(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

شرح النص

مع الوصول إلى تك 50 : 15 – 26 ، فإن قصة يوسف وسفر التكوين ككل يأتيان إلى خاتمتهما.

لكن التكوين ليس خاتمة ولكنه بداية. وتتألف خاتمة سفر التكوين هذه من جزئين رئيسيين يدور الجزء الأول بينهما حول تنظيم العلاقة بين يوسف وإخوته بعد موت يعقوب ودفنه (آ آ 15 – 21) في حين يدور الجزء الثاني حول نهاية حياة يوسف (آ آ 22 – 26). بعد دفن يعقوب، يقدم النص نسخة أخرى لتنظيم العلاقة بين يوسف وإخوته (50 : 15 – 21). ورغم أن هذا الجزء قد يبدو كمجرد إعادة تأكيد لتكوين 45 : 1– 15 ، فإنه من جهة أخرى يتميز عن التنظيم الأول للعلاقة بعدد من النقاط الهامة. فتكوين 50 : 15 – 18 يظهر بأن الإخوة لا زالوا عالقين في شعورهم بالذنب رغم مرور سنين طويلة على "حلهم" لمشكلتهم مع يوسف. وتك 50 : 18 تمثل التحقيق الفعلي للحلم الذي بدأت معه القصة (37 : 5– 11)، حيث أن إخوة يوسف يسجدون له هنا مع معرفتهم الكاملة بهويته في تحقيق صريح وصارخ لذلك الحلم. بالإضافة إلى ذلك، فإن جواب يوسف لإخوته (50 : 19) لا ينفي ذنب الإخوة أو يلغيه، ولكنه يترك المحاسبة لله ويعلن أن حل الأمور يعود لله، في اختلاف عن صورة يوسف في تك 45 حيث يعلن يوسف صفحه عن إخوته، معطيًا لنفسه الحق في العفو والعقاب، بينما في تك 50 ينفي يوسف هذا الحق عن نفسه ويدرك محدوديته ويعترف بها رغم أن إخوته يعطونه ما يتجاوز قدرته وسلطته ومحدوديته. في النهاية، تك 50 : 20 تقدم لاهوت هام جدًا حول علاقة الله بالشر، وهو اللاهوت الذي يتبناه يسوع والعهد الجديد فيما بعد، كما في إعلان بولس الشهير في رومة 8: 28 "ونَحنُ نَعلَمُ أنَّ اللهَ يَعمَلُ سويَّةً معَ الذينَ يُحبّونَهُ لِخَيرِهِم في كُلِّ شيءٍ، أُولَئِكَ الذينَ دَعاهُم حسَبَ قَصدِهِ". ومن الهام أن نشير هنا إلى أن إعلان يوسف ذاك لمشيئة الله للحياة لا يقوده للسلبية والاتكالية على الله، ولكنه على العكس من ذلك يمثل سببًا لالتزامه وتعهده هو بالمساهمة في تحقيق ذلك (تك 50 : 21).

تأمل في النص

كما هو الحال في الكثير من النصوص في قصة يوسف، يقدم لنا النص الموجود في تك 50 : 15 – 21 صورة للعديد من النقاط التي تتميز بها طبيعتنا البشرية. فهو يظهر لنا أننا كثيرًا ما نستمر بغرقنا في الشعور بالذنب لسنوات طويلة في حياتنا، رغم مسامحة الآخرين ومغفرة الله لنا. وهو يظهر لنا أننا كثيرًا ما نعطي لأنفسنا أو لمن هم في سلطة مكانة وقيمة تتجاوز محدوديتهم البشرية وننسى أننا كما كل الخليقة محدودون وأن صاحب السلطان الحقيقي الوحيد إنما هو الله لا سواه.

في نفس الوقت، يدعونا هذا لندرك أن إدراكنا لمحدوديتنا واعترافنا بسلطان الله لا يجب أن يكون سبب للاتكالية والسلبية ولكن مصدر للقوة ودافع للالتزام بالقيام بدورنا في تحقيق مشيئة الله كشركاء له في بناء ملكوته.

الفكرة الرئيسة

إلهنا يدعونا لكي ننسى ما وراء ونمتد إلى ما هو قدام فنترك خطايانا عند قاعدة صليبه وننطلق من قيامته في حمل رسالة ملكوت كشركاء أمناء لمن هو وحده القادر على تحقيق ملء ذلك الملكوت.

صلاة

أعطنا يا ربنا أن ندرك أننا محدودون لكن محبوبون، خطاة لكن مبررون، ضعفاء لكن مختارون.

خذ قرارًا لهذا اليوم