أسفار موسى الخمسةعينة

أسفار موسى الخمسة

يوم 18 من إجمالي 32

اليوم 18: البُنية والمحتوى (خلاف الآباء)

نتناول الآن قصةَ علاقةِ يوسفَ المضطربةِ بإخوتِه في التكوين 37: 2-50: 26، حيث يشكّلُ هذا القسم قصةً متكاملةً على خمسةِ مراحل:

· تُصَوِّرُ لنا العُقدةُ الاستهلاليّةُ في القصّةِ، في التكوين 37: 2-36، خلافَ الآباءِ الناتجِ عن حُكمِ يوسفَ المُحتمَل على إخوَتِه.

· المرحلةُ الثانية، أو تصاعدُ الأحداث، في التكوين 38: 1-41: 57 تُركّزُ على حكمِ يوسف المتوعّدِ– أي تَقَلُدهِ السلطةِ في مصر.

· المرحلةُ الثالثة، في التكوين 42: 1-47: 12، هي نُقطةُ التحوّلِ في القصة. حيث يتناولُ هذا الجزءَ المصالحةَ وجمعَ الشملِ بين الآباءِ في مصر.

· المرحلةُ الرابعة، أو تراجعُ الأحداثِ في التكوين 47: 13-27 تُخبرُنا عن حُكمِ يوسفَ الخيِّر في مصر.

· والحل الأخير للرواية، في التكوين 47: 28-50: 26، يصفُ توافُقُ الآباءِ تحتَ حُكمِ يوسف.

حاولَ عددٌ من المفسّرينَ، خلالَ العقودِ الأخيرةِ، إظهارَ أنّ هذه الإصحاحاتُ من التكوين تُشكّلُ توازناً متقابلاً واسعاً متَّحدَ المركز. والتوازنُ المتقابلُ هو: بُنيةٌ أدبيةٌ فيها تتقابلُ أو تتوازنُ الأقسامُ، الواردةُ قبلَ وبعدَ النقطةِ المركزيةِ، فيما بينها.

تظهر هذه الأصحاحات تَناظرًا دراميًّا على نطاقٍ واسعٍ مما يُعطي تماسكاً لروايةِ يوسفَ وإخوتهِ بكاملها:

· ليس من الصعبِ أن نلاحظَ أنّه بصورةٍ عامةٍ، تبدأُ الرِوايةُ بخلافِ الآباءِ وتنتهي بتوافقِ الآباءِ في الحلِ النهائي للقصة.

· يُقابلُ تصاعدُ الأحداثِ في حُكمِ يوسفِ المُتوعِّد في مصر تراجعٌ للأحداثِ في حُكمِ يوسفَ الخيِّر في مصر.

· إن نقطةَ التحوّلِ أو النقطةَ المفصليّةَ–أي الانتقالُ من الخلافِ والتهديدِ إلى الخيرِ والوِفاقِ - هي المصالحةُ وجمعُ الشملِ الذي تمَّ في مصر.

خلاف الآباء:

بدأ موسى روايتَهُ في التكوين 37: 2-36 بالعُقدةِ الاستهلاليةِ للقصّة، وهي خلافُ الآباءِ حولَ حُكمِ يوسف المستقبليّ. يتألّفُ هذا الإصحاحُ الاستهلاليُّ من قسمَين يُظهِرانِ معاً كيف ازدادَ الخلافُ في عائلةِ يوسفُ حدّةً مع مرورِ الوقت. ويُظهِر القسمُ الأوّلُ المُمتدّ من 37: 2-11، كيف أثارَ يوسفُ غضبَ إخوتِهِ عليهِ بشكلٍ متزايدٍ. ويُخبِرُنا القسمُ الثاني، من العدد الثاني عشر إلى السادس والثلاثين، كيف باعَ الإخوَةُ يوسف كعبدٍ.

1) أثار يوسف أخوته: 

في بداية القصّة، يُصوِّرُ لنا موسى يوسفَ كصبيٍّ بسيطٍ وساذَجٍ ومُفضّلٍ عند أبيه. على سبيلِ المثال، نرى في العددِ 3 أنّ يعقوبَ قد صنعَ ليوسفَ قميصاً ملوّناً، الأمرُ الذي جعلَ إخوتَهُ يحسدونُهَ. ويخبرنا العدد 4 أنّهم "أبْغَضُوهُ وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أنْ يُكَلِّمُوهُ بِسَلامٍ". ثمّ ما زادَ الأمورُ سوءاً، هو قيامُ يوسفَ في مشهدَين قصيرَين بالتباهي بأحلامهِ حول تبوّئهِ في المستقبلِ مركزاً عظيماً فوقَ عائلتهِ. ولأجل ذلك، كتبَ موسى في العدَدين الخامس والثامن أنّ إخوَةَ يوسفَ "ازدادوا أيضاً بغضاً لهُ". ويُخبِرنا العدد 11 أنّ "إخوتهُ حسدوه".

2) باع الإخوة يوسف: 

نرى في التكوين 37: 12-36 أنّ إخوَةَ يوسفَ أمسكوهُ وخلعوا عنهُ قميصهُ الملوّنُ وخطّطوا لقتلهِ. أمّا رَأوبين، وهو الأخُ الأكبرُ، فحاولَ جاهداً أن يُنقِذَ يوسفَ من أيديهم لكنّه لم يُفلح. في النهاية، تمكّنَ يهوذا من إقناعِ الآخرينَ ببيعِ يوسفَ عبداً عِوضاً عن قتلهِ. وتنتهي هذه الحادثةُ برِوايةِ الإخوَةِ المأساويّةِ والمضَلِّلَةِ التي حملوها إلى يعقوب، بأنّ وحشاً بريّاً افترسَ يوسف. وقد أحضروا قميصَ يوسفَ المغمّسَ بالدمِّ إلى أبيهم، فناحَ يعقوبُ على ابنهِ كثيراً.

تقودنا هاتان الحادثتان معاً إلى عُقدةِ الرِواية التي تُحدّدُ مسارَ قصّةِ يوسفَ وإخوَتهُ بكاملها. وكانت هذه بدايةُ الخلافِ المأساويُّ بين آباء أسباطِ إسرائيل.

يوم 17يوم 19

عن هذه الخطة

أسفار موسى الخمسة

تدعى أول خمسة أسفار في العهد القديم عادة أسفار موسى الخمسة. وهي تروي  قصة شعب اسرائيل من الخلقية إلى الاعداد لامتلاك أرض الموعد. ولكن هل أسفار  موسى الخمسة هي مجرد سرد تاريخي لشعب الله المختار؟ أم هي شيء أكثر من  ذلك؟ نتعرّف في خطة القراءات هذه على الأسفار من التكوين إلى التثنية، من خلال  البحث في سبب كتابتها، ما قصدته لقرّائها الأصليين، والطريقة التي يجب بها  أن نتجاوب معها اليوم. نقوم بتلخيص البنية، والمحتوى، والمعنى الأصلي، والتطبيق المعاصر للأسفار من التكوين إلى التثنية. كما نشرح  كيف كان لقرّاء موسى الأصليين أن يفهموا الروايات القصصية الواردة في أول  خمسة أسفار في الكتاب المقدس، وماذا تعني هذه القصص للمؤمنين المعاصرين.

More

نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع:  http://arabic.thirdmill.org​​​​​​​