أسفار موسى الخمسةعينة

أسفار موسى الخمسة

يوم 15 من إجمالي 32

اليوم 15: المواضيع الرئيسية (ولاء الله لإسرائيل)

يوضّحُ كلا العهدَين القديم والجديد أن الخلاصَ الأبدي يُمنَحُ بالكاملِ من خلالِ نعمةِ الله. فلم يستطعْ أحدٌ أن يربحَ الخلاصَ بالأعمال. ولكن يوضّحُ الكتابُ المقدسِ أيضاً أنه عندما ينالُ البشر نعمةَ الله المُخلّصة، يبدأُ روحُ الله بتغييرِهم، فيسعون إلى طاعةِ وصايا الله بامتنانٍ من القلبِ على مراحمِهِ العديدة. وهذا هو ثمرُ روحِ الله في داخلِنا. ونحن إذ ننظرُ إلى موضوعِ الولاءِ لله في حياة يعقوب، يجبُ أن نُبقي دائماً هذه الأبعادُ اللاهوتيّة الأساسيّة في ذهنِنا. سننظرُ في ولاءِ إسرائيلَ للهِ كوجهٍ من أوجهِ المعنى الأصليّ الذي قَصَدَهُ موسى، ثم ننتقلُ نحو التطبيقِ المعاصرِ لهذا الموضوع.

1) المعنى الأصلي: 

شدّدَ موسى على ولاءِ يعقوب للهِ ليَحُثَّ قرّاءَهُ الأصليين حتى يكونوا مُخلِصينَ للهِ في يومِهِم. وكانت إحدى أوضحُ الطرقِ التي فعلَ فيها موسى ذلك، في إشارتهِ إلى أن اللهَ غَيّرَ يعقوب وجعلهُ خادمهُ المُخلص. في الأقسامِ الأولى لقصةِ يعقوب، صُوِّرَ الأبُ يعقوب بطريقةٍ سلبيةٍ إلى حدٍ بعيد. وتُصوِّرُ ولادةَ يعقوب إيّاه قابِضاً بعَقِبِ أخيه، وبالتالي محاولاً أن يستولي على مركزِ البِكر. وفي صباه، نعرفُ أن يعقوب استغلَّ جوعَ أخيه عيسو ليضمنَ بَكوريّة عيسو لنفسِهِ. كما نعلم أنه خدعَ أباهُ العجوز لينالَ البركةَ التي كانت محفوظةً لعيسو. والاستثناءُ الوحيدُ لهذا الوصفِ السلبي هو نذرُ يعقوب في بيتِ إيل حيث أقسمَ أنه إن حفظَهُ الله فسيجعلَ من الربِ إلهاً له.

ثم بعد قَسَمه، ذهبَ يعقوبُ ليعيشَ مع لابان. ويبدو أن بذرةَ الولاءِ للهِ التي زُرِعت في قلبِ يعقوب في بيتِ إيل استمرت بالنمو. وعلى الرَغم من سوءِ المعاملةِ التي تلّقاها يعقوبُ من حميِه، بعدَ انتهاءِ خدمتهِ له وعودتهِ، أصبحَ إنساناً جديداً. جعل موسى هذا التحوّلَ واضحاً في أربعِ طرقٍ على الأقل. 

أ- يخبِرُنا موسى أن يعقوب أظهرَ نَدَماً نحوَ عيسو. في التكوين 32: 4-5، أوصى يعقوبُ خدّامَهُ أن يخاطِبوا عيسو نيابةً عن يعقوب بعبارةِ "سيّدي". وعندما التقى يعقوبُ نفسَهُ أخيراً بعيسو في التكوين 33: 8، خاطبَهُ مباشرةً داعياً إيّاهُ "سيّدي".

ب- أَظهرَ يعقوبُ نَدَماً نحوَ الله (التكوين 32: 10).

ج- نالَ يعقوبُ اسماً جديداً من الله. في التكوين 32: 22-32، صارعَ يعقوبُ ملاكاً عندَ مَخاضةِ نهرِ اليبّوق. وفي العدد 27، اعترفَ يعقوبُ للملاكِ بأنّه كانَ "مُخادعاً" عندما أقرَّ له بأنّ َاسمهُ يعقوب. إلّا أنّ الملاكَ ردَّ على اعترافِ يعقوب في التكوين 32: 28 قائلاً: "لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ." شرحَ الملاكُ ليعقوب أن هذا الاسمَ ينطبقُ عليهِ بصورةٍ خاصّةٍ، لأنّه جاهدَ مع اللهِ والناسِ وقَدَرَ. فجِهادُ يعقوب مع اللهِ يُشيرُ إلى هذا المشهدِ بالذات، أي مصارعتهُ من أجلِ نوالِ البركة. وعلى الأرجحِ، أنّ مصارعةَ يعقوب مع الناسِ تُشيرُ إلى مصارعتهِ مع عيسو ولابان. أمّا على المستوى الشخصي، يَدلُّ اسمَه الجديد على أنّه أصبح إنساناً جديداً. فعِوضاً عن البقاءِ مخادِعاً، أصبحَ يعقوب "إسرائيل" الذي جاهدَ وقَدَر. سيكون من الصعبِ أن نبالغَ في تقديرِ أهمية ما عناهُ اسمُ يعقوب الجديد بالنسبةِ للقرّاءِ الأصليين لموسى. فقد كان "إسرائيل" الاسمَ القومي للأسباطِ الاثنيْ عشر، التي قادها موسى من مِصر إلى أرضِ الموعد. وحينَ سمعوا بالاسمِ الجديد لأبيِهِم يعقوب كخادمِ الله المُخلص، تَذكّروا أنّه، لكونِهِم إسرائيل، هم مَدعوّونَ للصراعِ والغلبة، تماماً كما فعل يعقوب.

ه- إن التصويرَ الرابعَ الإيجابيَّ ليعقوب بعد تركهِ لابان، كان في عبادتهِ الصادقةِ حين رَجِعَ إلى بيتِ إيل.

تماماً كما وعدَ يعقوبُ اللهَ في بيتِ إيل بأن يبقى مُخلصاً له، في التكوين 28: 20-21، نرى في التكوين 35: 3 أنه بنى مذبحاً للربِ في بيتِ إيل وعَبَدَ الربَّ بكلَّ صدقٍ.

وكانت لرِوايةِ موسى عن تحوّلِ يعقوب نتيجتان رئيسيّتان على قرّائهِ الأصليّين. فقد تناولَ عدمُ ولاءِ يعقوب، لأنّ قرّاءَهُ الأصليّين احتاجوا لمواجهةِ الطرقِ العديدةِ التي لم يكونوا فيها مُخلصين لله. لكنّه قدّمَ أيضاً تَحوّلَ يعقوب إلى خادمٍ مخلصٍ لله ليَحُثَّ قرّاءَه للاقتداءِ بولاءِ يعقوب في يومِهِم. وبقَدرِ ما كان قرّاءُ موسى الأصليّين بحاجةٍ للاعتمادِ على نعمةِ الله، كانوا كذلكَ بحاجةٍ للالتزامِ بخدمةٍ مُخلصةٍ للهِ، بينما يواجهون تحدّيّاتِ الحياةِ في أرضِ الموعد.

2) التطبيق المعاصر: 

سنتناولُ التطبيق المعاصر من جهةِ تأسيسِ واستمراريّةِ واكتمالِ ملكوتِ المسيح.

أ- تأسيس الملكوت: في كلِّ مرّة تقودُنا سيرةُ حياةِ يعقوب إلى الشعورِ بمسؤوليتِنا لنكونَ مخلصينَ لله، يجب أن نُبقي في أذهانِنا كيف أكملَ المسيحُ نفسَهُ كلَّ برٍّ في تأسيسِهِ لملكوتهِ. تُخبِرُنا الرسالةُ إلى العبرانيين 4: 15 أنّ المسيحَ كان مُجرّبٌ في كلِّ شيءٍ، مِثلَنا تماماً، لكنّه لم يُخطئ أبداً. في الواقعِ، كان المسيحُ مُخلصاً لوصايا اللهِ حتّى أنّه ماتَ طوعاً على الصليب، واحتملَ قصاصَ اللهِ عِوضاً عن كلِّ من يُؤمِنُ به. وهكذا يُحسَبُ بِرُّهُ الكاملُ لنا بالإيمان. فولاءُ المسيحُ نفسُهُ للهِ في تأسيسهِ لملكوتِهِ يَمنعُنا من حَصرِ تطبيقِ حياةِ يعقوب على الجانبِ الأخلاقيّ - "افعل هذا. لا تفعل ذاك". فينبغي أن ننظُرَ، بالدرجةِ الأولى، إلى كلِّ تضمينٍ أخلاقيٍّ لحياةِ يعقوب من منطلقِ إتمامِ المسيحِ لكلِّ برٍّ من أجلِنا.

ب- استمرارية الملكوت: عندما ننظرُ إلى موضوعِ الولاءِ في قصّةِ يعقوب، نجدُ أنّه يُوجّهُنا لنخدمَ المسيحَ بإخلاصٍ في يومِنا هذا. فأثناءَ استمراريّةِ ملكوتِ المسيح، ما زالت حياةُ يعقوب تدعونا إلى التفكيرِ في ولائِنا الشخصيِّ لله. وتُذكِّرُنا بنصوصٍ مثلِ العبرانيين 12: 1-2 التي تُحثُّنا على أن نَتمثّلَ بأمانةِ أولئكَ الذين سبقونا، بمن فيهِم يعقوب.

ج- اكتمال الملكوت: إنّ كلَّ جانبٍ من سيرةِ يعقوب الذي يتعلقُ بمطلبِ الولاءِ البشريّ، يجب أن يُحوِّلَ قلوبَنا نحو الولاء للمسيح عند اكتمالِ ملكوتِ الله. فموضوع الولاء يُذكّرُنا بأنّنا نحن الذينَ نتبعُ المسيحَ، سنتحوّلُ يوماً ما إلى خدّامِ اللهِ الأمناءِ والكاملين. وكما يَرد في نصوصٍ مثل 1 يوحنا 3: 2، عندما يعودُ المسيح "سنكونُ مِثلَهُ".

يوم 14يوم 16

عن هذه الخطة

أسفار موسى الخمسة

تدعى أول خمسة أسفار في العهد القديم عادة أسفار موسى الخمسة. وهي تروي  قصة شعب اسرائيل من الخلقية إلى الاعداد لامتلاك أرض الموعد. ولكن هل أسفار  موسى الخمسة هي مجرد سرد تاريخي لشعب الله المختار؟ أم هي شيء أكثر من  ذلك؟ نتعرّف في خطة القراءات هذه على الأسفار من التكوين إلى التثنية، من خلال  البحث في سبب كتابتها، ما قصدته لقرّائها الأصليين، والطريقة التي يجب بها  أن نتجاوب معها اليوم. نقوم بتلخيص البنية، والمحتوى، والمعنى الأصلي، والتطبيق المعاصر للأسفار من التكوين إلى التثنية. كما نشرح  كيف كان لقرّاء موسى الأصليين أن يفهموا الروايات القصصية الواردة في أول  خمسة أسفار في الكتاب المقدس، وماذا تعني هذه القصص للمؤمنين المعاصرين.

More

نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع:  http://arabic.thirdmill.org​​​​​​​