أسفار موسى الخمسةعينة

أسفار موسى الخمسة

يوم 17 من إجمالي 32

اليوم 17: المواضيع الرئيسية (بركات الله من خلال إسرائيل)

سنتأملُ في موضوع بركاتِ اللهِ من خلالِ إسرائيل انطلاقاً من المعنى الأصليّ لموسى ثمّ ننتقلُ إلى التطبيقِ المعاصرِ لهذا الموضوع.

1) المعنى الأصلي: 

تشرحُ قصّةُ إبراهيم الواردةُ في سفر التكوين أنّ اللهَ فوّضَ شعبَ إسرائيل ليأخذوا على عاتِقِهِم تحقيقَ إرساليّةِ البشرِ الأصليّة، وهي أن يتكاثروا ويملأوا الأرضَ بصورٍ أمينةٍ لله (التكوين 12: 2-3). وإحدى الطرقِ لتحقيقِ ذلك كانت بنَشْرِ بركاتِ اللهِ إلى شعوبٍ أخرى في كلِّ الأرض. لقد دعا الله إبراهيم إلى نَشْرِ بركاتِ ملكوتهِ إلى "كلِّ شعوبِ الأرض". لكن لاحِظ أيضاً أنّه رَغمَ كونِ بركاتِ اللهِ ستمتدُّ إلى كلِّ الأرض، لن يحصُلَ كلُّ شخصٍ على البركة. فقد قالَ الله: "أُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ". بعبارةٍ أخرى، هناكَ من سيرفضُ جهودَ إسرائيلَ ومنهم من سيقبلُها. وقد وعدَ اللهُ بأن يباركَ ويلعنَ سائرَ الشعوبِ وفقا لذلك. وبشكلٍ مثير للاهتمام، إنّ هذه العمليّةِ المزدوجةِ ذاتَها من المباركةِ واللعنِ التي أعلنها اللهُ لإبراهيم، نراها تتكرّرُ مع يعقوب في التكوين 27: 29 حين قامَ إسحاق بمباركةِ يعقوب.

خصّصَ موسى معظمَ ما دوّنهُ عن حياةِ يعقوب ليُشيرَ إلى الطريقةِ التي تعاملَ بها الأبُ يعقوب مع شعوبٍ مختلفةٍ في زمنهِ. وهذه الشعوبُ ما هي إلّا أسلافُ الجماعاتِ التي تعاملَ معها بنو إسرائيل في أيّامِ موسى. وبهذه الطريقة، يُّعَلِمُ موسى إسرائيلَ كيف يتعاملون مع هذه الجماعةِ أو تلك. هل ينبغي أن يدخلوا في حربٍ معها؟ أم أن يُقيموا معها سلاماً؟

من جهةٍ، يصفُ لنا التكوين 33: 18-35: 15 المواجهاتِ بينَ يعقوب والكنعانيّين. وفي التكوين 15: 16 كان كلامُ اللهِ واضحاً، أنّه لن يخرِجَ إسرائيلُ من مصر حتّى يصبح "ذنب الأمّوريّين كاملاً" والأموريّين هي تسميةٌ أخرى للكنعانيّين. باستثناءِ قلّة منهم، مثلُ راحاب، كان الكنعانيّون قد دَنّسوا أرضَ الموعدِ في أيّام موسى لدرجةِ أن اللهَ أمر بني إسرائيلَ بإبادتِهِم. ليسَ من المفاجئِ إذاً أن يَكتبَ موسى عن هزيمةِ أهلِ شَكيم على يدِ يعقوب وحمايةِ اللهِ ليعقوب من الشعوبِ الكنعانيّة الأخرى.

من جهةٍ أخرى، يخبرُنا القسمُ الثاني من حياةِ يعقوب عن مواجهاتٍ بين إسحاق والفلسطينيّن في التكوين 26: 1-33. وعلى خلافِ صراعِ يعقوب مع الكنعانيّين، يُركِّزُ هذا القسمُ على السلامِ بين إسحاق والفلسطينيّين. ونَعلمُ من يشوع 13: 1-5 أنّ الفلسطينيّين كانوا يُقيمون في الأرضِ التي وعدَ بها اللهُ إسرائيل. لكنّ يَدلُّ اسمُهم على أنّهم شعوبٌ بحّارة وقد أتوا من كَفتور. لهذا السبب لم يقعوا مباشرةً تحتَ دينونةِ اللهِ مثلما حصلَ مع الكنعانيّين. وتدعمُ هذه السياسةُ أمثلةً من حياةِ إبراهيم في التكوين 21: 22-34 وإسحاق في التكوين 26: 26-33. فقد أقامَ كلٌّ من الأبوَين معاهداتِ سلامٍ مع الفلسطينيّين. وكنتيجةٍ لذلك، كان على شعبِ إسرائيل في أيّام موسى أن يَحذوْا حَذو إبراهيم وإسحاق ويَسعوا للعيشِ بسلامٍ جنباً إلى جنب مع الفلسطينيّين. ولم تَشُنَّ إسرائيلُ الحربَ عليهِم إلا بعد أن خَرقَ الفلسطينيّون هذا السلامُ في الأجيالِ اللاحقة. بالإضافةِ إلى سَردِ الأحداثِ حولَ علاقةِ يعقوب بالشعوبِ التي كانت تُقيمُ في أرضِ الموعدِ وعندَ الحدودِ الشَماليّة، يُركِّزُ الجزءُ الأكبرُ من سيرةِ حياةِ يعقوب حولَ تعاملاتِهِ مع أخيهِ عيسو. وكما ذكرنا، تُركّزُ بدايةُ الصراعِ بينَ الأخَوَين والأمتَين في التكوين 25: 19-34 على حقيقةِ كونِ تعاملاتِ يعقوب مع عيسو تُمهِّدُ لتعاملاتِ إسرائيل مع الأدوميّين، الذين أقاموا في سَعير، عندَ أقصى الحدودِ الجنوبيّةِ لأرضِ الموعد.

2) التطبيق المعاصر: 

نتناولُ التطبيق المعاصر من جهةِ تأسيسِ واستمراريّةِ واكتمالِ ملكوتِ المسيح.

أ- تأسيس الملكوت: في تأسيسهِ لملكوتهِ، جاءَ المسيحُ، ملكُ إسرائيل، مُقدِّماً لجميعِ الناسِ على الأرضِ بركاتِ الله. وتُعلنُ نصوصٌ مثل يوحنا 12: 47-48، أنّه في مجيئهِ الأوّل، أتى المسيحُ ليَغلِبَ إبليسَ وقوّاتهِ الشيطانيّة. لكنّه أتى أيضاً حاملاً بِشارةَ السلامِ لكلِّ أممِ الأرض. وقد واجهَ يسوعُ ورسلهُ وأنبياؤهُ المقاومةَ، لكنّهم بصبرٍ قدّموا المُصالحةَ مع اللهِ من خلالِ إعلانِ بشارةِ الإنجيل. كما أنّهم حَذّروا، في اليومِ الأخير، من دينونةِ اللهِ التي ستَقَعُ على الذين رفضوا الإنجيل.

ب- استمرارية الملكوت: خلالَ استمراريةِ ملكوتِ المسيح، استمرّت بركاتُ اللهِ في الانتشارِ إلى الأممِ من خلالِ خدمةِ الكنيسة. ونحنُ إذ نسيرُ على خُطى المسيحِ ورسلهِ وأنبيائهِ، نَتحرّكُ ضدّ الأرواحِ الشرّيرةِ التي تستمرّ في تضليلِ الأمم. وكما تصفُ نصوصٌ مثل 2 كورنثوس 5: 20، نحنُ "سُفراءَ المسيح". نحملُ بِشارةَ السلامِ والمصالحةِ مع اللهِ إلى العالمِ أجمع، مُحذِّرينَ إيَّاهم من دينونةِ اللهِ في اليومِ الأخير.

ج- اكتمال الملكوت: ينبغي أن نُطبِّقَ تعاملاتِ يعقوب مع الآخرين انطلاقاً من اكتمالِ ملكوتِ المسيح. في زمنِ العهدِ القديم، غالباً ما كانت بشارةَ السلامِ التي حملتها إسرائيلُ إلى الشعوبِ الأخرى تُمنَعُ عندما يُعلِنُ اللهُ أنّه وقتٌ للدينونة. وبطريقةٍ مشابهةٍ، عندما سيعودُ المسيحُ في مجدهِ، سيتمُّ سَحبُ عَرضِ السلامِ كلّيّاً من الذين قاوَموا المسيحَ وملكوتَهُ. وكما تُخبِرُنا نصوصٌ مثل سفرِ الرؤيا 5: 9-10، في ذلكَ الوقتِ، سيقعُ الأشرارُ تحتَ دينونةِ الله، لكن عدداً لا يَحصى من البشرِ من كلِّ زوايا الأرضِ ممّن وضعوا ثِقتَهُم في المسيحِ سيَدخلون ملكوتهُ الرحب.

يوم 16يوم 18

عن هذه الخطة

أسفار موسى الخمسة

تدعى أول خمسة أسفار في العهد القديم عادة أسفار موسى الخمسة. وهي تروي  قصة شعب اسرائيل من الخلقية إلى الاعداد لامتلاك أرض الموعد. ولكن هل أسفار  موسى الخمسة هي مجرد سرد تاريخي لشعب الله المختار؟ أم هي شيء أكثر من  ذلك؟ نتعرّف في خطة القراءات هذه على الأسفار من التكوين إلى التثنية، من خلال  البحث في سبب كتابتها، ما قصدته لقرّائها الأصليين، والطريقة التي يجب بها  أن نتجاوب معها اليوم. نقوم بتلخيص البنية، والمحتوى، والمعنى الأصلي، والتطبيق المعاصر للأسفار من التكوين إلى التثنية. كما نشرح  كيف كان لقرّاء موسى الأصليين أن يفهموا الروايات القصصية الواردة في أول  خمسة أسفار في الكتاب المقدس، وماذا تعني هذه القصص للمؤمنين المعاصرين.

More

نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع:  http://arabic.thirdmill.org​​​​​​​