مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثعينة

مياه شيلوه(إشعيا8: 5-8)

~النص البيبلي~

5وعادَ الرّبُّ يُكلِّمُني فقالَ:6”رفَضَ‌هذا الشَّعبُ مياهَ شيلوهَ الجاريةَ بـهُدوءٍ‌، وا‏رتَعدُوا أمامَ المَلِكِ رَصينَ وا‏بنِ رَمَلْيا.7فلذلِكَ يجعَلُ السَّيِّدُ الرّبُّ ملِكَ أشُّورَ وجميعَ قوَّاتِهِ تَعلو علَيهِم مياهُ نـهرِ الفُراتِ‌العظيمةُ الغزيرةُ، فتَغمُرُ جميعَ الجَداوِلِ وتَطفُو على كُلِّ الشُّطوطِ،8وتندَفِقُ على يَهوذا سَيلاً عارِمًا إلى العُنُقِ، فتَنتشِرُ روافِدُها في طُولِ أرضِكَ وعَرضِها”.كانَ اللهُ معَنا‌.

~شرح النص~

نحن في جوٍّ محموم سياسيًّا ومشحون عسكريًّا.فمن جهة، يهدّد ملك أشور بحملة عسكريّة عارمة على كلّ من دمشق والسامرة وأورشليم، العواصم الثلاث لممالك:آرام وإسرائيل ويهوذا.ومن جهة أخرى، وتداركًا للعدوّ المشترَك، قام رَصين، ملك آرام، وابن رمليا، ملك إسرائيل، بتحالف عسكريّ وحاولا أن يجرّا آحاز ملك يهوذا إلى حلفهما.ولكن، حين رفض هذا الأخير مطلبهما، صعدا لقتاله وحاصراه.فما كان منه إلّا أن أرسل إلى تغلث فلاسّر الأشوري يستنجد به.

هنا يتدخّل إشعيا لدى آحاز ليطلب منه أن يتفادى القرار السياسيّ ويختار القرار الدينيّ:أي أن يرفض كلاًّ من أشّور من جهة، وآرام وإسرائيل من جهة ثانية، ويسلّم أمره للربّ.إنّه قرار بين القوى المتصارعة على الأرض وقوّة الربّ التي تفتقد إلى أيّ دليل حسّي سوى الإيمان، ولكنّ آحاز ظلّ عند قراره.

كانت مياه شيلوه كناية عن جدول صغير يروي مدينة أورشليم، بنوع خاصّ إبّان حصارها، أمّا مياه الفرات فترمز إلى زحف الأشوريّين الجارف على يهوذا.

بالرغم من الصورة السوداويّة، تأتي عبارة“كان الله معنا”لضخّ الرجاء، إذ مهما ارتفع السيل الجارف يبقى“عمّانوئيل”سترة إنقاذ تقي من الغرق في المياه الجامحة.

~تأمل في النص~

غالبًا ما تبدو حياة الانسان بمثابة صراع بين مغريات هذا العالم التي تسحره بقوّته الخادعة والربّ العطوف الذي يكتفي بأن يكون“الله معنا”.فالتناقض قويّ بين“خيل أشّور ومركباته”، والربّ اللطيف الذي تعمل عنايته الإلهيّة من دون الترويج له أو اللجوء إلى الإعلانات البرّاقة.

لم يكتفِ آحاز بأن جعل من نفسه عبدًا لملك أشّور وحسب، بل تبنّى العادات الدينيّة الوثنيّة(2ملوك16: 10–15).بسبب تخلّيه عن الربّ، انتقل من“ملك”باسم الربّ الإله، إلى“عبد”لدى ملك أشّور.

~الفكرة الرئيسة~

يدور النصّ على التناقض الصارخ بين تشبيهَين:مياه شيلوه الجارية بـهدوء،والتي ترمز إلى إنعامات الربّ التي تنساب بلطف لتروي القلوب الظمأى إليها،وتدفّق مياه الفرات الجارفة التي ستغمر يهوذا حتّى العنق بـهدف إغراقه،وترمز إلى الحملة العسكريّة الأشوريّة التي ستجلب الخراب للمدينة.المفارقة هي أنّ أشّور لن يكتفي بالهجوم على أعداء آحاز،بل كالطوفان سيجتاح يهوذا.ويبقى“الله معنا”بصيص أمل لا يخبو البتّة.

~صلاة~

يا ربّ، تكفيني نعمتك، فأنا على يقين من أنّه في الضعف يظهر كمال قدرتك(2كورنثوس12: 9).

~قرار اليوم~