مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثعينة

جذع يسّى(إشعيا11: 1-5)

~النص البيبلي~

11يخرُجُ فرعٌ مِنْ جِذعِ يَسَّى‌وينمو غُصنٌ مِنْ أُصولِهِ،2روحُ الرّبِّ ينزِلُ علَيهِ، روحُ الحِكمةِ والفَهْمِ والمَشورةِ روحُ القوَّةِ والمَعرفةِ والتَّقوى،3ويـبتَهِـجُ بمخافةِ الرّبِّ.لا يقضي بحسَبِ ما ترَى عيناهُ ولا يحكُمُ بحسَبِ سَماعِ أُذُنَيهِ،4بل يقضي للفُقراءِ بالعَدلِ ويُنصِفُ الظَّالِمينَ‌بكلامٍ كالعصا، ويُميتُ الأشرارَ بنَفخةٍ مِنْ شَفَتيهِ.5يكونُ العَدلُ حِزامًا لوَسطِهِ والحَقُّ مِئزَرًا حَولَ خَصرِهِ‌.

~شرح النص~

تتمحور هذه القصيدة حول“جذع يسّى”، ويسّى هو والد داود، وبالتالي هو جَدّ ملوك يهوذا.

ترسم لنا الآيات2–5صورة مثاليّة عن الملك الجديد، فيغدو كلّ تفصيل من ملامحه وكأنّه الصورة المعاكسة لحكّام شعبه(إشعيا5: 19–23؛10: 2)، وخاصّة المحتلّ الأشّوريّ(10: 5،13).ففي حين كان هذا الأخير يتباهى بأنّه سيجتاح العالم بقوّة حكمته وفطنته، بالمقابل، فإنّ سليل يسّى سيحصل عليها من يد الربّ(11: 2).وإذا كان ملك أشّور قد تخطّى مهمّته، أي أن يستخدمه الله بمثابة“قضيب غضبه وعصا غيظه” (10: 5)، فالملك الجديد“سينصف الظالمين بكلامٍ كالعصا” (11: 4).وعكس المشترعين شرائع الظلم والمسنّين قوانين الجَور(5: 23؛10: 2)سيتنبّه هو إلى حاجات الفقراء والمظلومين ليعيد إليهم حقوقهم(11: 3ب–5).أمّا حكمته وفهمه ومشورته فستكون بمثابة مزايا روح الله، وعلى طرف نقيض مع جهالة عظماء الشعب(5: 13)التي أودت بـهم إلى السبي، كما كانت سبب الموت جوعًا وعطشًا.

نجد تقاربًا بين القصيدة أعلاه وقصيدة“وُلد لنا ولدٌ” (9: 1–6)في ما يخصّ:مجيء زمن مجيد لشعب الله، بقيادة ملك داوديّ، يكون“مشيرًا إلهًا قديرًا” (9: 5)، هو صدى لـ”روح المشورة والقوّة” (11: 2)؛ فالنصّان مرتبطان ومتكاملان ويسيران نحو هدف واحد.

على“جذع يسّى”سيحلّ روح الربّ بملئه، لا بل سيستقرّ عليه بصورة دائمة، وهذا ما نراه في مواهبه السبع المذكورة، منها ما يؤازره في علاقته بالناس كموهبة الحكمة والمشورة والفهم والقوّة والمعرفة، ومنها ما يدعمه في علاقته بالله، كموهبة التقوى ومخافة الربّ.

~تأمل في النص~

بعد الأحداث المتكرّرة من الدمار والخراب والتي سبّبها عصيان الملوك وثقتهم العمياء بذواتـهم واعتمادهم على الأباطيل الزائفة، ها هو برعم يخترق هذا العالم ويَعِدُ بمستقبل زاهر.صحيح أنّه ظاهريًا يبدو نحيلاً إزاء الإمبراطوريّات والتحالفات البشريّة، ولكنّه صامد لن يتزعزع، لأنّ أغصانه تتغذّى من“السماء”، وعليه، سيصبح براعم واعدة للمستقبل.

~الفكرة الرئيسة~

يشكّل إشعيا11:1–5،النقيض لإشعيا5:19–21؛10:1–3،5–14،33–34،بحيث يتمتّع الملك الجديد بالصفات المعاكِسة جذريًّا لمن سبقه من ملوك فاشلين،ظالمين،متشامخين،ليسوا حكماء سوى في أعين أنفسهم(5:21)،وليسوا أبطالاً سوى في شُرب الخمر(5:22).

~صلاة~

إملك عليّ يا ملك السلام، واملأني من مواهب روحك القدّوس.

~قرار اليوم~