سفر صموئيلعينة
رفض شاول كملك (1 صموئيل 13: 1-15: 35).
تحذيرُ صموئيلَ المُنذِرُ بالشؤمِ في نهايةِ تنصيبِ شاولَ كملكٍ، يمهِّدُ الطريقَ لمَا سوفَ يلي. في 13: 1-15: 35، نقرأُ عنْ رفضِ شاولَ كملكٍ من قِبَلِ الرَّبِّ.
خلالُ هَذهِ الإصحاحاتِ، يشيرُ كاتبُ سفرِ صموئيلَ إلى كيفَ أنَّ شاولَ اخترقَ نظمَ الرَّبِّ للعبادةِ ووصاياهِ لملوكِ إسرائيلَ. وكنتيجةٍ لذلكَ، سكبَ الرَّبُّ لعناتِ عهدهِ ورفضَ شاولَ ونسلَهُ منْ عرشِ إسرائيلَ.
يتكوَّنُ تسجيلُ كاتبنَا لرفضِ شاولَ من عددٍ منَ الوقائعِ التي حدثتْ في مجموعتَيِنِ رئيسيَّتَينِ: الرفضُ المبكِّرُ لشاولَ في 1 صموئيلَ 13: 1-14: 52 والرفضُ النهائيُّ لشاولَ في 15: 1-35.
في الرفضِ المبكِّرِ لشاولَ نرى سلسلةً منَ المعاركِ بينَ شاولَ والفلسطينيِّينَ. تبدأُ هَذهِ المعاركُ بـهجومِ إسرائيلَ الأوَّلِ على الفلسطينيِّينَ في 13: 1-4. ومن خلالِهَا نحصلُ مباشرةً على لمحةٍ منْ قلبِ شاولَ وسوءِ معاملتهِ لشعبِ الرَّبِّ، إذ أرسلَهُمْ إلى المعركةِ بينمَا ظلَّ هوَ نفسهُ على مسافةٍ آمنةٍ. بلْ أكثرُ من ذلكَ، عندمَا قادَ يوناثَانُ بنُ شاولَ الانتصارَ على الفلسطينيِّينَ، نسبَ شاولُ النصرَ لنفسهِ.
بعدَ هجومِ إسرائيلَ الأوَّلِ، ينتقلُ السردُ إلى استعداداتِ إسرائيلَ لهجومٍ مضادٍّ من قِبَلِ الفلسطينيِّينَ في 13: 5-15. لقد دعَا شاولُ الشعبَ للاستعدادِ للمعركةِ، لكنْ الشعبُ كان مملوءًا بالخوفِ ومختبئًا بينَ الصخورِ. عندَمَا بدأَ الجيشُ في التناثرِ، أُصيبَ شاولُ بالذعرِ وقدَّمَ ذبائحَ محرقةٍ وذبائحَ سلامةٍ للرَّبِّ في تحدٍّ مباشرٍ لتعليماتِ صموئيلَ. كانَ صموئيلُ قد أمرَ شاولَ بانتظارِ حضورِهِ لكي يقومَ بتقديمِ الذبائحِ قبلَ المعركةِ. لكنْ شاولَ اختارَ أنْ يقدِّمَ الذبائحَ بنفسهِ بدلاً من قيادةِ جيشهِ إلى مخافةِ الرَّبِّ والاعتمادِ على الرَّبِّ منْ أجلِ الحمايةِ. عندمَا وصلَ صموئيلُ في النهايةِ، أعلنَ كلماتِ قضاءِ الرَّبِّ لأنَّ شاولَ انتهكَ عبادةَ الرَّبِّ.
في 13: 14، يقولُ صموئيلُ لشاولَ:
وأمَّا الآنَ فمَملكَتُكَ لا تقومُ. قد انتَخَبَ الرَّبُّ لنَفسِهِ رَجُلاً حَسَبَ قَلبِهِ، وأمَرَهُ الرَّبُّ أنْ يتَرأَّسَ علَى شَعبِهِ.
تستمرُّ روايةُ كاتبِنَا عنْ الرفضِ المبكِّرِ لشاولَ بـمعركةِ إسرائيلَ التاليةِ معَ الفلسطينيِّينَ في 13: 16-14: 46. بدايةً، نعرفُ أنَّ شاولَ أساءَ استخدامَ سلطتهِ الملكيَّةِ بطريقةٍ أخرَى. فقدْ أهملَ عن استهتارٍ تزويدَ جيشهِ بالسيوفِ الحديديَّةِ والرماحِ. بدلاً من ذلكَ، وفَّرهَا فقَط لنفسهِ ولابنهِ يوناثَانَ.
أشارَ كاتبُنَا أيضًا إلى أنَّ شاولَ بقيَ بعيدًا منَ المعركةِ في البدايةِ. ولم يشتبكْ شاولُ في المعركةِ إلاَّ بعدَ أنْ انطلقَ يوناثَانُ إلى العملِ بإيمانٍ عظيمٍ في الرَّبِّ، وبعدَ أنْ خافَ الفلسطينيُّونَ. لكنْ حتَّى عندمَا فعلَ ذلكَ، اخترقَ شاولُ عبادةَ الرَّبِّ. لقد دعَا شاولُ أخيَّا الكاهنَ أنْ يحضرَ تابوتَ عهدِ الرَّبِّ معَهُ حتَّى يستعدَّ للمعركةِ. لكنْ عندمَا بداَ هجومُ الفلسطينيِّينَ وشيكًا، أوقفَ شاولُ الكاهنَ وأسرعَ إلى المعركةِ من دونِ استعدادٍ صحيحٍ.
واستمرَّ شاولُ في استغلالِ جيشهِ أكثرَ وأكثرَ. كانَ شاولُ متلهِّفًا لملاحقةِ الفلسطينيِّينَ حتَّى أنَّهُ أعلنَ لعنةً على أيِّ جنديٍّ يتوقَّفُ للأكلِ. وللمفارقةِ، أكلَ يوناثَانُ – الذي لم يكنْ يعرفُ عنْ هَذاَ التهديدِ – قليلاً من العسلِ. وعندمَا وبَّخَهُ جنودُ شاولَ، أشارَ يوناثَانُ إلى مدى الحماقةِ التي كانَ عليهَا أبوهُ. في 14: 29-30، قالَ يوناثانُ: "قد كدَّرَ أبي الأرضَ... فكمْ بالحَريِّ لو أكلَ اليومَ الشَّعبُ... أما كانتِ الآنَ ضَربَةٌ أعظَمُ علَى الفِلِسطينيِّينَ".
بعدَ المعركةِ، أدَّى إصرارُ شاولَ على عدمِ أكلِ جنودهِ إلى اختراقٍ آخرَ كبيرٍ للعبادةِ. كانَ رجالُ شاولَ جائعيِنَ لدرجةِ أنَّهُمْ ذبحَوا حيواناتِ الغنيمةِ على عَجَلٍ، وأكلوهَا بدمِهَا – وهَذهِ ممارسةٌ ممنوعةٌ منعًا باتًّا في اللاويِّينَ 17: 10. وفقَط بعدَ أنْ تمَّ تذكيرُ شاولَ بأنَّ هَذهِ الممارسةَ اخترقتْ ناموسَ الرَّبِّ، أنَّهُ قامَ ببناءِ مذبحٍ لرجالهِ لكي يذبحَوا الحيواناتِ كمَا أمرَ الرَّبُّ. وقلَّلَ كاتبُنَا منْ مجهودِ شاولَ بشكلٍ أكبرَ بتعليقهِ في 14: 35، "الّذي شَرَعَ ببُنيانِهِ مَذبَحًا للرَّبِّ".
عندَ هَذهِ النقطةِ، أخيرًا سألَ شاولُ الإرشادَ منَ الرَّبِّ، لكنْ بحسبِ 14: 37، "فلَمْ يُجِبْهُ [الرَّبُّ] في ذلكَ اليومِ". وبمساعدةِ الكهنةِ، علمَ شاولُ أنَّ الرَّبَّ لم يجبْهُ لأنَّ يوناثَانَ اخترقَ الحلفَ الأحمقَ الذي طلبَهُ شاولُ من جيشهِ. ومرَّةً ثانيةً كشفَ شاولُ عنْ حكمهِ الظالمِ وذلكَ بأمرهِ أنَّ يوناثانَ – الذي قادَ المعركةَ – يجبُ أنْ يموتَ. وفقَط لأنَّ الجنودَ دفعَوا فديةً عنْ يوناثَانَ لم ينفِّذْ فيِه شاولُ حكمَ الإعدامِ.
أخيرًا، في 14: 47-52، ختمَ كاتبُ سفرِ صموئيلَ تسجيلَهُ لـ الرفضِ المبكِّرِ لشاولَ بـملخَّصِ المعاركِ في أثناءِ حكمِ شاولَ والضبَّاطِ الذين قادَوا جيشَهُ. لكنَّهُ أضافَ إشارةً تنبئُ بالشؤمِ في العددِ 52، "وكانتْ حَربٌ شَديدَةٌ علَى الفِلِسطينيِّينَ كُلَّ أيَّامِ شاوُلَ". على النقيضِ من كلِّ الانتصاراتِ التي أعطاهَا الرَّبُّ لصموئيلَ، رفضَ الرَّبُّ شاولَ بشدَّةٍ حتَّى أنَّهُ لم يهزمْ الفلسطينيِّينَ أبدًا بشكلٍ حاسمٍ. بلْ أكثرُ من ذلكَ، نقرأُ أيضًا في العددِ 52، "وإذا رأى شاوُلُ رَجُلاً جَبَّارًا أو ذا بأسٍ ضَمَّهُ إلَى نَفسِهِ". تمامًا كمَا كانَ صموئيلُ قد حذَّرَ، استمرَّ شاولُ في قهرِ شعبِ الرَّبِّ بإلزامِ أكبرَ عددٍ ممكنٍ منهُمْ إلى حروبهِ التي لا تنتهي.
بعدَ تسجيلِ رفضِ الرَّبِّ المبكِّرِ لشاولَ، انتقلَ كاتبُنَا إلى الرفضِ النهائيِّ لشاولَ في 15: 1-35، حيثُ سجَّلَ معركةَ شاولَ معَ عماليقَ.
بحسبِ الخُروجِ 17: 14-16 وسفرِ العددِ 24: 20، أمرَ الرَّبُّ بالإبادةِ التامَّةِ لعماليقَ لأنَّهُمْ تسبَّبَوا في متاعبَ كثيرةٍ جدًّا لإسرائيلَ في أيَّامِ موسى. وقبلَ إرسالِ شاولَ إلى المعركةِ، ذكَّرَهُ صموئيلُ بشكلٍ صريحٍ بهَذاَ الأمرِ الإلهيِّ، المدوَّنِ في ناموسِ موسى.
لكنْ بعدَ إحرازهِ انتصارٍ عظيمٍ على عماليقَ، لم يتبعْ شاولُ أمرَ الرَّبِّ. بحسبِ 15: 9، لم يُرِدْ شاولُ ورجالهُ تدميرَ أفضلِ الغنيمةِ. وبدلاً منْ ذلكَ، "كُلُّ الأملاكِ المُحتَقَرَةِ والمَهزولَةِ حَرَّموها". كمَا نشرحُ في سلاسلَ أخرَى، كلمةَ "مُحَرَّم" هي ترجمةٌ لفعلِ (חָרַם) "خرام" بالعبريِّ. هَذاَ التعبيرُ كانَ يشيرُ إلى أنَّ أيَّ شيءٍ يطلبُ الرَّبُّ تدميرَهُ في حروبِ إسرائيلَ كانَ يُعتبَرُ ذبيحةَ عبادةٍ لتسبيحِ الرَّبِّ. لكنْ شاولَ قد كانَ تحوَّلَ بعيدًا عنْ عبادةِ الرَّبِّ عندَ هَذهِ النقطةِ منْ حياتهِ، حتَّى أنَّهُ لم يحجبْ فقَط أفضلَ الغنيمةِ عنْ الرَّبِّ، بلْ نعلمُ أيضًا في العددِ 12 أنَّهُ أقامَ لنفسهِ نَصبًا. وعندمَا واجهَ صموئيلُ شاولَ، ألقى شاولُ باللومِ على جيشهِ باطلاً. وهكذَا، في 15: 28، تمامًا كمَا أمرَ الرَّبُّ، قامَ صموئيلُ بنقلِ هَذهِ الكلماتِ المصيريَّةِ لشاولَ:
يُمَزِّقُ الرَّبُّ مَملكَةَ إسرائيلَ عنكَ اليومَ ويُعطيها لصاحِبِكَ الّذي هو خَيرٌ مِنكَ.
وأضافَ صموئيلُ في العددِ 29 أنَّ قضاءَ الرَّبِّ كانَ لا رجعةَ فيِهِ:
وأيضًا نَصيحُ إسرائيلَ لا يَكذِبُ ولا يَندَمُ، لأنَّهُ ليس إنسانًا ليَندَمَ.
على الرغمِ منْ تظاهرِ شاولَ بالتوبةِ وطلبِ الغفرانِ، فإنَّ رفضَ الرَّبِّ له كانَ نهائيًّا. بعدَ أنْ قامَ صموئيلُ بذبحِ ملكِ عماليقَ، تركَ شاولَ ولم يرْهُ مجدَّدًا أبدًا. كانَ الرَّبُّ قدْ أظهرَ لشاولَ إحسانًا لسنينٍ طويلةٍ، لكنْ شاولُ كانَ غيرَ أمينٍ للرَّبِّ لدرجةِ أنَّهُ لم يمكنْ أنْ يكونَ ملكًا فيمَا بعد.
عن هذه الخطة
تمثل خطة القراءة هذه مقدمة لسفر صموئيل (الأول والثاني)، وتشمل خلفية وظروف وأسباب كتابة هذا السفر، وكيف ينطبق على المؤمنين (أو المسيحيين) اليوم.
More
نود أن نشكر Third Millennium Ministries على توفير هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة: http://arabic.thirdmill.org/ |