نؤمن باللهعينة

نؤمن بالله

يوم 17 من إجمالي 24

اليوم 17: وجهات النظر اللاهوتية (الإجراءات) 

إن معرفتَنا بالطرق المختلفة التي يُعلّمُنا بها الكتاب المقدس بأن الله مثلَ خليقتِه هي شيء. لكن استيعابُنا لكيفيّة بِناء عُلماء اللاهوت النظامي على هذه الأُسُس الكتابيّة هو شيءٌ آخر تمامًا. فقد سعى علماء اللاهوت تقليدياً، بأقصى دِقَّة ممكنة، إلى تحديد كيف أن كمالاتِ اللهِ، غير المحدودة، والسرمديّة، وغير المتغيرة، هي قابلة للمُشاركة.

الإجراءات: 

إن واحدًا من أعظمِ التحدياتِ التي تُواجهُ علماءَ اللاهوتِ النظاميِّ هو أنَّ التعاليمَ الكتابيةَ عن صفاتِ اللهِ مبعثرةً في جميعِ أنحاءِ الكتابِ المقدسِ. فإن الكتابَ المقدسَ لا يقدمُ لنا على الإطلاقِ قائمةً كاملةً ورسميّةً لصفاتِ اللهِ، وهُوَ لا يقومُ قطُّ بتعريفِها أو شرحِها على نحوٍ منهجيٍّ. وهكذا، ولكي يتممَ علماءُ اللاهوتِ النظاميِّ مهمتَهُم، كان عليهِم تمييزُ هذه الصُّورِ والألوانِ المتنوعةِ، وتركيبِها وتجميعِها إلى لوحاتٍ مركبةٍ، أو نوافذَ ذاتِ زُجاجٍ ملونٍ إن جازَ التعبيرُ. من ثَمَّ تمنحُنا هذه "النوافذُ" مفاهيمًا مترابطةً منطقيًّا بشأنِ صفاتِ اللهِ القابلةِ للمشاركةِ. ولكي يُنشيءَ علماءُ اللاهوتِ النظاميِّ هذه التركيباتِ، استخدموا بعضَ الإجراءات.

1) المصطلحات التقنية: 

تَستخدمُ الأسفارُ المقدسةُ مُتَّسعًا منَ المفرداتِ للإشارةِ إلى كمالاتِ اللهِ القابلةِ للمشاركةِ. وفي الحقيقةِ، عادةً ما استخدمَ كتبةُ الكتابِ المقدسِ تعبيراتٍ مختلفةٍ للإشارةِ إلى المفاهيمِ عينِها. كما استخدموا أيضًا المصطلحاتِ ذاتِها في نصوصٍ مختلفةٍ للإشارةِ إلى مفاهيمٍ مختلفةٍ.

وهكذا، ولكي يُنشئَ علماءُ اللاهوتِ تركيباتٍ وتوليفاتٍ أمينةً من التعاليمِ الكتابيةِ عن صفاتِ اللهِ، قاموا بتبني مصطلحاتٍ تقنيةً. بمعنًى آخرَ، هم اختاروا أن يستخدِموا تعبيراتٍ معينةً، ونسبوا لهذه التعبيراتِ معانٍ خاصةً. وفي حالِ استخدمَ كلُّ عالمِ لاهوتٍ نظاميٍّ المصطلحاتِ التقنيةَ ذاتِها بالطرق ذاتِها تمامًا، لكانتِ المباحثاتُ الأكاديميةُ عن صفاتِ اللهِ القابلةِ للمشاركةِ تصيرُ أبسطَ بكثيرٍ. لكن هذا ليس هو الحالُ. على سبيلِ المثالِ، تحدَّثَ بعضُ عُلماءِ اللاهوتِ عن "حكمةِ" اللهِ باعتبارِها قِسمًا واسعًا يشملُ "معرفةَ" اللهِ. لكنَّ لاهوتيينَ آخرينَ أصرُّوا على التفرقةِ التامةِ بين "حكمةِ" اللهِ و"معرفتِهِ". وبطريقةٍ مماثلةٍ، أشار بعضُ علماءِ اللاهوتِ إلى "صلاحِ" اللهِ باعتبارِهِ قسمًا واسعًا. وشمِلوا بداخلِهِ ما تُعلمُهُ الأسفارُ المقدسةُ عن "نعمةِ" اللهِ، و"رحمتِهِ"، و"محبتِهِ"، ومصطلحاتٍ أخرى ذاتِ صلةٍ بها باعتبارِها تعبيراتٍ تعبرُ عن صلاحِهِ. لكن بعضَ علماءِ اللاهوتِ الآخرينَ قاموا بتعريفِ صلاحِ اللهِ، ونعمتِهِ، ورحمتِهِ، ومحبتِهِ بطرائقَ محددةٍ للغايةِ.

لهذه الأسبابِ وأسبابٍ مشابهةٍ، من الهامِّ دائمًا ألا نقلقَ بصورةٍ تزيدُ عنِ الحدِّ بشأنِ الكلماتِ المحددةِ التي يختارُ علماءُ اللاهوتِ النظاميِّ استخدامَها. فإن غرضَ اللاهوتِ النظاميِّ الإنجيليِّ هو أن يوجزَ بأمانةٍ المفاهيمَ الموجودةَ في الكتابِ المقدسِ، وليس محاكاةُ مفرداتِ الكتابِ المقدسِ المختلفةِ. ويمكنُ التعبيرُ عنِ المفاهيمِ الكتابيةِ عنِ اللهِ بمختلفِ المصطلحاتِ التقْنيةِ.

2) التصريحات اللاهوتية: 

تُعدُّ التصريحاتُ اللاهوتيةُ أحجارَ البِناءِ الرئيسيةَ لكلِّ جانبٍ من جوانبِ اللاهوتِ النظاميِّ. وبوجهٍ عامٍّ، التصريحُ اللاهوتيُّ هو عِبارةٌ تؤكدُ بصورةٍ مباشرةٍ بقدرِ الإمكانِ طرحًا لاهوتيًا واقعيًّا واحدًا على الأقلِ. يبدو هذا التناوُلُ المباشرُ والصريحُ لصفاتِ اللهِ القابلةِ للمشاركةِ بسيطًا بما يكفي، ولكن تُعلنُ الأسفارُ المقدسةُ صفاتِ اللهِ القابلةِ للمشاركةِ بعدةِ أساليبَ أدبيةٍ مختلفةٍ مثلَ: القصةِ، والشعرِ، والشريعةِ، والنبوةِ، والرسائلِ، وما إلى ذلكَ. وكلُّ أُسلوبٍ من هذه الأساليبِ الأدبيةِ له طرائقُ مختلفةٌ للتعبيرِ عن حقائقٍ عنِ اللهِ. وهكذا، فلِكَي يقدمُ علماءُ اللاهوتِ النظاميِّ هذه التعاليمَ الكتابيةَ بصورةٍ متماسكةٍ منطقيًا، كان عليهِم استخلاصُ تصريحاتٍ لاهوتيةٍ من كلِّ أُسلوبٍ أدبيٍّ كتابيٍّ.

لا تُلائِمُ جميعُ النصوصُ الكتابيةُ اللاهوتَ النظاميَّ المنهجيَّ بهذه السَّهولةِ. فحينَ نتعاملُ مع القصصِ الكتابيةِ، يمكنُنا في كثيرٍ من الأحيانِ أن نستخلصَ عدةَ عِباراتٍ تصريحيةٍ مختلفةٍ من القصةِ ذاتِها. على سبيلِ المثالِ، تُبينُ قصةُ الخلقِ في سفرِ التكوينِ 2 أن "اللهَ قديرٌ"، وأن "اللهَ حكيمٌ"، وأن "اللهَ صالحٌ". أما قصةُ سدومَ وعمورةٍ في سفرِ التكوينِ 9، فهي تُبيّنُ أن "اللهَ قدوسٌ"، وأن "اللهَ رحيمٌ" وأن "اللهَ عادلٌ". فكلُّ قصةٌ كتابيةٌ قد أتاحتْ لعلماءِ اللاهوتِ النظاميِّ فُرصًا لاستخلاصِ تصريحاتٍ مختلفةٍ عن صفاتِ اللهِ القابلةِ للمشاركةِ.

كما نرى أيضًا صفاتِ اللهِ القابلةِ للمشاركةِ في مواضعٍ اعتمدَ فيها الكتابُ المقدسُ بشدةٍ على الصُّورِ البلاغيّةِ مثلَ الاستعاراتِ، والتشبيهاتِ، والمقارناتِ. وهذا يَظهرُ بصورةٍ خاصةٍ في الشعرِ الكتابيِّ. على سبيلِ المثالِ، تتحدثُ نصوصٌ شعريةٌ مثلُ المزمورِ 89: 26، ونصوصٌ نبويةٌ مثلُ سفرِ إشعياءَ 64: 8، عنِ اللهِ باعتبارِهِ "أبًا" – وهي صورةٌ تخبرُنا بعدةِ أشياءٍ مختلفةٍ عنِ اللهِ. لكن بدلًا من استخدامِ علماءِ اللاهوتِ النظاميِّ لهذه الصورةِ المتشعبةِ عنِ اللهِ باعتبارِهِ "أبًا"، كانوا أكثرَ ميلًا لتصريحاتٍ مباشرةٍ وصريحةٍ مثلَ "اللهِ صالحٌ".

كما تُصوّرُ نصوصٌ شعريةٌ مثلُ المزمورِ 24: 8 وسفرِ الخروجِ 15: 3، بالإضافةِ إلى نصوصٍ قصصيةٍ مثلَ سفرِ يشوعَ 23: 10 اللهَ باعتبارِهِ محاربًا. إلا أن علماءَ اللاهوتِ النظاميِّ عادةً ما قاموا بتضييقِ بؤرةِ تركيزِهِم إلى تصريحٍ مثلَ "اللهُ قويٌّ". وبِناءً على نُصوصٍ شعريةٍ مثلَ المزمورِ 118: 27، 1 يوحنا 1: 5، يمكنُنا أن نقولَ إن "اللهَ نورٌ". لكن علماءَ اللاهوتِ النظاميِّ كانوا أكثر ميلًا لترجمةِ هذه الاستعارةِ إلى تصريحٍ مثلَ "اللهُ طاهرٌ أدبيًا".

يمكنُنا أن نرى أن صورًا تشبيهيةً كهذه تُعلنُ أن اللهَ مثلَ خليقتِهِ. ومن عدةِ نواحٍ، يُعدُّ استخدامُ اللغةِ المجازيةِ إثراءً لدراساتِنا لصفاتِ اللهِ القابلةِ للمشاركةِ. لكن كان علماءُ اللاهوتِ النظاميِّ أكثرَ تركيزًا على تقديمِ هذه الحقائقِ عينِها عنِ اللهِ في صورةِ تصريحاتٍ لاهوتيةٍ صريحةٍ ومباشرةٍ. وبهذا، استطاعوا تكوينَ تعاليمَ مترابطةٍ منطقيًا عن صفاتِ اللهِ القابلةِ للمشاركةِ.

يوم 16يوم 18

عن هذه الخطة

نؤمن بالله

من هو الله؟ ما هي صفاته؟ خطته الأزليّة؟ أعماله في التاريخ؟ على  المستوى الأساسي، أُعطيت الأسفار المقدسة لنا لتعلّمنا عن الله وعمّا عمله  من أجلنا. في الواقع، إن معرفة الله هي ضرورية لنا لكي نفهم أنفسنا  وعالمنا. ولهذا ندرس ما يدعوه علماء اللاهوت بعقيدة الله، أو العقيدة عن  الله. من خلال خطة القراءات هذه نتعرّف على منهجيّة منظمة لتمييز صفات الله كما ندرس خطة الله وأعماله، وخاصة أحكامه، خليقته، وعنايته.

More

نود أن نشكر خدمات الألفية الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة: http://arabic.thirdmill.org/seminary/course.asp/vs/god