(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

شرح النص

في الفصل السادس من إنجيل متى يتناول الرب كيفيّة ممارستنا الإيمانيّة في حياتنا اليوميّة، ويرسي أركانها الثلاثة: الصدقة والصلاة والصوم. تنطلق هذه الممارسات من مبدأ واحد هو الإيمان، أي من الارتباط الداخليّ العميق بالله، فتكون التصرّفات برهانًا عن علاقة الصداقة الكيانيّة التي تجعل من الإنسان انعكاسًا لصورة الرب.

أولى هذه الأركان هي الصدقة أو بالأحرى المشاركة في الخيرات. لممارسة الصدقة، يطلب يسوع أولًا عدم تبجّح الإنسان في إبراز ما يقوم به من أعمال محبّة، لكي يكون بمرأى من الله وحده، ولا يتحوّل العمل إلى إعلان وإعلام وافتخار أمام البشر. إنّ ما يهمّ الرب هو النيّة!

ويطلب الرب ثانيًا أن يكون العطاء متجدّدًا. فأن لا تعرف اليد الشمال ما تعمل اليد اليمين، هو أن يبتعد المعطي عن اعتداده بنفسه وبميزاته الشخصيّة، واعتبار العطاء واجبًا دائمًا.

ويطلب ثالثًا أن يكون العطاء "في الخفية"، وليس تجارة وكبرياء. الصدقة المسيحيّة هي تجرّد عن الذات حتى التلاشي، والتعلّق بالله وحده الذي يرى جوهر الإنسان.

تأمل في النص

إذا كان الدافع للعطاء مجرّد عمل اجتماعي يؤدّي بالُمعطي إلى نيل مجد الناس ومديحهم، تفقد الصدقة جوهرها الإيماني وتتحوّل إلى تجارة فيخسر الإنسان أجره الإلهيّ. 

وإن كان الدافع إظهار الذات وإشباع الكبرياء الشخصيّة، فعطاؤه هو أبعد ما يكون عن المشاركة بما يفيضه الله عليه من خيراته، وعن أن يكون ثمرة العلاقة الإيمانيّة بالله.

وإن كان فرح الإنسان يقوم على تقييم الناس له، أو على تقييمه لنفسه فعطاؤه سيبقى غير قادر على تأمين مكافأة الله الذي "يرى في الخفية ".

الفكرة الرئيسة

باطن الإنسان مكشوف لله، وهو المكان الذي فيه تختمر العلاقة الإيمانيّة بالرب لتثمر عطاءً مجّانيًا لا يبغي مقابله إلا رضى الله.

صلاة

أعطني يا رب نعمة التجرّد عن كلّ حبّ للمظاهر، وعن كلّ كبرياء. ساعدني لكي أشارك الناس في مواهبي وفي مقدّراتي الذاتيّة الماديّة لأكون على مثالك بالبذل والعطاء. آمين.

خذ قرارًا لهذا اليوم