مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثعينة

إرسال إشعيا(إشعيا6: 5-8)

~النص البيبلي~

5فقُلتُ: “ويلٌ لي!هلَكتُ لأنِّي رجُلٌ دنِسُ الشَّفَتينِ ومُقيمٌ بَينَ شعبٍ دنِسِ الشِّفاهِ.فالّذي رأتْهُ عينايَ هوَ المـَلِكُ الرّبُّ القدير”.6فطارَ إليَّ أحدُ السَّرافيمِ وبـيَدِهِ جَمرَةٌ أخذَها بِمِلقَطٍ مِنَ المذبَحِ7ومَسَّ فمي وقالَ: “أُنظُرْ هذِهِ مَسَّت شَفَتيكَ، فأُزيلَ إثْمُكَ وكُفِّرَت خطيئتُكِ”.8وسَمِعتُ صوتَ الرّبِّ يقولُ: “مَنْ أُرسِلُ؟ مَنْ يكونُ رسولاً لنا؟”فقلتُ: “ها أنا لكَ، فأرسِلني”.

~شرح النص~

يحظى نصّ إرسال إشعيا بالعديد من الاستشهادات، إذ يُقرأ قبل الانطلاق إلى الرسالة التبشيريّة أيًّا كانت.كما أنّ ترنيمة الملائكة ما زالت تصدح في كلّ إحتفال إفخارستي“قدّوس، قدّوس، قدّوس”:إنّه كَشْفٌ لجوهر الله.علمًا أنّ تسمية الله“بالقدّوس”لثلاث مرّات متتالية تعني أنّ لديه ملء القداسة.

يجمع الربّ المتناقضات في شخصه، فهو الحاضر القريب من خلال ترائيه، ولكنّه المتسامي البعيد من خلال قداسته.

في حضوره القدّوس، شعر إشعيا بخطيئته، وخال نفسه أنّه هلك.ولكنّ مخطّط الربّ يفوق توقّعاته، فبدل أن يهلك، سيوليه منذ الآن فصاعدًا أن يتكلّم باسمه، ولذلك عليه أن يطهّر شفتيه، ليوصل كلمة الربّ بأمانة للشعب.

لقد تطهّر إشعيا مرّتين، أوّلاً من الجمرة التي إتّخذها أحد السرافيم بملقط، وثانيًا لأنّ الجمرة آتية من مذبح الربّ.

بعد أن اختبر إشعيا مدى قداسة الربّ، لم يكن منه سوى أن جازف بنفسه للانطلاق إلى الرسالة.هو يعي جدًا مدى صعوبتها، ولكنّه على يقين تامّ من أنّ مصدر قوّته لن يأتي منه بل من مُرسِلِه.

~تأمل في النص~

يا لسرّ الله العظيم، هو المالئ الكلّ من مجده، هو الخالق الكون بأسره، ويديره بإشارة إصبعه، ورغم ذلك، لا ييأس من الانسان، بل يأتي إليه دائمًا لينقذه.أمّا بالنسبة إلى مَن يختاره ليكون الناطق باسمه، فإنّ الربّ لا يتوقّف على خطيئته، بل يكفيه أن يقرّ بـها ليكمل معه مسيرته.من جهة ثانية لا يفرض ذاته عليه بالقوّة، بل ينتظر موافقته ورضاه ليوكله بإيصال رسالته إلى البشر.يريده أن يستعيد دوره الذي أعطاه إيّاه منذ الخلق بأن يكون شريكًا له.

~الفكرة الرئيسة~

يلفت إنتباهنا أنّ دعوة إشعيا لم تأتِ في بداية السِفر،بل في الفصل السادس،إذًا هي تحمل في طيّاتـها معانيَ أخرى.وبالفعل،فالنصّ يشكّل بداية كتاب“عمّانوئيل”الذي يمتدّ من الفصل السادس إلى الثاني عشر.

~صلاة~

وقِّ يا ربّ شعبك الذي وُسِمَ باسمك من شرّ الانقسام والتشرذم، لأنّه يحول دون إداء رسالته والشهادة لك بين سائر الشعوب.أعطنا أن نعي أنّ الرسالة الموكلة إلينا إيصالها لن تبلغ إلى قلوب سامعينا إلّا بقدر ما نقترب منك ونعرّض أنفسنا لشمسك المطهّرة أدناسنا.

~قرار اليوم~