أسفار موسى الخمسةعينة
اليوم 20: البُنية والمحتوى (المصالحة وجمع الشمل)
تتناولُ هذه القصّةُ الرئيسيّةُ عن المصالحةِ وجَمعِ الشَملِ ثلاث رحلاتٍ مرتبطةٌ بشكلٍ وثيقٍ، قامت بها عائلةُ يوسفَ من أرضِ كنعانٍ إلى مصر.
1) الرحلة الأولى (التكوين 42: 1-38):
هي الأقلُّ تعقيداً بين الرواياتِ الثلاث، ويمكنُ أن نُجزِّئَها إلى ثلاثةِ أقسامٍ:
أوّلاً، في التكوين 42: 1-5، سافرَ الإخوَةُ من كنعانٍ إلى مصر لأنّ الجوعَ كان قد اشتدَّ في الأرضِ. في هذا القسم، أرسلَ يعقوبُ إخوَةَ يوسفَ جميعاً، باستثناءِ بنيامين، ليشتروا طعاماً من مصر.
ثانياً: يتناول القسمُ الثاني في التكوين 42: 6-28 الأحداثَ في مصر حينَ تَعرّفَ يوسفَ على إخوَتهِ أوّلاً. لكنَّ لم يكشفْ يوسفُ عن هوّيّتهِ، بل امتحنَ شخصيةَ إخوَتهِ بإرسالِهم إلى أرضِ كنعانَ لإحضارِ بنيامين. في البداية، هدّدَ يوسفُ باحتجازِ الجميعِ في السجنِ باستثناءِ واحدٍ إلى حينِ إحضارِ بنيامين إلى مصر. ونتيجةً لهذا، أدركَ الإخوَةُ أنّه حانَ الوقتُ ليُقدموا حساباً عمّا فعلوهُ بيوسف. فقد قالوا لبعضهم البعض: في التكوين 42: 21 "حَقّاً إِنَّنَا مُذْنِبُونَ إِلَى أَخِينَا ... لِذلِكَ جَاءَتْ عَلَيْنَا هذِهِ الضِّيقَةُ". وبعدَ ثلاثةِ أيامٍ، أرسلَ يوسف الجميع ماعدا شمعون ليُحضِروا بنيامين. وأمرَ أن تُملأَ أوعيَتُهم قمحاً وبالفضّةِ التي أحضروها لشراءِ القمح. وعندما عادَ الإخوَةُ، اكتشفَ أحدُهم أنّ فضّتهُ في عِدْلِهِ، فخافَ الأخوةُ وتعجَّبوا قَائِلِينَ في العدد 28، "مَا هَذَا الَّذِي صَنَعَهُ اللهُ بِنَا؟"
ثالثاً: أمّا القسمُ الثالثُ الممتدُّ من الأعداد 29-38، فيَروي ما حدثَ عندما عادَ الإخوَةُ إلى كنعان. إذ حاولوا إقناعَ أبيهم بإرسالِ بنيامينَ معهم إلى مصر، لكنّ رفض يعقوب ذلك. فمَكَثَ الإخوةُ في كنعان.
2) الرحلة الثانية (التكوين 43: 1-45: 28):
رَغم كونِها أكثرُ تعقيداً من الرحلةِ الأولى، تنقسمُ الرحلةُ الثانية أيضاً إلى ثلاثةِ أجزاءٍ رئيسيّةٍ.
أولاً: يَسبِقُ الجزءُ الأوّلُ، في التكوين 43: 1-14 سَفَرَ الإخوةِ إلى مصر. فبعد أن نَفذَ مخزونُهم من الطعامِ، وافقَ يعقوبُ أخيراً على إرسالِ بنيامين مع إخوَتهِ إلى مصر.
ثانياً: يتألفُ الجزءُ الثاني، الممتدُّ من التكوين 43: 15-45: 24، من سردٍ مطوّلٍ للأحداثِ في مصر. في التكوين 43: 15-34، رحّبَ يوسفُ بإخوَتهِ في بيتهِ ودعاهُم إلى مأدُبَةٍ كبيرةٍ. لكنّهُ استمرَ في إخفاءِ هويّته عنهم. وبحسبِ ما وردَ في التكوين 43: 30، اختلجت مشاعرُ يوسفَ لدى رؤيةِ أخيهِ بنيامين حتّى أنه تركَ الغرفةَ ليبكيَ على انفرادٍ. في التكوين 44: 1-13، أرادَ يوسفُ أن يمتحنَ إخوته. فأمرَ الذي على بيتهِ أن يملأَ عِدالَهم بالقمحِ والفِضّةِ، وأن يضعَ في عِدْلِ بنيامين طاسَ الفِضّةِ. ثمّ صرفَ يوسفُ إخوتهُ لينطلقوا إلى أرضِ كنعان. لكن، بأمرٍ من يوسف، سعى الذي على بيتهِ وراءَ الإخوةِ إلى أن أدركهم. "فوجدَ" طاسَ الفِضّة في عِدْلِ بنيامين، ورَجِعَ بالإخوةِ إلى بيتِ يوسف.
في الأعداد 14-34، توسّلَ يهوذا إلى يوسفَ كي يَرحمهم واعترفَ في العدد 16 قائلاً: "اللهُ قَدْ وَجَدَ إثْمَ عَبِيدِكَ". ثمّ عرضَ يهوذا أن يمكثَ في مصر عِوضاً عن بنيامين عبداً ليوسفَ. فتأثّرَ يوسفَ بطلبِ يهوذا المتذلِّلِ أمامَهُ. فكشفَ يوسفُ أخيراً عن هوّيّتهِ لإخوَتهِ في التكوين 45: 1-15. ويُخبِرُنا التكوين 45: 2 أنّ "[يوسفَ] أطْلَقَ صَوْتَهُ بِالْبُكَاءِ. فَسَمِعَ الْمِصْرِيُّونَ وَسَمِعَ بَيْتُ فِرْعَونَ". وشرحَ يوسفُ في العدد 7 أنّ اللهَ أتى به إلى مصر "لِيَجْعَلَ لَكُمْ بَقِيَّةً فِي الأرض وَلِيَسْتَبْقِيَ لَكُمْ نَجَاةً عَظِيمَةً". ثمّ طلبَ إلى إخوتهِ أن يأتوا بأبيهم يعقوب إلى مصر. ويَختمُ موسى المشهدَ في العدَدين 14-15 بمشهدٍ مؤثّرٍ ليوسفَ وهو واقَعٌ عَلَى عُنُقِ بَنْيَامِينَ أَخِيهِ ويبَكي، وبَنْيَامِينُ يبَكي عَلَى عُنُقِهِ. وَقَبَّلَ يوسفَ جَمِيعَ إِخْوَتِهِ وتَكَلَّمَ مَعَهُم.
ثمّ في التكوين 45: 16-24، أمرَ فرعونُ يوسفَ بأن يُرسِل إخوتَهُ كي يأتوا بأبيهم يعقوب. ووعدَ فرعونُ يوسفَ في العدد 20 قائلاً: "خَيْرَاتِ جَمِيعِ أَرْضِ مِصْرَ لَكُمْ". فأطاعَ يوسفُ وطلبَ من إخوتهِ أن يستمرّوا في عيشِ الوفاقِ الذي عرفوه ُمؤخّراً. وأوصاهم في العدد 24 "لاَ تَتَغَاضَبُوا فِي الطَّرِيق".
ثالثاً: في الجزءِ الأخيرِ من الرحلةِ الثانية، في التكوين 45: 25-28، عادَ الإخوةُ إلى كنعان. وأخبروا يعقوب بما حدثَ في مصر، فوافقَ يعقوبُ أن يذهبَ معهم إلى مصر.
2) الرحلة الثالثة (التكوين 46: 1-47: 12):
تنقسمُ الرحلةُ الثالثةُ إلى جُزأين رئيسيين:
أولاً: يُخبرنا الجزءُ الأوّلُ، في التكوين 46: 1-27 عن سَفَر الإخوةِ إلى مصر مجدّداً، يرافقهُم يعقوب هذه المرّة. ونقرأً في الأعداد من 1-7 عن مسارِ الرحلةِ وطمأنةِ الله ليعقوبَ بأنّه سيبارِكهُ في مصر. وينتهي الحديثُ عن مراحلِ السَفَر في التكوين 46: 8-27، بسِجلِّ أبناءِ يعقوب وأحفادِهِ الذين أتوا إلى مصر.
ثانياً: كما في الرحلتَين الأولى والثانية، يتناولُ القسمُ الثاني الممتدُّ من التكوين 46: 28-47: 12 الأحداثَ في مصر. وتتناولُ الأعداد 46: 28-30 لقاءَ يوسفَ ويعقوبَ، الذي كان ليهوذا دورٌ رئيسيٌّ فيه. وبعد هذا اللقاء، في التكوين 46: 31-47: 12، استقبلَ فرعونُ عائلةَ يوسفَ وطلبَ منهم أن يُقيموا في أرضِ جاسان تحتَ رعاية يوسف.
الكلمة
عن هذه الخطة
تدعى أول خمسة أسفار في العهد القديم عادة أسفار موسى الخمسة. وهي تروي قصة شعب اسرائيل من الخلقية إلى الاعداد لامتلاك أرض الموعد. ولكن هل أسفار موسى الخمسة هي مجرد سرد تاريخي لشعب الله المختار؟ أم هي شيء أكثر من ذلك؟ نتعرّف في خطة القراءات هذه على الأسفار من التكوين إلى التثنية، من خلال البحث في سبب كتابتها، ما قصدته لقرّائها الأصليين، والطريقة التي يجب بها أن نتجاوب معها اليوم. نقوم بتلخيص البنية، والمحتوى، والمعنى الأصلي، والتطبيق المعاصر للأسفار من التكوين إلى التثنية. كما نشرح كيف كان لقرّاء موسى الأصليين أن يفهموا الروايات القصصية الواردة في أول خمسة أسفار في الكتاب المقدس، وماذا تعني هذه القصص للمؤمنين المعاصرين.
More
نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: http://arabic.thirdmill.org