أسفار موسى الخمسةعينة

أسفار موسى الخمسة

يوم 19 من إجمالي 32

اليوم 19: البُنية والمحتوى (حكم يوسف المتوعِّد)

استخدمَ موسى في هذهِ المرحلةِ أسلوبَ التهكّمِ الروائي، مانحاً قرّاءَهُ حقائقاً لم تمتلكها شخصيّاتُ القصّة (التكوين 38: 1-41: 57). أولاً، أقامَ إخوَةُ يوسفَ - المُمثَّلونَ هنا بيهوذا - في كنعان، وكانوا على ما يبدو واثقينَ من أنهم تمكنوا من منعِ يوسفَ من التفّوقِ عليهم. لكن ما لم يعرفوهُ، هو أنّه في مكانٍ بعيدٍ في مصر كان حُكمُ يوسفَ يَتعظّم. فقد حوّلَ اللهُ عبوديةَ يوسفَ إلى سبيلٍ لتمجيده فوق عائلته. ينقسمُ الجزءُ الذي يركِّزُ على حُكمِ يوسفَ المتوعِّدِ إلى قسمَين رئيسيَّين. في القسم الأوّل، يَصفُ التكوين 38: 1-30 خطيّةَ يهوذا مع ثَامَار في كَنعان. ثمّ في التكوين 39: 1-41: 57، نقرأُ عن نجاحِ يوسفَ في مصر.

1) خطية يهوذا في كنعان: 

تقدّمَ يهوذا في التكوين 38: 1-30 إلى مركزِ الصَّدارةِ، لكونه هو وليس رأوبين، مَن تمكّن من مَنعِ إخوَته من قتلِ يوسفَ كما رأينا في الحادثةِ السابقة. لذا يُقدِّم لنا هذا الجزءُ أحداثاً من حياةِ ابنِ يعقوبَ الذي كان له المركزُ الأعلى بين إخوته.

تبدأ حادثةُ خطيّةِ يهوذا في كنعان في التكوين 38: 1-5 بعرضٍ لتقاريرِ ميلادِ أبناءِ يهوذا. ويَطرحُ موسى قضيّةً أخلاقيّةً عندما يُخبِرُنا في العدد الثاني أنّ يهوذا تزوّجَ امرأةً كنعانيّة.

في الأعداد 6-11، يتكلّمُ موسى عن علاقةِ أبناءِ يهوذا بثَامَارَ. في البداية، أعطى يهوذا ثامارُ لابنه البِكر عِير. ولمّا ماتَ عِير، أعطى يهوذا ثامار لابنهِ الثاني أُونَان. حيثُ كانت عادةُ زواجِ الأرملةِ من شقيقِ زوجها، أو زواجِ أرملةٍ ليس لها أولادٌ من أخي الزوجِ، من الشرائعِ التي أمرَ بها اللهُ في التثنية 25: 5-10. وكانت هذه الممارسةُ تضمنُ وريثاً للأخِ المُتوفّى، وتحمي أرملَتَهُ. إلّا أنّنا نقرأ في العددِ 9 أنّ أُوْنَان رفضَ أن يمنحَ ثَامَارُ ولداً. لذا، في العدد 10، أماتَ اللهُ أُونَان أيضاً. فخافَ يهوذا من أن يلقى ابنهُ الثالثُ، شِيلَةُ الصغيرُ، المصيرَ نفسَه. فرفضَ أن يسمحَ له بالزواج من ثَامَارَ. بل عوضاً عن ذلك، أرسلَ ثامارُ إلى بيتِ أبيها في عارٍ.

ثم تُخبِرُنا الأعداد 12-26 قصّةَ إغواءِ ثَامَارِ ليهوذا. فبعد أن أدركتْ ثَامَارُ أنّها لن تُعطى زوجةً لشَيلَة، تنكّرت بثيابِ الزانية وقامت بإغواء يهوذا. وخدعته بذكاءٍ باحتفاظها بخاتَمهِ وعِصابَتهِ وعَصَاه كرهنٍ لديها. وبعد ثلاثةِ أشهرٍ، نقرأ في الأعداد 24-26، أن يهوذا سَمِعَ بخبر حَبَلَ ثَامَارِ وأمرَ بسَخطٍ أن تُحرَق. لكنّ أخرجت ثَامَارُ الخاتَمَ والعِصَابةَ والعَصَا التي كان يهوذا قد أعطاها إيّاها. وعندما أدركَ يهوذا فِعلتَه اعترفَ بذنبهِ (تكوين 38: 26). وكما يُشيرُ هذا العدد، اعترفَ الأبُ يهوذا بأنّ خطيّتهُ فاقت بكثيرٍ الذنبَ الذي اقترفته ثَامَار. وكان باعترافهِ وتوبَتهِ المتواضعَين قُدوَةً للجميع.ونتيجةً لتغيُّر القلبِ هذا، كانت لقصّةِ خطيّةِ يهوذا مع ثَامَارٍ نهايةً إيجابيّةً. وبعكس الجزء الافتتاحي حول أولادِ يهوذا من المرأة الكنعانيّة، ختم موسى هذا القسم في 27-30 بتقريرِ ميلادِ أبناءِ يهوذا من ثَامَار. وأصبحَ كلٌّ من فَارِص وزَارَح اسمَينِ بارِزَينِ في سِبْطِ يهوذا.

2) نجاح يوسف في مصر: 

ينقسمُ هذا الجزءُ في التكوين 39: 1-41: 57 إلى ثلاثةِ مقاطعٍ رئيسيّةٍ: 

المقطعُ الأوّلُ: يُخبِرُنا عن انتقالِ يوسفَ من بيتِ فوطيفار إلى السجنِ في التكوين 39: 1-23. ما أن وصلَ يوسفُ إلى مصر حتى وجدَ نعمةً في عينَيّ فوطيفار الذي وكّلهُ على بيتهِ. لكن حاولت زوجةُ فوطيفار إغواءَ يوسفَ مراراً. وعندما لم تفلح، اتّهمت يوسفَ بسوءِ التصرّفِ معها. ورَغم رَفْضِ يوسفَ لمحاولاتِها، صدّقَ فوطيفار الاتهاماتِ الباطلةِ لزوجتهِ. وأرسلَ يوسفَ إلى سجنِ فرعون، حيث اكتسبَ يوسف ثقةَ السجّانِ بسرعةٍ. وبما أن هذه الحادثةُ تتبعُ قصّةَ خطيّةِ يهوذا مع ثَامَار مباشرةً، فمن الواضحِ أنّها تُقابِلُ بين تَصَرُّفِ يهوذا اللاأخلاقيّ ونقاءِ يوسفَ الأخلاقي.

المقطع الثاني: في التكوين 40: 1-41: 45، انتقلَ يوسفُ من السِجنِ إلى بلاطِ فرعون. يشرحُ موسى في هذا المقطعِ، كيف وصلَ يوسفَ إلى الحُكمِ بتفسيرهِ أحلامُ رؤساءُ فرعون، ثمّ قامَ لاحقاً بتفسيرِ أحلامِ فرعون عن سبعِ سِنيّ الشِّبَع وسبعِ سِنيّ الجوع.

المقطع الثالث: في التكوين 41: 46-57، لخّصَ موسى حُكمَ يوسفَ في بلاطِ فرعون. يصفُ موسى في هذا المقطعِ الطرقَ المختلفةَ التي مارسَ بها يوسفُ سلطتَه في مصر، حيث لم يكن أعظمُ منهُ إلّا فرعون نفسَه. وفي كلِّ جُزءٍ تحدّثَ فيه موسى عن نجاحاتِ يوسف، وضِّحَ أنّ السببَ وراء توَلي يوسفُ السلطةَ لا يعودُ إلى مهارتهِ الشخصيّةِ بل إلى يدِ الله التي كانت معهُ دائماً.

يوم 18يوم 20

عن هذه الخطة

أسفار موسى الخمسة

تدعى أول خمسة أسفار في العهد القديم عادة أسفار موسى الخمسة. وهي تروي  قصة شعب اسرائيل من الخلقية إلى الاعداد لامتلاك أرض الموعد. ولكن هل أسفار  موسى الخمسة هي مجرد سرد تاريخي لشعب الله المختار؟ أم هي شيء أكثر من  ذلك؟ نتعرّف في خطة القراءات هذه على الأسفار من التكوين إلى التثنية، من خلال  البحث في سبب كتابتها، ما قصدته لقرّائها الأصليين، والطريقة التي يجب بها  أن نتجاوب معها اليوم. نقوم بتلخيص البنية، والمحتوى، والمعنى الأصلي، والتطبيق المعاصر للأسفار من التكوين إلى التثنية. كما نشرح  كيف كان لقرّاء موسى الأصليين أن يفهموا الروايات القصصية الواردة في أول  خمسة أسفار في الكتاب المقدس، وماذا تعني هذه القصص للمؤمنين المعاصرين.

More

نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع:  http://arabic.thirdmill.org​​​​​​​