مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثعينة

نشيد الكرمة(إشعيا5: 1-2)

~النص البيبلي~

5دعوني أُنشِدُ لحَبـيبـي نَشيدَ حُبِّـي لِكرمِهِ:كانَ لحَبـيبـي كَرمٌ في رابـيةٍ خصيـبةٍ2نقَبَهُ ونَقَّى حجارَتَهُ وغرَسَ فيهِ أفضَلَ كَرمةٍ.بَنى دارًا في وسَطِهِ وحفَرَ فيهِ مَعصَرَةً، وا‏نتظَرَ أنْ يُثمِرَ عِنَبًا فأثمَرَ حِصرِمًا بَرِّيًّا‌.

~شرح النص~

يتكلّم إشعيا، في هذا النشيد، بلسان الربّ حبيبه، فيتّخذ صورة الكرم بـهدف اللّوم أو الـحُكم على شعبه العاقّ.

تعرض لنا الآيتان ما قام به الكرّام من كامل واجبه تجاه كرمه، لكي يعطي ثمرًا، ولكن باءت كلُّ آماله بالفشل، إذ عِوَض العنب أثمر حصرمًا.

يقع الكرم على رابية خصيبة.وهذا الموقع نفسه يُضفي عليه الخصب، بحيث يمكّنه من امتصاص أشعّة الشمس.إذًا، نحن بصدد كرمٍ مختار، تتوفّر فيه أفضل شروط الخصوبة.وقد بذل الكرّام العناية الفائقة في سبيله، فنقّبه بغية أن تزيد قوّتـه في العطاء، ثمّ نقَّى حجارته، أي عمل على تحسين الأرض، إذ عندما كانوا يريدون تعطيل حقل كانوا يرمون فيه الحجارة.

وبعدها انتقل إلى نوعيّة الأشجار فغرس فيه أفضل كرمة، لكي يأتي بثمر طيّب.

وبَنى دارًا في وَسَطِه، ربّما ليسكن فيه هو نفسه أو الحارس الذي يوكله ذلك، قصد حمايته من أخطار اللّصوص أو الحيوانات المفترسة.

وأخيرًا حفر فيه معصرة لصناعة العصير، علمًا أنّ عصر العنب وتصنيع الخمر يقدَّم لإحياء الفرح.

إنّ استعمال خمسة أفعال على التوالي: “نقّبَ، نقّى، غَرَسَ، بَنى، وحَفرَ”يشير إلى أنّ إهتمام صاحب الكرم وعنايته به بلغ أقصاه.

ولكن أتى المحصول بلا قيمة على الإطلاق.فكلمة“حصرم برّي”تعني الظلم وترف الأغنياء المفرط، وجشعهم لكسب الأموال والمقتنيات، وعدم إكتراثهم بمعاناة الفقراء والمحتاجين.لا بل تحريفهم للعدالة بحيث يتقاضون الرشوة ويقلبون الأمور رأسًا على عقب(إشعيا5: 8–12،20).

~تأمل في النص~

ترد في الآية الأولى ثلاث كلمات تشتقّ من فعل“أحبّ”، وكلمتان تشتقّان من فعل“أنشد”لتشكّل جميعها سمفونيّة تحمل وجدانيّات الحبيب الذي سَكَبَ حبَّه لكرمه الخاصّ.

نقرأ هذا النصّ في أسبوع الآلام، ذلك لأنّه يرتبط بــــ”مثل الكرّامين القتلة”في العهد الجديد.استعمل يسوع هذا المثل حرفيًّا في“إِسمَعوا مَثَلاً آخَر:غَرَسَ رَبُّ بَيتٍ كَرْمًا فَسيَّجَه، وحفَرَ فيه مَعصَرَةً وبَنى بُرجًا…” (متى21: 33)لكنّه ذهب أكثر في عمق النصّ، بحيث شدّد على موقف الكرّامين، وأدخل شخص الابن.فيكون بذلك قد أعطى تفسيرًا لنصّ إشعيا وأكمله.

~الفكرة الرئيسة~

لقد بذل الكرّام أفضل ما لديه ليأتي الكرم بأجود أنواع العنب،ولكن أتت النتيجة تمامًا عكس ما يرجوه.فالتناقض كبير بين إنعامات الربّ الى شعبه،ونكران جميل هذا الأخير له.

~صلاة~

إفتح يا ربّ عينيّ لأظلّ أرى هباتك المجّانيّة لي منذ مولدي وحتّى آخر رمق من حياتي.فأنا لا أملك، من تلقاء ذاتي، أيّ إستحقاق لها.

~قرار اليوم~