مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثعينة

النَيل من ملك أشّور(إشعيا10: 13-15)

~النص البيبلي~

13فهوَ(ملك أشّور)الّذي كانَ يقولُ: “بقوَّةِ يدي عمِلتُ، وبحِكمَتي لأنِّي بصيرٌ فأزَلْتُ الحُدودَ بينَ الشُّعوبِ ونَهَبتُ كُنوزَهُم، وأنزَلْتُ بجَبَروتي جميعَ الجالِسينَ على العُروشِ،14وا‏ستَولَت يَدي على ثروَةِ الشُّعوبِ كأنَّما على عُشٍّ.وكمَنْ يجمَعُ البـيضَ المتروكَ في العُشِّ جمَعتُ الأرضَ بأسرِها، فما رَفَّ جناحٌ أوِ ا‏نفَتَحَ فَمٌ أو زَقزَقَ”.15أتفتَخِرُ الفأسُ على مَنْ يقطَعُ بها؟ أو يتكَبَّرُ المِنشارُ على مَنْ يُحرِّكُهُ؟ أيُحرِّكُ القضيبُ رافِعَهُ، أو ترفَعُ العصا حامِلَها؟

~شرح النص~

تكمّل الآية13خطاب ملك أشّور الذي بدأ في الآية8، وانقطع عند الآية12.نعاين هنا تحدّيه الواضح للربّ، إذ ينسب انتصاراته العسكريّة إلى قوّة يده هو، وإلى حكمته وبصيرته، وهذا ما يناقض ما ورد في الآية5من الفصل ذاته، بحيث تقتصر قيمته على كونه“قضيب غضب الربّ وعصا غيظه”ليس إلّا.

أمّا بالنسبة إلى التحدّي الثاني فيقوم على إزالته الحدود بين الشعوب.صحيح أنّ التقسيمات الجغرافيّة لم تكن محدّدة رسميًّا آنذاك، ولكن كانت توجد إتّفاقات حول التخوم تتمتّع بحماية إلهيّة، ومَن يخالفها تصيبه اللّعنة.

والتحدّي الثالث يقوم على نـهبه كنوز الشعوب، وفي هذا إشارة إلى الغنائم التي كان الغزاة يستولون عليها، فلم تكن السيطرة على المدن الآهلة بالسكّان مجرّد انتصار معنويّ وحسب، بل كانت مصدرًا لإنعاش اقتصاد الشعب الغازيّ، من باب دفع الجزية.ثمّ يبلغ تـهكّم ملك أشّور أقصاه حين يذكر أنّه حطّ الملوك عن عروشهم، من دون أن يلقى أيّة مقاومة من لدنـهم.

في الآية الأخيرة، يلجأ إشعيا إلى إعطاء قول حِكَمي من خلال استعمال أربع صور مجازيّة:فالفأس والمنشار والقضيب والعصا ليست سوى أدوات ميتة، ولا تصبح نافذة إلّا حين تكون بِيَدِ مَن يستعملها.

~تأمل في النص~

لقد كثُرَت“ملوك أشّور”التي تريد أن تستولي على ثروة الشعوب المغلوب على أمرها وتأسرها في عشٍ، لا بل تعمل على قصّ أجنحتها لتمنعها عن التحليق عاليًا، وتستنفد قواها لتجبرها على كبح أصواتـها فلا تعبّر عمّا يجول في خلدها.ولكن السؤال:كيف لم يُدرك هؤلاء أنّه حتّى العصفور الصغير يستميت في الدفاع عن بيض عشّه، فكم بالحريّ الانسان ذو الحريّة والكرامة؟

~الفكرة الرئيسة~

نستشفّ من كلام ملك أشّور أنّه كان يبغي تغيير تخوم الشعوب،وبالتالي تغيير نظام العالم بغية السيادة عليه،ولكنّه تغاضى عن كون الربّ خلق السماوات والأرض،وهو الذي“وضع حدود الأرض جميعها”(مزمور74:17).لقد انتفخ كثيرًا بعينيّ نفسه،ولكنّ الربّ وحده سيعيده إلى إدراك حجمه الطبيعي.

~صلاة~

هبني يا ربّ أن أذكر دائمًا أنّك مصدر نجاحي، جنّبني خطيئة الانتفاخ من الكبرياء، لأنّي بدونك لستُ سوى أداة ميتة لا تصلح لأيّ شيء.

~قرار اليوم~