(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

شرح النص

في تكوين 40 يتحول يوسف من صاحب أحلام إلى مفسر لها، في اصحاح يتألف بمجمله من حلمين (آ آ 1– 8)، تفسيرين لهما (آ آ 9– 19)، وتحققهما (آ آ 20 – 23). 

ومن الهام أن ندرك أن الأحلام وتفسيرها كانت تتمتع بأهمية كبيرة في العصور القديمة وخاصة في الحضارة المصرية. لكن الأحلام في تكوين 40 وفي كل قصة يوسف هي عطية من الله، وتفسيرها هو عطية من الله، يقوم به يوسف لا بسبب تمتعه بامكانات خاصة ولكن بقوة الله المعطاة له مجانًا وكفعل نعمة من الله، الذي له وحده كل تفسير (آ 8). ومن الملفت للنظر أن الاصحاح يبدأ وينتهي مع يوسف وهو في السجن، رغم السلطان الذي يتمتع به على كبير سقاة وكبير خبازين فرعون في السجن (آ 3)، ورغم موهبته في تفسير الأحلام (آ 8)، ورغم ما يفعله لصالح رئيس السقاة ووعد رئيس السقاة له (آ آ 9– 15). لا بل وينتهي الاصحاح مع ضياع جديد لفرصة تحقيق الحلم الرئيسي لقصة يوسف (تك 37). بالإضافة لذلك، فرغم كل ما يتمتع به يوسف من نعمة الله ومن قدرة وسلطان عظيمين في تكوين 40 ، إلَّا أنه هو شخصيًا لا يزال في حالة حاجة كبيرة (آ آ 14 – 15 ، 23 ؛ قارن مع مت 27 : 42). ورغم أن الله يصنع له "حِسِد" في 39 : 21 ، إلَّا أن يوسف يطلب في 40 : 14 من رئيس السقاة، وهو لا يزال في السجن، أن يصنع له هو أيضًا "حِسِد"، ورغم ثقته بقدرة الله، يحتاج يوسف إلى معونة من حوله.

تأمل في النص

الأحلام في قصة يوسف ليست هدفًا بحد ذاتها ولكنها وسيلة لفهم مشيئة الله في المستقبل ولإعلان سلطان الله في الخليقة. وهكذا، فتكوين 40 يكشف قوة الله التي تختلف عن وتتجاوز كل ما تتمتع به السلطة من قوة، ويدعونا لنتجنب نسب العظمة لأنفسنا ولكن لنعطي القدرة والمجد لله.

كما أن تكوين 40 تكشف لنا أن الشخص صاحب السلطان المولود ليحكم هو نفسه شخص ضعيف ومحتاج، شخص من الأصاغر (مت 25 : 40 ، 45)، وأن المؤمن رغم تمتعه بمحبة الله، إلا أنه يحتاج أيضًا إلى محبة "قريبه". من جهة أخرىن تظهر لنا تكوين 40 طبيعتنا البشرية التي ما أن ترتاح حتى تنسى أولئك الذين هم في حاجة، حتى من يصنعون لنا خيرًا في حاجتنا نحن.

الفكرة الرئيسة

كل ما قد نتمتع به من "امكانات" هو عطية نعمة مجانية من الله، الذي لا نستطيع أن نعيش دون نعمته ودون محبته التي تتجسد من خلال من وما حولنا.

صلاة

مستحق أنت يا ربنا كل مجد وسلطان. أعنا لندرك محدوديتنا وحاجتنا لعمل نعمتك ومحبة "قريبنا" .

خذ قرارًا لهذا اليوم