مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثعينة

نـهاية الاحتلال(إشعيا9: 3-4)

~النص البيبلي~

3لأنَّ النِّيرَ الّذي أثقَلَهُم والخشَبَةَ الّتي بينَ أكتافِهِم كسَّرتَها معَ قضيبِ مُسخِّريهِم كما في يومِ مِديانَ‌.4نِعالُ العدُوِّ في المعركةِ، معَ كُلِّ ثوبٍ مُلطَّخٍ بالدِّماءِ، أحرَقتَها مأكلاً للنَّارِ.‌

~شرح النص~

تشكّل هذه الآيات الجزء الثاني من قصيدة إشعيا(إشعيا9: 1–6).يمكننا أن نخال المنفيّين بحالةٍ يُرثى لها، إذ هم مكبَّلون بالقيود، يئنّون تحت وزر أمتعتهم، النساء يحملن الأطفال على أكتافهنّ أو على أذرعهنّ، في حين أنّ الجنود الذين عُهدت إليهم الحراسة يحملون السوط لضربـهم.

تتراكم في آية واحدة ثلاث إستعارات لتشير إلى عبء الحِمل الذي أصبح الشعب ينوء تحت وطأته.تدلّ لفظتا النّير والعصا على جَور المحتلّ وقد كان يلجأ إليهما هذا الأخير ليجعل الشعب المنهزم يعمل بسخرةوكأنّه فَقَدَ شيئًا من إنسانيّته، فالنير والعصا يُستعملان للحيوان وليس للإنسان.كما يُشيران إلى ثقل الحِمل الناتج عن إرتفاع الضرائب التي يفرضها المحتلّ الطاغي.هذا ويبدو ضرب المساجين بالعصا بارزًا في النقوش الأشّوريّة، كما يرد تعبير“جرّ النّير”في تقارير إنتصارات ملوك أشّور.ولكن، بقدر ما يثقل النّير وتشتدّ وطأة العصا ويقسو قضيب المسخّر، بالقدر عينه يأتي الانتصار الذي هو بمثابة الانتصار المحقَّق يوم مِدْيَن حيث أجرى الله بواسطة جدعون خلاصًا باهرًا لشعبه من أعدائهم، إذ بـهرهم بنور المشاعل التي يحملها رجاله(قضاة7: 1–25)، هذا النور الساطع يبدو أنّه يُنبئ بذاك النور الذي سيفيضه الربّ على أسرى الجليل.

بعد تحقيق الانتصار يأتي توطيد السلام.فكلّ ما يمتّ الى الحرب بصلة من أحذية عسكريّة وأثواب ملطّخة بالدماء عليها أن تُرمى في النار، لأنّه لن يكون لها من حاجة في ما بعد إذ يدخل الشعب في حقبة سلام كاملة، كما يمكن أن نفسّر إلقاء الأحذية التي تُحدث جلبة والأثواب الملطّخة بالدماء، بالغنيمة التي يتركها عسكرٌ يفرُّ هاربًا، هذه الغنيمة يجب أن تكرَّس لله، هو الذي يحقّق الانتصار.

~تأمل في النص~

يلفتنا أنّ الربّ يُنصر شعبه من دون أن يلجأ إلى العنف ضدّ أعدائه، فهو يكتفي بأن يبهرهم بنوره، هنا يكمن سبب الابتهاج العظيم لأنّ الربّ قد أجرى نجاة كبيرة، من دون أن يُجري أيّ خسارة في الأرواح.

~الفكرة الرئيسة~

يَذكُر النصّ الانتصار الذي تمّ في مديَن بسبب المقاربات التي تجمعه مع نصّ إشعيا،ففي كلتا الحالتين يُسلَم الشعب إلى أيديّ غزاة يفوقونـهم عدّة وعتادًا.المفاجأة أنّه سينتصر،ولكن انتصاره يعود إلى تدخّل الربّ،وليس بقواه البشريّة.

~صلاة~

يا ربّ، لقد كسّرتَ الخشبة التي بين أكتاف المنفيّين ولكنّك حملتَ، حتّى الرمق الأخير، خشبة الذلّ والهوان المثقلة بخطاياي، لتخلّصني.فكيف يمكنني أن أشكرك؟!

~قرار اليوم~