نؤمن باللهعينة
اليوم 16: الأسس الكتابية (وجهات النظر عن البشرية)
تشهد الأسفار المقدسة أن الخليقة بوجهٍ عام تُشبه الله من عدة جوانب. ويمكنُنا أن نتعلّم الكثير عن الله بالدراسة المُدقِّقة لخليقتِهِ. لكن تشير هذه الأسفار أيضًا أنه يمكنُنا أن نتعلّم أكثر عن الله بالتأمل بصورة خاصة في البشر. فقد منحَ الله البشر، أكثر مِن أي جزء آخر من الخليقة، شرف أن يكونوا أكثر مُشابهةً لهُ. وهذا التشابه يضع أساسًا كتابيًا راسخًا لدراسة كمالاتِ اللهِ القابلة للمُشاركة.
لقد زادَ العِلمُ الحديثُ من درايتِنا بمدَى اتساعِ الكونِ. وهكذا يصيرُ من السهلِ الحطُّ من شأنِ البشرِ. فإننا لسنا سِوى نقاطًا ضئيلةَ الحجمِ على كوكبِنا. وهذا الكوكبُ لا يزيدُ عن كونِهِ بُقعةً زرقاءَ في مجموعتِنا الشمسيةِ. كما أن هذه المجموعةَ الشمسيةَ هي جزءٌ ضئيلٌ للغايةِ من مَجَرَّتِنا. وتُوجدُ مَجراتٌ فضائيةٌ ضخمةٌ لا حصرَ لها في جميعِ أنحاءِ الكونِ. ولهذا السببِ، قد يبدو أن البشرَ أقلُّ بكثيرٍ من أن يسترعُوا انتباهَنا حين نرغبُ في التعلُّمِ عنِ اللهِ. لكن بقدرِ ضآلتِنا، إلا أن الكتابَ المقدسَ يُعلِّمُ بأن البشرَ، في واقعِ الأمرِ، هم تاجُ خليقةِ اللهِ. قد تبدو البشريةُ صغيرةً وعديمةَ الأهميةِ أمامَ السماواتِ. لكن على الرغمِ مما يبدو، فإنَّ اللهَ خلقَنا بالفعلِ "قَلِيلًا عَنِ الْمَلاَئِكَةِ" و"بمجدٍ وبهاءٍ كللَنا" (مزمور 8: 3-5).
كما أوضحَ كاتبُ رسالةِ العبرانيينَ في رسالةِ العبرانيينَ 2: 5-9، حتى وُجودَ البشريةِ في مرتبةٍ أدنى من الملائكةِ هو أمرٌ وقتيٌّ. فحينَ يأتي المسيحُ ثانيةً في المجدِ، سيتمجدُ البشرُ الذين تبعوهُ فوق أسمى المخلوقاتِ والكائناتِ الروحيةِ. يُقرُّ الكتابُ المقدسُ لأولِ مرةٍ بمكانةِ البشرِ الخاصةِ حينَ قالَ اللهُ: نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا (التكوين 1: 26). وكما نرى هُنا، فإن البشرَ، تميُّزًا عن أيِّ مخلوقٍ آخرَ، هُم صورةُ اللهِ وشبهُهُ. إن التعبيرَينِ "صورةَ" و"شَبَهَ" يؤكدانِ على أن البشرَ يُشبهونَ اللهَ أكثرَ من أيِّ جانبٍ أخرَ منَ الخليقةِ. فقد خلَقَ اللهُ البشرَ كشَبَهِهِ حتى يخدِمُوهُ كممثلينَ عنهُ في رُتبةٍ ملكيّةٍ وكهنوتيّةٍ، بأن يملأوا الأرضَ ويُخضعوها لأجلِ مجدِهِ. وفي البدءِ، كان أبوانا الأولانِ دونَ عيبٍ. ولكن لاحقًا، أفسدتِ الخطيةُ والتمردُ على اللهِ كلَّ جانبٍ من جوانبِ الكِيانِ البشريِّ. لكن نصوصًا مثلَ سفرِ التكوينِ 9: 6 ورسالةِ يعقوبَ 3: 9 تُشيرُ إلى أنَّ البشرَ الخطاةَ والمتمردينَ لا يزالونَ في كرامةِ كونِهِم صورةَ اللهِ وشبهَهُ. والأكثرُ مِن هذا، أن اللهَ يدعو الرجالَ والنساءَ الذين فداهمُ المسيحُ، مؤهِّلًا إيّاهم كي يرجعوا عن خطاياهِم ويتجدّدوا ثانيةً إلى شبهِهِ (أفسس 4: 22-24).
لأن البشرَ هُم صورةُ اللهِ وشبهُهُ، فإن الأسفارَ المقدسةَ تُعلنُ كثيرًا مَن هو اللهُ من خلالِ تشبيهِهِ بهِم. ومن بعضِ الأمثلةِ على هذا أن نصوصًا مثلَ إنجيلِ متى 7: 11 تُشيرُ إلى اللهِ بأنه أبٌ، وتُشبهُهُ بالآباءِ البشريينَ. وتُشبِّهُ نصوصٌ مثلُ سفرِ إشعياءَ 5: 1-7 وإنجيلِ يوحنا 15: 1 اللهَ بالكرّامِ. كما يُوصَفُ اللهُ بأنه ملكٌ في مواضعِ مثلَ سفرِ العددِ 23: 21 ورسالةِ 1 تيموثاوسَ 1: 17. ويُشبَّهُ اللهُ بالراعي في مواضعٍ مثلَ سفرِ التكوينِ 48: 15 ورسالةِ العبرانيينَ 13: 20. ويُشبَّهُ اللهُ بالزوجِ في نُصوصٍ مثلَ سفرِ إشعياءَ 54: 5، وهكذا تطولُ القائمةُ. بالطبعِ تُذكِّرُنا طريقةُ التسامي بأن اللهَ يسمو على أيِّ أبٍ، أو كرّامٍ، أو ملكٍ، أو راعٍ، أو زوجٍ من البشرِ. لكنَّ هذه التشبيهاتِ وتشبيهاتٍ أخرى لا حصرَ لها تُظهرُ أننا يمكنُ أن نتعلّمَ الكثيرَ عنِ اللهِ من خلالِ فهمِنا للبشرِ.
على مدارِ تاريخِ الكنيسةِ، تحدَّثَ عُلماءُ اللاهوتِ المسيحيونَ عن نواحٍ مختلفةٍ لمُشابهةِ البشرِ للهِ. لكنهُم، بوجهٍ عامٍّ، قاموا بالتركيزِ على ثلاثِ سماتٍ بشريّةٍ رئيسيّةٍ.
1) السمة الفكريّة للبشر:
على الرغمِ من أن سقوطَنا في الخطيةِ قد أفسدَ أذهانَنا، إلا أننا لا زِلنا أسمى فكريًا من المخلوقاتِ الأرضيّةِ الأخرى. بالتأكيدِ يُعدُ فكرُ اللهِ أعلى وأعظمَ من الفكرِ البشريِّ بكثيرٍ، إلا أن إمكانياتِنا الفكريّةَ كمخلوقاتٍ لا زالت تجعلُنا نتشابهُ مع اللهِ. ويخبرُنا الكتابُ المقدسُ بطرائقَ كثيرةٍ بأن اللهَ يفكُّر، ويخطّطُ، ويعقِلُ الأمورَ، مثلَنا بدرجةٍ كبيرةٍ.
2) السمة الإراديّة للبشر:
أي حقيقةِ أن اللهَ وهبَنا إرادةً إنسانيّةً. أيضًا نقولُ إن الخطيةَ أفسدتِ الإرادةَ الإنسانيّةَ. لكن اللهَ وهبَنا إمكانيةَ الاختيارِ، على خلافِ الصخورِ أو أيِّ شيءٍ آخرَ غيرِ عاقلٍ. نعلمُ بالطبعِ أن إرادةَ اللهِ أسمى من الإرادةِ الإنسانيّةِ بدرجةٍ كبيرةٍ، لكن قدرتَنا على ممارسةِ إرادتِنا لا تزالُ تجعلُنا نتشابهُ مع اللهِ.
3) السمة الأدبيّة للبشر:
إن أفكارَنا وخياراتِنا، على خلافِ أيِّ مخلوقٍ ماديٍّ آخرَ، تحملُ سماتٍ أدبيّةً. وتُعدُّ السمةُ الأدبيّةُ للهِ كاملةً تمامًا، وهكذا، فهِيَ أسمى من أيِّ شيءٍ يمكنُنا بلوغُهُ على الإطلاقِ. لكن مع هذا، فإن البشرَ، مع الملائكةِ والشياطينَ، يتحمّلونَ مسئوليّةَ السماتِ الأدبيةِ لاختياراتِهِم.
الكلمة
عن هذه الخطة
من هو الله؟ ما هي صفاته؟ خطته الأزليّة؟ أعماله في التاريخ؟ على المستوى الأساسي، أُعطيت الأسفار المقدسة لنا لتعلّمنا عن الله وعمّا عمله من أجلنا. في الواقع، إن معرفة الله هي ضرورية لنا لكي نفهم أنفسنا وعالمنا. ولهذا ندرس ما يدعوه علماء اللاهوت بعقيدة الله، أو العقيدة عن الله. من خلال خطة القراءات هذه نتعرّف على منهجيّة منظمة لتمييز صفات الله كما ندرس خطة الله وأعماله، وخاصة أحكامه، خليقته، وعنايته.
More
نود أن نشكر خدمات الألفية الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة: http://arabic.thirdmill.org/seminary/course.asp/vs/god