قانون إيمان الرسلعينة
اليوم 37: المقدسة (الأشخاص)
يشير الكتاب المقدّس، على نطاق واسع، إلى الأشخاص "كمقدّسين"، عندما يكونوا مفروزين عن بقية العالم، ليكونوا نافعين في الخدمة الخاصة لله. على سبيل المثال، دُعيت كل أمة إسرائيل العهد القديم "مقدّسة" بانتظام، لأن الله قطع عهداً معها (خروج 19: 5-6، تثنية 7: 6–9، 28: 9، حزقيال 37: 26-28). ويستمر هذا الموضوع في كنيسة العهد الجديد أيضاً. على سبيل المثال، يتحدث لوقا 1: 72 عن يسوع بأنه أتى ليتمّم عهد الله المقدّس. وبسبب فهم الكنيسة على أنها إسرائيل العهد الجديد المتجددة والمُستعادة، فهي مقدّسة أيضاً (كولوسي 3: 12، عبرانيين 10: 29).
اقتبس بطرس عدة فقرات من العهد القديم تتحدث عن قداسة إسرائيل، وطبّقها على الكنيسة. وكانت وجهة نظره أن الكنيسة في العهدَين القديم والجديد كانت واحدة ونفس الجماعة المقدّسة (1 بطرس 2: 9). ورغم أن الجميع في إسرائيل أو في كنيسة العهد الجديد لم يكونوا مؤمنين حقيقيين، فقد اعتُبروا مقدّسين لأنهم كانوا جزءاً من جماعة عهد الله، أي الشعب الذي دخل في عهدٍ مع الله. وفاقت قداسة المؤمنين في جماعة العهد، قداسة غير المؤمنين. حيث كان غير المؤمنين مقدّسين، فقط لأنهم مفروزين لله. لكن لم يكن المؤمنين مقدّسين فقط لأنهم مفروزين لله، بل لأنهم طاهرين أخلاقياً في المسيح ومطيعين لله أيضاً. وكان الهدف دائماً، بالطبع، أن تؤمن جماعة العهد بأكملها– وأن يكون الجميع أمناء لله ويعيشوا حياة طاهرة أخلاقياً.
1) الكنيسة المنظورة:
تشمل الكنيسة المنظورة، في كل لحظة، كل من يشارك في اجتماعات الكنيسة بانتظام، بغض النظر عن حالة قلوبهم. وهناك عدة طرق مختلفة يمكن أن يُحسَب بها الناس جزءاً من الكنيسة المنظورة. ويمكن إثبات أنهم في عهد مع الله، بالمعمودية في العهد الجديد، أو الختان في العهد القديم. ويمكن أن يكونوا مؤمنين أو يعترفوا بإيمانهم بالمسيح. أما في الكنائس التي لا تحتفظ بعضوية رسمية، أو لا تمارس مراسيم تثبيت العهد، مثل المعمودية، فقد يتم اعتبارهم كأعضاء عهد، فقط لأنهم يخضعون لتعليم الكنيسة بشكل منتظم. أو كما علّم بولس في 1 كورنثوس 7: 14 يمكن أن يكون لهم ببساطة والد أو شريك حياة مؤمن.
على سبيل المثال، كانت كل أمة إسرائيل في العهد القديم جزءاً من الكنيسة، رغم عدم امتلاك الجميع للإيمان الخلاصي. وكان الجميع على الأقل ضمن الأمة. بالإضافة إلى ذلك، وكما أوصى الله في تكوين 17، فقد تم تثبيت الجميع في العهد مع الله من خلال ختان الذكور.
ونجد شيئاً مشابهاً في العهد الجديد. حيث اعتُبِرَ كل من كان جزءاً من اجتماعات الكنيسة، كجزءٍ من الكنيسة. ويشمل هذا كل من أعلن إيمانه، كل من اعتمد، أولاد وأزواج المؤمنين، وخدام وعبيد بيوتهم على الأغلب. على سبيل المثال، عندما كتب بولس الرسائل إلى الكنائس المختلفة، قصد أن تُقرأ تلك الرسائل على كل من كان مرتبطاً بتلك الكنائس. كما يمكننا أن نرى من تحذيراته للمسيحيين حتى يفحصوا أنفسهم لمعرفة فيما إذا كان لديهم الإيمان حقاً، توقع بولس تماماً وجود أشخاص غير مؤمنين داخل الكنيسة (2 كورنثوس 13: 5).
كما توقّع يسوع الأمر ذاته في مثله عن الحنطة والزوان في متى 13: 24–30، حيث تكلم عن عدم إخراج غير المؤمنين من الكنيسة. كما نرى الأمر ذاته في الرسائل إلى الكنائس في رؤيا 2-3، حيث شجعهم يسوع باستمرار على الغَلَبَة والتحمل حتى النهاية. ونرى نفس التشديد في التحذيرات من كسر العهد الجديد في فقرات مثل عبرانيين 6: 4–8؛ و10: 29.
تعني الصفة المختلطة للكنيسة المنظورة، وجوب أن نكون مستعدين دائماً ضد عدم الإيمان والأخطاء في الكنيسة. وفي الوقت نفسه، تستمر قداسة الكنيسة حتى عندما يشترك غير المؤمنين في خدماتها. ولهذا، نكرم الأسرار، أي فرائض الله المقدّسة. ونحترم كلمة الله المقدّسة، حتى عندما يُكرَز بها بشكل رديء أو برياء، كما علّم بولس في فيلبي 1: 14–18. إن قداسة الكنيسة هي بمثابة تحذير بعدم وضع الكنيسة مكان الله، وتأكيد بأن الله يستخدم الكنيسة بصورة فعّالة رغم خطيّة الإنسان وعدم إيمانه.
2) الكنيسة غير المنظورة:
في حين أن الكنيسة المنظورة تشمل كل جزء من جماعة عهد الله، تتألف الكنيسة غير المنظورة فقط ممن اتحدوا بالمسيح في الخلاص. ولهذا تسمى أحياناً بالكنيسة الحقيقية. وقد نفكر بها كمجموعة أصغر مُحتواه كلياً داخل الكنيسة المنظورة. ونعامل معظم الناس في الكنيسة المنظورة عموماً كما لو أنهم مُخلَّصين فعلاً، دون الشك بإيمانهم. لكن الحقيقة هي أن الله وحده قادرٌ على كشف القلب (مزمور 44: 21، أعمال الرسل 15: 8).
وهكذا، وحده الله قادرٌ على معرفة الكنيسة غير المنظورة بكل يقين في هذه المرحلة من التاريخ. ورغم أننا سنركّز بصورة رئيسية على الكنيسة غير المنظورة كما هي موجودة على الأرض في أية لحظة، مهمٌ أن ندرك أن الكنيسة غير المنظورة تشمل أيضاً كل المؤمنين الذين عاشوا قبل خدمة المسيح الأرضية وبعدها. إن الأسفار المقدّسة مُوجَهةٌ عادةً إلى الكنيسة المنظورة بدلاً من الكنيسة غير المنظورة، لكنها تعطي قرّائها بشكل عام الثقة فيما يتعلق بخلاصهم. وتوجد بعض الاستثناءات الجديرة بالملاحظة (1 كورنثوس 5 و1 تيموثاوس 1: 19-20). ولم تكن بعض الرسائل إلى الكنائس في رؤيا 2-3 متفائلة بالنسبة لقرّائها. لكن توقع كتّاب الأسفار المقدسة من قرائهم، بصورة عامة، أن يؤمنوا بالله، يثقوا به ويطيعوه بأمانة. وقد كان الهدف أن يتم إثبات إخلاص الجميع – أن تكون الكنيسة المنظورة بأكملها، جزءاً من الكنيسة غير المنظورة.
عندما يعود يسوع سيطهّر كنيسته من الأشخاص غير المؤمنين بالكامل، حتى تكون الكنيسة غير المنظورة مطابقة للكنيسة المنظورة. ونجد هذا في متى 7: 21–23؛ و13: 24–30، 1 كورنثوس 3: 12–15، و1 بطرس 4: 17–19. لكن حتى ذلك الوقت، ستكون هوية من في الكنيسة غير المنظورة، معروفة بكل يقين عند الله وحده. إننا على عِلم بوجود أشخاص غير مؤمنين في الكنيسة المنظورة. وهذا يعني، أن عضوية الكنيسة غير كافية لتضمن خلاصنا. ولهذا السبب، يجب أن نستمر في تعليم إنجيل الفداء والكِرازة به، ليس للآخرين فقط بل لنا أيضاً. يجب أن نتأكد أن الأشخاص غير المؤمنين في كنائسنا مدعوين إلى المسيح وليكونوا جزءاً من الكنيسة غير المنظورة.
عن هذه الخطة
هناك العديد من الطوائف، والانقسامات، والخلافات اللاهوتية في الكنيسة المعاصرة. ولكن على الرغم من أنواع الانقسامات هذه، فهناك جوهر مشترك للإيمان يُقرّه كل المسيحيين الأمناء على مر التاريخ. وإلى ما يقرب من ألفي عام، تم تلخيص جوهر الإيمان هذا في قانون إيمان الرسل. تشرح هذه الخطة تاريخ واستخدام قانون إيمان الرسل، كذلك تفاصيل وأهمية كل مادة من مواد الإيمان للكنيسة المعاصرة.
More
نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: http://arabic.thirdmill.org/