(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

شرح النص

بعد أن يسقط يوسف من موضع السلطة التي حصل عليها في بيت سيده المصري إلى قاع السجن، نتيجة للتزامه بإيمانه وأمانته لإلهه، يأتي تك 39 : 21 – 23 ، لتعلن لنا أن تلك ليست هي النهاية. فتكوين 39 : 21 – 23 تعلن باستخدام تعابير شبه مطابقة لتلك التي استخدمت في وصف صعود يوسف إلى السلطة في قصر فوطيفار وفي وصف تحقيق يوسف لنجاح مشابه في السجن وصعوده للتمتع بالسلطة في السجن نتيجة لوجود الرب وبركته له ولعمله، في السجن كما في القصر.

وبالتالي، فتكوين 39 : 21 – 23 تظهر أن كون الرب مع يوسف، والتزام يوسف بطريق الرب لا ينجيه بالضرورة من السجن، لا بل وذلك بالذات هو ما يقوده إلى السجن، وأن الرب ليس مع يوسف فقط في نجاحه في القصر، لكنه معه ويرافقه حتى في قلب السجن، يمنحه "حِسِد" أي أمانة والتزام (آ 21) ويعطيه أن يعيش إيمانه ويتمتع بوجود الرب وبركته في وسط السجن.

تكوين 39 تعلن أن دخول يوسف إلى السجن لا يعني تخلي الرب عنه، لأن الرب يرافقه حتى هنا، وأن نتائج وجود الرب مع يوسف هي نفسها سواء في القصر (آ آ 1– 6) أو في السجن (آ آ 21 – 23).

تأمل في النص

تكوين 39 : 21 – 23 تعلن أن حياة الإيمان هي ليست حياة راحة ونجاح مستمرين، لكنها حياة تعاش بمخاطرة كبيرة، حياة تواجه تحديات وصعوبات وتجارب كثيرة؛ حياة لا تحمل أية ضمانة للمؤمن بتجنب المعاناة، لا بل هي حياة تتطلب من المؤمن في كثير من الأحيان أن يدفع ثمن التزامه بإيمانه ويبذل ويضحي حتى بذاته.

تكوين 39 : 21 – 23 تعلن أن الرب يرافق المؤمن ويعطيه أن يختبر بركته حتى في قلب المعاناة لا بل وفي أسوأ أوقات حياته، وأن المؤمن مدعو ليعيش إيمانه ويختبر بركة الرب في كل وقت من أوقات حياته، في السجن كما في القصر، في المعاناة كما في الراحة (انظر مز 39). وذلك بالذات هو ما يعلنه يسوع في رحلته إلى الصليب، الموت، القبر، الهاوية فالقيامة والمجد.

تكوين 39 تعلن أن المؤمن الحقيقي هو ليس الذي يختار أن يعيش إيمانه بمعزل عن العالم، أو يتخلى عن إيمانه ليرضي العالم، ولكنه الذي ينجح في أن يعيش إيمانه في قلب الحياة في العالم ويشهد لإيمانه في كل زمان ومكان.

الفكرة الرئيسة

نحن نؤمن بإله يرافقنا حتى في الهاوية ويدعونا لنختبر وجوده وبركنة حتى في أسوأ أوقات حياتنا وعندما نظن أنه قد تخلى عنا.

صلاة

يا ربنا أعطنا أن نرى ونختبر وندرك وجودك معنا ونشهد لذلك الوجود في كل شيء وزمان ومكان.

خذ قرارًا لهذا اليوم