مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثعينة

كبرياء ملك أشّور(إشعيا10: 8-12)

~النص البيبلي~

8وقالوا: “أمَا جميعُ قادَتِنا مُلوكٌ9وكَلْنو‌مِثلُ كَركَميشَ؟ أمَا حماةُ مِثلُ أرفادَ، والسَّامِرةُ مِثلُ دِمشقَ؟10ما ا‏ستَولَت أيدينا على مَمالِكَ تعبُدُ الأوثانَ وتَماثيلُها أعظَمُ مِمَّا لأُورُشليمَ والسَّامِرةِ؟11وكما فعَلْنا بالسَّامِرةِ وأوثانِـها، أفلا نفعَلُ بأُورُشليمَ وأصنامِها‌؟”12وبَعدَ أنْ يُكمِلَ الرّبُّ جميعَ عمَلِهِ في جبَلِ صِهيَونَ وفي أُورُشليمَ، يُحاسِبُ ملِكَ أشُّورَ على عاقِبةِ الكِبرياءِ في قلبِهِ والافتِخارِ في عينَيهِ الطَّامِحَتَينِ.

~شرح النص~

تاريخيًّا، نحن في فترة ما بين744و681ق.م.، زمن تعاقب انتصارات أربعة ملوك أشّوريّين على الحكم:تغلث فلاسر، شلمناصر الخامس، سرجون الثاني، وسنحاريب.لقد تمكّنوا من الاستيلاء على عدّة مدن وتدميرها، ممّا جعل منهم آنذاك القوّة العظمى الوحيدة في الشرق الأوسط.أمّا الـمَلك الذي يدور حوله نصّنا فالمقصود به سنحاريب الذي توقّف اجتياحه عند أبواب أورشليم سنة701ق.م.

أن يضع النصّ القادة العسكريّين في مستوى الملوك، يفتح المجال لطرح سؤالَين:هل المقصود به أن يعطي هؤلاء القادة المعنويّات لشنّ الحروب، أم بالأحرى يودّ أن يقول إنّ ملك أشّور هو ملك الملوك؟

يكتفي الملك الأشّوريّ بأن يطرح أسئلة حول الانتصارات التي حازها إبّان غزواته العسكريّة التي أقامها على كلٍّ من كلنو وكركميش وحماة وأرفاد والسامرة ودمشق، علمًا أنّ طريقة طرحه للأسئلة التي لا مجال للشكّ بالأجوبة عليها هي نوع من الاستعمال البلاغيّ، بـهدف التركيز على انجازاته والمبالغة في تقديره لذاته وشعوره بالتفوّق على الآخرين.

وبعد أن عدّد المدن المنهزمة أمامه، ها هو ينال من آلهتها بما فيها أورشليم، ولكن تفاجئنا الآية12التي تقطع حديثه المتصلِّف، لتعلن عن تدخّل الربّ الخلاصيّ في تاريخ شعبه.

~تأمل في النص~

يَذكُرُ ملك أشّور أسماء ستّ مدن إحتلّها، والآن بقي له أن يحتلّ السابعة لكي يصل إلى رقم الكمال.فقد كان على يقين أنّه بإمكانه أن يثبّت إمبراطوريّة مترامية الأطراف، فيهيمن على التاريخ بماضيه وحاضره ومستقبله، ويصبح سيّد العالم.أمّا الوثائق التاريخيّة فتفيدنا أنّ سنحاريب، وبالرغم من تمكّنه من قمع التمرّد في سورية وفلسطين، عجز عن إحتلال أورشليم.كم إنّ التباين شاسع بين مطامع ملك أشّور الذي ينوي إجتياح أورشليم لتدميرها وتدخّل الربّ لافتقادها.

~الفكرة الرئيسة~

لقد بلغ تبجّح ملك أشّور بذاته وبانتصاراته مبلغ أن يتحدّى الربّ في عقر داره،ولم يرتدع من أن يضع أورشليم وإلهها بمستوى الآلهة الوثنيّة،ولكنّه نسي أنّه ليس سوى أداة في يد الربّ ليعاقب بـها شعبه الكافر.

~صلاة~

يا ربّ، في كلّ مرّة أُحرز فيها نجاحًا، إحمني من خطر الغرور ونجّني من خطيئة الاعتداد بالنفس، بل أخلق فيّ دائمًا الشوق لأن أشكرك على إنعاماتك اللّامتناهية.

~قرار اليوم~