(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

شرح النص

مع الإصحاح 44 تصل هذه الوحدة التي تدور حول التفاعل بين يوسف وإخوته وتأثير وصول يوسف إلى السلطة في مصر على علاقته بإخوته إلى المرحلة المفصلية فيها، والتي ترسم نهايتها وتترك القارئ بانتظار ما ستؤول إليه الأمور بعد أن تصل إلى نقطة اللا عودة. ويبدأ هذا الإصحاح مع تنفيذ يوسف للمرحلة الأخيرة من خطته وذلك عن طريق إعادة الفضة مرة أخرى لإخوته (انظر 42 : 25( ولكن هذه المرة مع وضع كأسه الخاص والمميز في عدل أخيه بنيامين.

ودعونا نشير هنا إلى أن الإشارة إلى الكأس الذي يرى فيه الغيب أو يتطير هي إشارة إلى أمر والمستقبل، وهو أمر لا يزال شائعًا في مجتمعاتنا الشرق أوسطية حتى يومنا هذا.في نفس الوقت، يتضمن النص إشارة واضحة إلى مفهوم المجازاة الذي يسيطر على علاقاتنا البشرية وكثيرًا ما نسقطه على علاقتنا بالله. حيث يسأل وكيل يوسف إخوة سيده عن سبب مكافأتهم للخير بالشر (44 : 4). وحيث يعلن لهم أن من سرق الكأس هو وحده من يجب أن يعاقب (آ 10). من جهة أخرى، يتبنى إخوة يوسف موقفًا شائعًا في مجتمعاتنا حتى يومنا هذا وهو مفهوم المسؤولية الجماعية، حيث يعلنون استعدادهم جميعًا لتحمل مسؤولية سرقة الكأس في حال قيام أحدهم بذلك (آ 9). وينتهي هذا الجزء من النص مع حصول أسوأ المخاوف، وهو ايجاد الكأس في عدل بنيامين مع ما يعنيه ذلك من تعقيدات ومشاكل (آ 12).

تأمل في النص

يتضمن الجزء الأول من الإصحاح الأخير (تك 44 : 1– 12) في الوحدة المتعلقة بتأثير السلطة على علاقة يوسف بإخوته (تك 42 – 44)، العديد من الإشارات الهامة لعدد من المفاهيم التي كانت ولا زالت شائعة في مجتمعاتنا الشرق أوسطية، كمفهوم التطير وقراءة المستقبل والغيب، مفهوم المجازاة (الثواب والعقاب)، ومفهوم المسؤولية الجماعية وتعاضد الجماعة. هذه الإشارة تضعنا في مواجهة أسئلة صعبة حول واقع مجتماعاتنا المعاصرة والتي لا تزال غارقة في مفاهيم غارقة في القدم وحول تأثير إيماننا على مفاهيم مجتمعاتنا وقدرتنا على تحدي تلك المفاهيم في ضوء إيماننا أو قيامنا على العكس من ذلك بإخضاع إيماننا للمفاهيم السائدة في المجتمع الذي نعيش فيه.

الفكرة الرئيسة

لا تزال مجتمعاتنا غارقة في مفاهيم مغرقة في القدم تسيطر عليها وتضع التزامنا بإيماننا الذي يجب أن يتحدى مفاهيم مجتمعاتنا عوضًا عن أن يخضع لها موضع تساؤل وتحدي.

صلاة

نعترف أمامك يا ربنا بأننا كثيرًا ما نسقط ونساوم ونخضع إيماننا للمفاهيم السائدة حولنا، ونسألك بأن تعين ضعف إيماننا لنعيش كما يليق بمن يحملون اسمك ورسالة ملكوتك.

خذ قرارًا لهذا اليوم