مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثعينة

الرؤيا في الهيكل(إشعيا6: 1-4)

~النص البيبلي~

6في السَّنةِ الّتي ماتَ فيها المَلِكُ عُزِّيَّا رَأيتُ السَّيِّدَ الرّبَّ جالِسًا على عرشٍ عالٍ رفيعٍ وأطرافُ ثوبِهِ تَملأُ الهَيكلَ.2مِنْ فَوقِهِ السَّرافيمُ، قائمونَ ولكُلِّ واحدٍ ستَّةُ أجنِحةٍ، با‏ثنَينِ يَستُرُ وجهَهُ وبا‏ثنينِ يَسترُ رجليهِ وبا‏ثنَينِ يطيرُ.3وكانَ واحدُهُم يُنادي الآخَرَ ويقولُ: “قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ الرّبُّ القديرُ.الأرضُ كُلُّها مَملوءَةٌ مِنْ مَجدِهِ”.4فا‏هتَزَّتِ الأبوابُ مِنْ أصواتِ المُنادينَ وا‏متَلأَ الهَيكلُ دُخانًا.

~شرح النص~

ليس عبثًا أن يضعنا النصّ في الإطار التاريخيّ لرؤيا إشعيا، إذ ترتبط عن كثب بالأحداث التاريخيّة والسياسيّة آنذاك.وبالفعل، فإنّ عزيّا مَلَكَ على يهوذا ما بين سنة781و740ق.م.،وكان قد عُرف بأمانته على الصعيدَين الدينيّ والأخلاقيّ.ولكنّ موته سيتزامن مع تأجّج الحرب الآراميّة–الإفرائيميّة، والتي ستؤول إلى إحتلال الأشوريّين لمملكة الشمال سنة721ق.م.

يعيش الشعب مأساة الانقسام والتشرذم إلى مملكتين، وكلّ واحد يدّعي إمتلاك الحقّ والدفاع عن الله.

تزخر هذه الرؤيا بالرموز، فالربّ يجلس على“عرش عالٍ رفيع”، وكأنّي به يأخذ جميع الاحتياطات لكي يظلّ بعيدًا عن واقع شعبه الذي نقض عهده معه، فانقسم إلى مملكتين، عكس ما كان عليه أثناء إقامته في صحراء سيناء حيث كان الربّ ينزل إليه ليلتقيه في خيمة الموعد.

يشير نداء الملائكة الثلاثيّ إلى أنّ الربّ هو فائق القداسة، وقداسته تكمن في بعده وانفصاله التامّ عن الخطيئة والشرّ.أمّا الدخان فيعيدنا إلى مشهد تجلّيه يوم أقام عهده مع شعبه على جبل سيناء(خروج19: 18).

~تأمل في النص~

عناصر كثيرة تزدحم في هذه الآيات القليلة لتُضفي جوًّا من الرهبة والرعشة:فأطراف ثوب الربّ تملأ الهيكل، إشارة إلى أنّه الضابط الكلّ، هو الذي“يملأ الأرض كلّها من مجده”، ثمّ السرافيم، هذه الكائنات“الملتهبة”بنور الربّ وناره والتي تطير في حالة تسبيح دائم له، ثمّ تزعزع أبواب الهيكل نتيجة أصوات المنادين، وأخيرًا الدخان الذي عبق في أرجاء“بيت الربّ”.

نلاحظ أن الرؤيا قَصفَت حواسّ النبيّ، الواحدة تلو الأخرى، أوّلاً:حاسّة النظر من خلال رؤياه المهيبة للربّ ولملائكته، ثانيًا:حاسّة السمع التي نالت منها نداءات الملاك من جهة واهتزاز الأبواب من جهة ثانية، ثالثًا:حاسّة الشمّ إثر الدخان الذي عبق في الهيكل.كأنّي بالرؤيا عطّلت قدراته الإنسانيّة لتخلق لديه الأهليّة ليدخل في عالم الله ويفهم مبتغاه منه.

~الفكرة الرئيسة~

قبل أن يفوِّض الربُّ النبيَّ إشعيا ليقوم برسالة شاقّة مع شعبه،أيّده برؤيا صاعقة تقتضي بأن يتقدّسوا جميعًا تيمّنًا بإلههم.

~صلاة~

يا ربّ، ألتمسُكَ نعمة أن أكون قربك مثل السرافيم، الذين ينعمون دائمًا برؤية وجهك، أشعلني مثلهم بنار حبّك، فنارك تطهّر ولا تحرق، تُلهب ولا تُفني.

~قرار اليوم~