رحلة نحو التميّزعينة

رحلة نحو التميّز

يوم 6 من إجمالي 6

الدور الذي أؤدّيه في تحقيق الجودة في حياة الآخرين

هل تعيشُ أنت لأجلِ ذاتك، أم لأجل الآخرين؟

وإذا طلبْتُ منك أن تكتب لائحة بالأشخاص الذين أثَّرْتَ أنتَ في حياتهم، فَكَمْ كلمةً تكتب؟ وَكَمْ سطرًا تكتب؟ وَكَمْ صفحةً تكتب؟

فالمسيح إذًا، ليس مخلصَنا وربّنا فقط، بل مثالنا أيضًا. وعندما ابتدأ بالخدمة، بحسب الإنجيل، دعا إليه سمعان وأندراوس بينما كانا يُلقيان الشبكة في البحر، قائلًا لهما: "هلمّا ورائي فأجعلكما صيادَي الناس" (متى 4). وأنتَ هل لديك تلاميذ يتبعونك؟ ما هي أسماؤهم؟

وعلى غرار المسيح، لمّا وصل الرسول بولس إلى...

1 ...دَرْبَةَ وَلِسْتَرَةَ، وَإِذَا تِلْمِيذٌ كَانَ هُنَاكَ اسْمُهُ تِيمُوثَاوُسُ، ابْنُ امْرَأَةٍ يَهُودِيَّةٍ مُؤْمِنَةٍ وَلكِنَّ أَبَاهُ يُونَانِيٌّ، 2 وَكَانَ مَشْهُودًا لَهُ مِنَ الإِخْوَةِ الَّذِينَ فِي لِسْتَرَةَ وَإِيقُونِيَةَ. 3 فَأَرَادَ بُولُسُ أَنْ يَخْرُجَ هذَا مَعَهُ، فَأَخَذَهُ وَخَتَنَهُ مِنْ أَجْلِ الْيَهُودِ الَّذِينَ فِي تِلْكَ الأَمَاكِنِ (أي أهله للخدمة)، لأَنَّ الْجَمِيعَ كَانُوا يَعْرِفُونَ أَبَاهُ أَنَّهُ يُونَانِيٌّ 4 وَإِذْ كَانُوا يَجْتَازُونَ فِي الْمُدُنِ كَانُوا يُسَلِّمُونَهُمُ الْقَضَايَا الَّتِي حَكَمَ بِهَا الرُّسُلُ وَالْمَشَايخُ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ لِيَحْفَظُوهَا (أعمال الرسل 16 : 1-3).

وكان بولس باستمرارٍ:

* يُشجّع ويدعم تيموثاوس ويصلي من أجله ليُصبح الخادم المُتميّز. كما في (1 تيمو 1: 18): هذِهِ الْوَصِيَّةُ (إعلان يسوع المسيح) أَيُّهَا الابْنُ تِيمُوثَاوُسُ أَسْتَوْدِعُكَ إِيَّاهَا حَسَبَ النُّبُوَّاتِ الَّتِي سَبَقَتْ عَلَيْكَ، لِكَيْ تُحَارِبَ فِيهَا الْمُحَارَبَةَ الْحَسَنَةَ، 19 وَلَكَ إِيمَانٌ وَضَمِيرٌ صَالِحٌ، الَّذِي إِذْ رَفَضَهُ قَوْمٌ، انْكَسَرَتْ بِهِمِ السَّفِينَةُ مِنْ جِهَةِ الإِيمَانِ أَيْضًا.

* وكان يُحمِّله مسؤوليّات شبه مستحيلة: مثلًا مواجهة المعلّمين الكذبة في أفسس، الوعظ والتعليم، والقيادة، ومخاطبة الشيوخ، والأحداث، والأغنياء؛

* وكان في علاقة دافئة معه، كما رأينا الأسبوع الماضي، في (1 كور 4 : 17)، إذ يقول: "لِذلِكَ أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ تِيمُوثَاوُسَ، الَّذِي هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ وَالأَمِينُ فِي الرَّبِّ، الَّذِي يُذَكِّرُكُمْ بِطُرُقِي فِي الْمَسِيحِ كَمَا أُعَلِّمُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ." وفي (2 تيمو 1 : 3-4): "كما أَذْكُرُكَ بِلا انْقِطاعٍ في طَلِباتي لَيْلًا ونَهارًا، مُشْتاقًا أَنْ أَراكَ ذاكِرًا دُموعَكَ لِكَيْ أَمْتَلِئَ فَرَحًا".

وقد ذكره في الرسالة إلى فليمون، كما في الرسالة إلى العبرانيّين 13، وسمّاه "تيموثاوس الأخ"، وفي أماكن أخرى "الشريك في الخدمة واحتمال المشقّات".

لقد وجد بولس في تيموثاوس الشخص المناسب لِلمكان المناسب، وأَهَّلَه لِيَقوم بالخدمة من خلال التعليم والتوجيه والمرافقة، وأعطاه فرصة للخدمة مع جَرْعات من التشجيع والدعم المستمِرَّين لِيَتفوّق بِعمله. وقام بكلّ هذا من خلال علاقة صادقة وعميقة وصحّية ودافئة...

لا تنسَ أنّ بولس هو تلميذ المسيح بطريقة غير مباشرة. وقد عاش حياته وتصرّف على مثال المسيح. فهل تقتدي أنتَ ببولس وتعمل مثله؟ ومتى ستفعل ذلك؟

لِكي تقوم أنتَ بذلك، مطلوب منك:

1) أن تُحدِّد مواهبك فذلك يُساعدك على النجاح في استثمار حياتك بشكلٍ مفيد: فالله أعطانا مواهب متعدِّدة. وعندما تَعرف موهبتك تستطيع من خلالها أن تتوجَّه إلى خدمة الآخر بشكلٍ نوعِيّ:

أ- فإن كنتَ مرشدًا أو ناصحًا؟ عندما يكون أحدهم في مشكلة، ويحتاج إلى حكمة أو نصيحة، وخصوصًا بين الأزواج والعائلات، فاذهب إليه.

ب- وإن كنتَ مدرِّبًا؟ اِعمَلْ على مضاعفة جهود الآخرين، وساعدهم على تحقيق أهداف معيّنة، وقدِّمْ لهم الأفضل ليُحقّقوا النجاح الباهر، لِيكونوا نواةً لجيلٍ جديد.

ج- وإن كنتَ معلِّمًا؟ وَجِّه نحو معرفة الحقّ، والسلوك والعيش بِموجَبِه، كُنْ إيجابيًّا، ولا تقضِ وقتك في "الدفاعيّات" و"العيش بين القبور".

د- وإن كنتَ مُعَزِّيًا ومُشَجِّعًا؟ قَوِّ الضعيف لِئلّا يشعر بالإحباط واليأس، عَزِّ المريض والمتألم، وابْعث فيه الرجاء والأمل. وإن تَعَثَّر بعض الأشخاص في حياتهم، فهم بحاجة إلى أن تكون بجانبهم.

ه- وإن كنتَ مُصلِّيًا؟ صَلِّ لأجل كلّ متألّمٍ ومُحتاج، وتَشفَّع واطلب مِنَ الرب أن يُعطِيَهم ما يُناسِبهم.

و- وإن كنتَ خادمًا؟ وَجِّه خدمتك إلى كلِّ ما يَبني ويُهذِّب النفوس.

ز- وإن كان لديك فكر بنّاء؟ اِعْمل على تقديم النصيحة البنّاءة، لِتسهُل معالجة الأمور بالشكل الأفضل.

وإن كان الربّ أعطاك أكثر من مواهبة، فالمطلوب منك أولًا: أن تعرف نفسك جيّدًا لكي تُحسِن الخدمة، وذلك عن طريق الصلاة: "يا رب ماذا تُريد مني؟"؛ وقراءة الكلمةِ الروحيّة، والكتب في مختلف المجالات؛ ومعرفة المجال الذي تنجح فيه؛ واستشارة الأصدقاء القريبين منك.

2) أن تكون مصمِّمًا على "الاستثمار" في الناس، وقُمْ بذلك بِشكلٍ مُتعمّد:

أ- فَكِّر مَلِيًّا كيف سـ"تستثمر" في الناس. فكل شيء يبدأ في التفكير. (لعب كرة القدم؟ اجتماع في بيت، زيارة، عشاء، غداء، صلاة، قراءة، إصغاء، توجيه).

ب- خصص وقتًا للاستثمار في الناس. (ضع مساحة للآخر في مفكرتك).

ج- اِبحثْ عن الناس، ولا تنتظر أن يأتوا هم إليك. فإنّهم لم يأتوا إلى المسيح لو لم يُبادر هو إلى دعوتهم، وهذه علامة أنّ عليك أن تبحث عن الآخرين. وبولس دعاهم أيضًا. ابحث عنهم بروح الصلاة. ولا تقل: لِمَ الذهاب إلى الكنيسة؟ أصلّي وأسمع كلام الله في الإذاعة أو على التلفاز! لكن اِعْلَمْ أنّك عندما لا تأتي إلى الكنيسة، قد يَتضرّر أحدهم. إذ ربّما بِابتسامتك، بِسلامك، بِكلمتك تُحْيي إنسانًا من موت الخطيئة، وتردّه إلى المسيح. وإذا حضرْتَ، فلا تغادِرْ مسرعًا، فقد يُسبِّب حضورك تشجيعًا لِأحدهم، ونعمة لآخر. كُنْ جاهِزًا لِتُساند أيّ شخصٍ لكي يتميّز. وتُساهِمَ في إنماء ثقافة التميّز.

د- أهِّلِ الآخرَ، وشجِّعْه ليرافقك ويتعلّم منك. واستغِلَّ كلَّ فرصة لتستثمر في حياته.

إليك هذه النصيحة المهمّة: تعامل دومًا مع الإنسان بكلّيّته وشموليته. إذ لا يَحسُن أن نُجزِّء الإنسان. لا تتأثَّر كثيرًا بالغرب، فالناس في شرقنا تسمع بمشاعرها، وترغَب في علاقات متينة. وعندما وطئ المسيح أرضنا، اهتمّ بكلِّ ما هو الإنسان: دعا الناس إلى حياة جديدة، وعلَّمهم، حرَّرهم من العبوديّة، شفى أسقامهم، وصلّى...

أمّا كيف استثمر في حياة الآخرين؟ فإليكم بعض الأمثلة:

أ) ابنة جيراننا صبيّة تهوى الموسيقى، شجَّعْتُها على العزف على آلة البيانو، فأصبحت اليوم عازفة واثقة.

ب) اِلْتقيْتُ شابًا يبحث عن خدمة يُؤَدّيها، فوثِقْتُ به وأوكلتُ إليه الاهتمام بأولاد الرعيّة، فأنشأ لهم فريقًا كشفيًّا. واليوم هو يجمعهم ويُنظِّم لهم نشاطات مختلفة!

ج) اهْتممْتُ، بكلّ محبّة وتجرّد، برجل أهمل عائلته، وانصرف إلى تعاطي المخدِّرات. فكانت النتيجة أن ندم على تصرّفه السيّئ، وقَبِلَ أن يتعالج في مصحّ، وها هو اليوم يُدير دكّانًا صغيرًا، يعتاشُ منه مع عائلته.

واللائحة تطول جدًّا إن شئْتَ. لكنّي آملُ أن تكون لائحتك أطول من لائحتي.

كُنْ مصممًا إذًا على الاستثمار في الناس الذين تلقاهم. وسيكون الآتي أروع.

3) أن تَتَّكِل على روح الرب وليس على قوتِك

- يقول بعضهم: أنا ضعيف، لا أستطيع أن استثمر في الآخرين. أمّا بولس فقال: ولكن لنا هذا الكنز في أوانٍ خزفيّة لكي يكون فضل القوة لله لا مِنّا. (في الماضي كانوا ينقلون الذهب في أواني خزفية لكي لا يدري أحد ما في داخلها فيَسرقها).

- يُحوِّل الروح الضعفَ إلى قوّة، الضعيف يَتَّكل على الربّ أكثر من القويّ. فَاسْمَح لِروح الربّ أن يُحوِّل ضعفك تجاه الآخرين إلى قوة، فتكون لك فرصة لتشهد على نعمة الله فيك.

- كل اختبار مرير يمكن أن يَهدِم حياتك، إلّا إذا نَظرْتَ إليه كأنّه إشارة من الله، وسِرْتَ به نحو الله، فَيَبني عندئذٍ حياتك. (كلّ إنسان حكيم أو متفوّق، اِختبر السقوط والألم قبل أن ينجح). وإليك بعض الأمثلة على ذلك:

(1) التقيْتُ الأسبوع الماضي امرأة تعتني بأحد أولادها الذي يُعاني صعوبات تعليميّة. فسألتها: هل لديك اختصاص في هذا المجال؟ فقالت لي كلّا! ولكنّي اطّلعْتُ على برنامج لمعالجة الأولاد الذين يُعانون صعوبات تعليميّة، وطوّرتًه بما يتلاءم مع احتياجات ابني، وها أنا أهتمّ بمعالجته. (لا يسمح الله أن يذهب أَلَمُك أو تعبك سدًى، فاستخدمه لخدمة الآخر).

(2) فَقَدَتْ إحدى العائلات ابنًا لها في حادث سير مؤلم. وبعد التأمّل والتفكير، قرَّرتْ إنشاء مؤسَّسة لإرشاد الشباب والحدّ من تهوّرهم في قيادة السيّارات. (حوَّلَتْ هذه العائلة ألمها فرصة للحدّ من أَلَم الناس).

في الختام، لا يُقدِّر كلّ إنسان استثمارك في حياته:

- فالبعض يأتي إليك عندما يسقط فقط؛

- والبعض الآخر ينساك عندما يتفوّق؛

- فيما كثيرون لا ينسَوْنَك، ولكنّهم لا يُعبِّرون ولا يعرفون قيمة ما فعلْتَ من أجلهم؛

- وبعضهم يُقدِّرونك جدًّا فاقبل تقديرهم.

لذلك لا تعتبر ذاتك فاشلًا ولا تستسلِمْ، بل اطلب إلى الربّ أن يُبارِك الجميع، فأنت تأمل من خلال الاستثمار في حياتهم أن يستثمروا في حياة الآخرين، وليس في حياتك.

هل أنت تعيش لذاتك، أم لأجل الآخرين؟

إذا طلبت منك أن تكتب لائحةً بالأشخاص الذين أَثَّرت أنت في حياتهم، فكم كلمةً تكتب؟ كم سطرًا تكتب؟ كم صفحةً تكتب؟

حدِّد مواهبك لكي تستطيع أن تستثمر في الآخرين بشكلٍ مفيد. وابْقَ مصمِّمًا على ذلك، وقم به مُتعمِّدًا

ومُتَّكِلًا على روح الربّ وليس على قوَّتِك.

يوم 5

عن هذه الخطة

رحلة نحو التميّز

رحلة نحو التميز، هي دعوة للانطلاق في مسار روحي عميق يسعى فيه الإنسان إلى التفوق في حياته من خلال الاقتداء بالرب يسوع المسيح والسير في طريقه، ليتمكن الفرد من تحقيق أهدافه بروح المحبة والخدمة، ليكون أداة للسلام والنور في هذا العالم.

More

نود أن نشكر Resurrection Church على توفير هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة: https://www.rcbeirut.org/