نؤمن باللهعينة
اليوم 14: الدمج (وجهات النظر الكتابيّة)
إلى أي مدى يختلف الله عن خليقتِهِ؟ يختلف الله عن خليقتِهِ في جميع كمالاتِهِ. فإن جميع صفاتِ اللهِ، وليس فقط البعض منها، هي غير قابلة للمُشاركة.
1- الكينونة:
تُعدُّ كينونةُ أو وجودُ اللهِ صفةٌ قابلةٌ للمشاركةِ، أو صفةٌ يشتركُ فيها اللهُ مع خليقتِهِ. فنحنُ نعلمُ أنَّ كلَّ ما خلقَهُ اللهُ، بما في ذلك البشرَ، موجودٌ بالفعلِ. لكننا نخفِقُ في استيعابِ مجدِ وجودِ اللهِ إن لم نُقِر بوُجودِ اختلافٍ جوهريٍّ بين كينونةِ اللهِ وكينونتِنا. فكينونتُنا محدودةٌ، وزمنيةٌ، ومتغيرةٌ، أما كينونةُ اللهِ فهي غيرُ محدودةٍ، وسرمديّةٌ، وغيرُ متغيرةٍ.
فاللهُ يختلفُ عن خليقتِهِ في أن وجودَهُ غيرُ محدودٍ بأيِّ صورةٍ من الصورِ بعالمِ ونطاقِ خليقتِهِ. بل هو كان موجودًا قبل أن تُوجدَ خليقةٌ، وهُوَ موجودٌ الآنَ دونَ أيِّ حُدودٍ، وسيستمرُ وجودُهُ إلى الأبدِ على نحوٍ يسمو فوقَ كلِّ الخليقةِ. يمكنُ تعريفُ وجودِ اللهِ الكليِّ على أنه وُجودُهُ في كلِّ مكانٍ في الخليقةِ (إرميا 23: 24؛ مزمور 139: 7-10؛ إشعياء 66: 1، أعمال الرسل 7: 48-49).
2- الحكمة:
تُعدُّ الحكمةُ صفةُ من صفاتِ اللهِ القابلةِ للمشاركةِ، التي تشتركُ فيها معه المخلوقاتُ العاقلةُ. لكن بغضِّ النظرِ عن قَدرِ الحكمةِ التي نمتلكُها، فإنَّ الكتابَ المقدسَ والإعلانَ العامَّ يوضحانِ أن حِكمتَنا محدودةً، وزمنيةً، ومتغيرةً. وهكذا، فإن إحدى نواحي اختلافِ اللهِ عن خليقتِهِ هي أن حكمتَهُ غيرُ محدودةٍ، وسرمديةٌ، وغيرُ متغيرةٍ. عادةً ما يُسلّطُ علماءُ اللاهوتِ النظاميِ الكلاسيكيونَ الضَوءَ على الأبعادِ غيرِ القابلةِ للمشاركةِ لحكمةِ اللهِ وذلكَ بالإشارةِ إلى علمِ اللهِ الكليِّ وإلى عدمِ قابليّةِ إدراكِهِ. إن علمَ اللهِ الكليِّ هو أن اللهَ يمتلكُ معرفةً بكلِّ شيءٍ (أيوب 37: 16، مزمور 33: 15؛ عبرانيين 4: 13). كما أن حكمةَ اللهِ هي غيرُ قابلةٍ للمشاركةِ من حيثُ أن أفكارَ اللهِ لا يمكنُ معرفتُها بالكاملِ (1 صموئيل 16: 17؛ 1 أخبار الأيام 28: 9؛ أيوب 11: 7؛ مزمورِ 139: 1-4، 16؛ إرميا 17: 10؛ رومية 11: 33).
3- القوة:
يشيرُ كلٌ منَ الكتابِ المقدسِ والإعلانِ العامِّ إلى أن قوةَ اللهِ، من عدةِ أوجهٍ، هي صفةٌ قابلةٌ للمشاركةِ لأن القوةَ هي صفةٌ تشتركُ فيها الخليقةُ. لكن حتى أعظمَ السلاطينِ في الخليقةِ هي محدودةٌ، وزمنيةٌ، ومتغيرةٌ. وهكذا، يعلّمُ الكتابُ المقدسُ بوضوحٍ عن النواحي التي تجعلُ قوةَ اللهِ هي صفةٌ غيرُ قابلةٍ للمشاركةِ. هذه المقابلةُ بين قوةِ اللهِ والخليقةِ يُعبَّرُ عنها في أغلبِ الأحيانِ في اللاهوتِ النظاميِّ بمفرداتِ "القدرةُ الكليّةُ" للهِ و"سيادةُ" اللهِ.
من ناحيةٍ، حين نتحدثُ عن قدرةِ اللهِ الكليّةِ، فإننا نعني أن اللهَ قادرٌ على كلِّ شيءٍ (أيوب 42: 2؛ مزمور 115: 13؛ إرميا 32: 17؛ متى 19: 26).
إن الله لا يمكنُهُ أن يعملَ أعمالًا تُناقضُ كمالاتِ جوهرِهِ الأخرَى. يُعلنُ الكتابُ المقدسُ بوضوحٍ عن بعضِ الأشياءَ التي لا يستطيعُ اللهُ أن يعملَها. فإننا نتعلمُ أن اللهَ لا يمكنُهُ أن يكذبَ، أو يخطئَ، أو يتغيرَ، أو ينكرَ نفسَهُ (العدد 23: 19؛ 1 صموئيل 15: 29؛ 2 تيموثاوُس 2: 13؛ العبرانيين 6: 18؛ يعقوب 1: 13، 17).
4- القداسة:
تُعدُ القداسةُ صفةً من صفاتِ اللهِ القابلةِ للمشاركةِ لأن بعضَ جوانبَ الخليقةِ تشتركُ فيها. فإن كلمةَ اللهِ تُشيرُ كثيرًا إلى مواضعَ، وأشياءَ، وأرواحٍ، وأُناسٍ بأنهم مقدسونَ. لكن كلًا من الإعلانِ العامِ والكتابِ المقدسِ يوضحانِ أن قداسةَ المخلوقاتِ محدودةٌ، وزائلةٌ، ومتغيرةٌ، بينما قداسةُ اللهِ غيرُ محدودةٍ، وسرمديةٌ، وغيرُ متغيرةٍ.
تُشيرُ قداسةُ اللهِ الأدبيةُ إلى حقيقةِ أنَّ اللهَ منفصلٌ عن كلِّ شرّ (المزمور 92: 15؛ حبقُّوق 1: 12-13؛ يعقوب 1: 13). يشيرُ الكتابُ المقدسُ أيضًا إلى ما أُطلق عليه قداسةُ اللهِ المَهيبةُ. وهذا المصطلحُ يبيّنُ أن اللهَ منفصلٌ عن كلِّ الخليقةِ، بما في ذلكَ مخلوقاتِهِ الطاهرةِ أدبيًا (الخروج 15: 11؛ صموئيل 2:2؛ إشعياء 6: 3؛ 57: 15؛ هوشع 11: 9).
5- العدل:
يقومُ كلٌّ منَ الإعلانِ العامِّ والخاصِّ بالإشارةِ إلى أن العدلَ هو صفةٌ قابلةٌ للمشاركةِ لأن المخلوقاتِ الأدبيةَ، وخاصةً البشرَ، يمكنهُمُ أن يكونوا عادلينَ وأبرارًا. لكن في حينَ أنَّ البرَّ والعدلَ البشريَّ محدودٌ، وزمنيٌّ، ومتغيرٌ، لكن برَّ اللهِ أو عدلَهُ غيرُ محدودٍ، وسرمديٌّ، وغيرُ متغيرٍ. إنَّ صفةَ عدلِ اللهِ عادةً ما تكونُ مرتبطةً في الكتابِ المقدسِ بأحكامِ قضائِهِ السماويِّ (التثنيةِ 32: 4؛ مزمور 58: 11؛ رومية 2: 5-6؛ رومية 9: 14؛ 1 بطرس 1: 17).
6- الصلاح:
إن الصلاحَ من عدةِ أوجهٍ هو صفةٌ قابلةٌ للمشاركةِ لأن الكتابَ المقدسَ كثيرًا ما يشيرُ إلى الخليقةِ بأنها حسنَةٌ أو صالحةٌ (التكوين 1: 31؛ 1 تيموثاوس 4: 4). وبالطبعِ، إن صلاحَ الخليقةِ محدودٌ، وزمنيٌّ، ومتغيرٌ، لكن صلاحَ اللهِ في المقابلِ غيرُ محدودٍ، وسرمديٌّ، وغيرُ متغيرٍ. عندما يقول الكتاب المقدس إن الله "صالح"، فهو يعني أنه يستحق التقدير والإكرام على نحوٍ غير محدود، وأبدي، وغير متغير. وعندما نقول هذا، فلابد أن نُضيف في الحال بأنه لا يُوجد مِقدار للصلاح لابد أن يصلَ إليه الله خارج نفسَهُ. فالله هو تعريف الصلاح ذاتُه. حين نتحدثُ عن صلاحِ اللهِ المباشرِ فإن ما يدورُ في أذهانِنَا هو صلاحُ اللهِ الظاهرُ في أشياءَ مثلَ إحسانِهِ، ورحمتِهِ، ومحبتِهِ، وصبرِهِ على مخلوقاتِهِ (خروج 33: 19؛ مزمور 25: 7؛ مزمور 34: 8؛ مَرقُس 10: 18). إن أكثرَ استعلانٍ مباشرٍ لصلاحِ اللهِ غيرِ المحدودِ، والسرمديِّ، وغيرِ المتغيرِ هو في محبتِهِ السرمديةِ للمسيحِ ولجميعِ من هُم في المسيحِ (أفسسَ 1: 14-16). فإن محبةَ اللهِ لمن هُم في المسيحِ يرجِعُ أصلُها إلى محبةِ الآبِ غيرِ المحدودةِ، والسرمديّةِ، وغيرِ المتغيرةِ لابنه.
7- الأمانة:
يشيرُ كلٌّ من الكتابِ المقدسِ والإعلانِ العامِّ بوُضوحٍ إلى أنَّ الأمانةَ هي صفةٌ قابلةٌ للمشاركةِ. فإن مخلوقاتِ اللهِ العاقلةِ والأدبيةِ يمكنُ أن تكونَ صادقةً، وأمينةً، وجديرةً بالثقةِ، ومخلصةً، لكن فقط على نحوٍ محدودٍ، وزمنيٍّ، ومُتغيرٍ. وفي المقابلِ، إن أمانةَ وصدقَ اللهِ غيرُ محدودٍ، وسرمديٌّ، وغيرُ متغيرٍ (مزمور 25: 15؛ مزمور 119: 43، 142؛ يوحنا 8: 32؛ يوحنا 16: 13؛ يوحنا 17:17؛ رومية 3: 4).
الكلمة
عن هذه الخطة
من هو الله؟ ما هي صفاته؟ خطته الأزليّة؟ أعماله في التاريخ؟ على المستوى الأساسي، أُعطيت الأسفار المقدسة لنا لتعلّمنا عن الله وعمّا عمله من أجلنا. في الواقع، إن معرفة الله هي ضرورية لنا لكي نفهم أنفسنا وعالمنا. ولهذا ندرس ما يدعوه علماء اللاهوت بعقيدة الله، أو العقيدة عن الله. من خلال خطة القراءات هذه نتعرّف على منهجيّة منظمة لتمييز صفات الله كما ندرس خطة الله وأعماله، وخاصة أحكامه، خليقته، وعنايته.
More
نود أن نشكر خدمات الألفية الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة: http://arabic.thirdmill.org/seminary/course.asp/vs/god