(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

شرح النص

الصلاة هي علاقة حب وارتباط بالله لذلك هي عمل حرّ. إنّها صلة متينة مع الله لتوطيد العلاقة به، وإلّا تحوّلت إلى مجرّد حركات خارجيّة، فارغة من أي معنى.

للصلاة ركائز ثلاثة: أوّلًا أن تكون بعيدًا عن عيون الناس؛ وثانيًا أن لا تقوم على كثرة الكلام؛ وثالثًا أن تتمّ في الخفية.

 يدعو يسوع الإنسان المصلّي إلى الدخول إلى حجرته، أي إلى الغوص في حقيقة ذاته وعمق نواياه بعيدًا عن الناس. ثمّ يدعوه إلى إقفال الباب أي إلى القليل من تحضير الذات بالهدوء الداخليّ قبل لقاء الله، بحيث يوّحد أفكاره عن التشتّت وضوضاء الحياة اليوميّة المثقلة بالهموم. فمن يصلّي لكي يراه الآخرون إنّما هو مهتمّ بنظراتهم، وكأنّه وثنيّ منهمك بإرضاء عدّة آلهة فيما المهمّ الأوحد هو نظرة الله وحده. يريد الرب أن يكون كيان الإنسان بكليّته مصلّيًا أي منسكبًا فيه وفي حالة لقاء معه. فالإنسان لا يصلّي ليفرض على الله ما يريد فتكون صلاته تجارة؛ ولا يصلّي فقط لأنّه بحاجة إلى عطيّة من الله؛ كما أنّه لا يصلّي لكي يكشف لله ما يجهله الله لأنّ كلّ الزمن تحت أنظاره منذ البدء إلى منتهى الدهور...

تأمل في النص

إنّ الإنسان يصلّي لأنّ الصلاة هي علاقة ثقة بالرب واستسلام لمشيئته. فيسمح لله أن يدخل حياته ليقودها ويغيّر فيها إلى الأفضل. الله يرى، ونظرته هي حضور المحبّة اللامتناهية.

الله هو من يعرف الإنسان "في الخفاء" أي في ظلمة الإيمان؛ في ظروف الألم واليأس والفراغ والإحساس بالتخلّي. في "الخفاء" يحثّنا على الثقة به، والإيمان بأنّه يرعانا فنضع ذواتنا الضعيفة بين يديه، متأكّدين بأنّه معنا، حتى ولو لم تتوضّح لبصيرتنا مفاعيل إيماننا هذا.

ليست الصلاة للطلب فقط بل للطلب والتمجيد والشكر والاستغفار وإعلان محبّتنا لمن أحبّنا. إنّها اّتصال مع الله ينمو يومًا بعد يوم لتصبح الحياة هي المسيح وليحيا هو فينا.

الفكرة الرئيسة

إنّ الرب الذي يرافقنا على طريق حياتنا الإنسانيّة، يدرك هشاشة طبيعتنا، فيدعونا إلى الصلاة، أي إلى "صلة" تضعنا تحت نظرته العطوفة المحبّة التي تغذّي أجسادنا والأرواح.

صلاة

يا رب، يا من ترى في الخفية، اجعلني أدرك أنّك غير محتاج إلى كثرة كلامي لكي تصغي لأنّك عارف بكلّ حاجاتي. اجعلني أدرك أنّك غير محتاج لكثرة كلامي لكي تنحني على جراحاتي وآلامي فقد جُرحتَ لأجل معاصيَّ. علّمني أن تكون صلاتي صلة وثيقة بك يا نبع الحياة. آمين.

خذ قرارًا لهذا اليوم