(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

شرح النص

يختتم يسوع بهذا المثل القصير سلسلة الأمثال الواردة في الفصل الثالث عشر من إنجيل متَّى.

يسعى هذا المثل إلى إظهار هدف الأمثال عامَّة، ويكشف خاصَّة منهجيَّة يسوع التعليميَّة التي اعتمدها في الأمثال.

سأل يسوع تلاميذه أوَّلًا: أفهمتم هذا كلَّه؟ قالوا له: نعم. ينطلق يسوع من محطَّة أساسيَّة أولى هي التأكُّد من أنَّ مضمون تعليمه وصل إلى تلاميذه. فالأساس الأوَّل للمثل هو أن يفهَم؛ وإذا لم يُفهم، فلا مجال للذهاب إلى أبعد.

يُعطي يسوع، بعد التأكُّد من فَهم التلاميذ، مثلًا عن الكاتب الذي تتلمذ للملكوت، فيقول فيه: يشبه ربَّ بيت يخرج من كنزه كلَّ جديد وقديم. فَفَهْم المثل يكسبُ الذي فَهمَه "كنزًا". هذا هو رصيد الذي تتلمذ للملكوت: أنْ يفهم جوهر تعاليم يسوع.

يُطلَب من هذا التلميذ أن يخرج من هذا الكنز كلَّ جديد وقديم. بمعنى آخر، لا يكتفي مَن تتلمذ للملكوت بتكرار أقوال يسوع وأمثاله وقصصًا من حياته... عليه أنْ يجعل فكر يسوع يطاول مجتمعه، حتَّى يبقى يسوع يقول أشياء جديدة من خلال "روحانيَّة" تعاليمه. أمَّا القديم، فهو الأساس والتراث.

ضروريٌّ الرجوع إليه، وليس العيش فيه. من هنا نفهم كيف يبقى المؤمن متجدِّدًا ومتطوِّرًا.

تأمل في النص

يَقودنا نصّ مثل الجديد والقديم، أو مثل الكاتب المتتلمذ للمكوت، إلى فحص ضمير عميق وجوهريّ. التأمُّل الذي يعرضه علينا هو سؤال بسيط، يُخبِّئ جوابًا حياتيًّا: لو تجسَّد يسوع المسيح اليوم، أو بالأحرى لو كان يسوع عائشًا مكانك اليوم في الإطار الاجتماعيّ والاقتصاديّ والسياسيّ والروحيّ... كيف تعتقد أنَّه كان يتصرَّف؟

يأتي الجواب على هذا السؤال من المثل: إذا فَهمنا جوهر تعاليم يسوع، تأتي أقوالنا وأعمالنا تأوينًا ليسوع في مجتمعنا اليوم. في الواقع، نرى مفهوم الجديد والقديم نفسه في إنجيل يوحنَّا، ولكن بتعابير وصور مختلفة. إنَّه عمل "البارقليط"، الروح القدس، الذي يأخذ مِمَّا هو ليسوع ويكشفه للمؤمن.

فيسوع كان عنده أشياء أخرى يقولها... يأتي البارقليط ليُفهِم المؤمن جوهر وَحي يسوع وإنْ لم يُعبِّر عنه يسوع صريحًا خلال حياته الزمنيَّة. اكتساب الكنز يجعلك متجدِّدًا ومُجدِّدًا.

الفكرة الرئيسة

قد يصبح تكرار الماضي أصوليَّة مرفوضة إذا لم نقرأه بعيون متجدِّدة. هذه هي الأصالة.

صلاة

أعطني يا ربُّ أن أعيش التوازن المطلوب بين الماضي والحاضر، بين القديم والجديد، بين التراث والحداثة. حرِّرني من تكبيلات أساطير وخرافات ماضية، واضبطني بضوابط الروح القدس حتَّى لا يكون جديدي فلتانًا. آمين.

خذ قرارًا لهذا اليوم