُ صورًا بلاغيةً وتشبيهاتٍ عنِ اللهِ لا تُحصَى، كما يسجلُ العديدَ من أعمالِهِ. وفي بعضِ الحالاتِ، يسلّطُ الكتابُ المقدسُ الضوءَ على استعلاناتِ اللهِ التاريخيةِ في فتراتٍ قصيرةٍ منَ الزمنِ. وفي حالاتٍ أخرَى، يقدمُ استعلاناتِهِ التاريخيةِ عبرَ فتراتٍ طويلةٍ منَ الزمنِ. فهُوَ يتناولُ أعمالَ اللهِ في عرشِهِ السماويِّ وعلى الأرضِ. كما يعلنُ بعضَ الأشياءِ عن تعاملاتِهِ مع العالمِ الروحيِّ والعالمِ الماديِّ، ومع جماعاتٍ كبيرةٍ منَ البشرِ ومع جماعاتٍ أصغرَ، ومع عائلاتٍ وحتى مع أفرادٍ.
لكي نفهم صفات الله غير القابلة للمُشاركة، لابد أن نتمسَّك بقوةٍ بكامل نِطاق وِجهات النظر الكتابيّة عن تسامي اللهِ وعن قربِه. وهذا ليس سهلاً لأننا نصل بسرعة إلى حدود قدارتنا البشريّة في إدراك أسرارِ الله. ومثل العديد من الموضوعات الصعبة الأخرى كالثالوث، وطبيعتَيِ المسيح، فإننا نقِف وجهًا لوجه أمام حقائق عن الله أبعد من متناول فهمِنا. لكن في النهاية، يدعونا الكتاب المقدس لقُبول كلًا من تسامي اللهِ وقربِهِ. فإننا نؤيد الحقيقة التامة لكمالاتِ اللهِ غير القابلة للمُشاركة، وأيضًا الحقيقة التامة لتفاعُلِ اللهِ مع خليقتِهِ.
بقدرِ ما يبدو هذا غامضًا، فإنَّ اللهَ غيرَ محدودٍ، لكن هذا لا يَعني أنه لا يتعاملُ مع المحدودِ. ومِن وُجهةِ النظرِ الكتابيةِ، تحديدًا بسببِ أنَّ اللهَ غيرَ محدودٍ يمكنُهُ أن يَدخلَ بالتمامِ إلى عالمِ ما هو محدودٌ كُلما شاءَ.
كما أنَّ اللهَ سرمديٌّ، لكن هذا لا يَعني أنه خارجَ الزمنِ. بل سرمديتُهُ هي السببُ وراءَ أنه يُمكنُهُ أن يشتركَ في إطارِ الزمنِ بأيَّةِ صورةٍ يُريدُها.
أيضًا اللهُ لا يتغيرُ، لكن هذا لا يَعني أنه غائبٌ عن مجالِ التغييرِ. فتحديدًا لكونِ اللهِ لا يتغيرُ في جميعِ كمالاتِهِ أنه يتفاعلُ مع خليقتِهِ المتغيرةِ كما يشاءُ.
الكلمة
عن هذه الخطة
من هو الله؟ ما هي صفاته؟ خطته الأزليّة؟ أعماله في التاريخ؟ على المستوى الأساسي، أُعطيت الأسفار المقدسة لنا لتعلّمنا عن الله وعمّا عمله من أجلنا. في الواقع، إن معرفة الله هي ضرورية لنا لكي نفهم أنفسنا وعالمنا. ولهذا ندرس ما يدعوه علماء اللاهوت بعقيدة الله، أو العقيدة عن الله. من خلال خطة القراءات هذه نتعرّف على منهجيّة منظمة لتمييز صفات الله كما ندرس خطة الله وأعماله، وخاصة أحكامه، خليقته، وعنايته.
More
نود أن نشكر خدمات الألفية الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة: http://arabic.thirdmill.org/seminary/course.asp/vs/god