قانون إيمان الرسلعينة
اليوم 43: الغفران (مشكلة الخطية)
يدرك المسيحيون المؤمنون بالكتاب المقدس أن أحدَ الأسبابِ الرئيسيةِ لموتِ يسوعَ كان من أجل حلّ المشكلة التي نجمت عن خطيّتنا. فالخطيّةُ تفصلُنا عن بركات الله، وتضعنا تحت لعنتِه. ويستحيلُ علينا التغلبَ على هذه المشكلة بأنفسنا. وهذا ما نعنيه عندما نتحدث عن مشكلة الخطيّة: فالخطيّةُ تدينُنا، ودونَ المسيحِ، لا يوجد أمامنا سبيلٌ لإنقاذ أنفسنا من وجودِها أو عواقبها. سنبحث فيما تعلّمه الأسفار المقدسة عن مشكلة الخطيّة في ثلاثة أجزاء. أولاً، سنقدّم تعريفاً كتابياً للخطيّة. ثانياً، سنتكلم عن أصل الخطيّة في الجنس البشري. وثالثاً، سننظر في عواقب الخطيّة.
1) التعريف:
يتحدث الكتاب المقدس عن الخطيّة بطرق متنوّعة. فهو يستخدم كلمات مثل التعدّي، التمرّد، الإثم، الخطيّة، الشر، إخطاء الهدف، ومجموعة متنوّعة من الكلمات الأخرى ليصف الأشياء الأثيمة. ويُضيف كلاً من هذه الكلمات شيئاً إلى فهمنا للخطيّة. لكن عندما تتحدث الأسفار المقدسة عن الخطيّة بشكل تجريدي – عندما تقدم تعريفها الخاص للخطيّة – تبرز كلمة أكثر من الكلمات الأخرى: التعدّي. حيث أن الخطيّة في جوهرها، في مفردات الأسفار المقدسة، انتهاكٌ لناموس الله (1 يوحنا 3: 4). ونجد هذا التشديد ذاته على الخطيّة كتعدٍّ في أماكن مثل رومية 7: 9-25 و1 كورنثوس 15: 56. وينعكس هذا المفهوم الأساسي للخطيّة أيضاً في لاهوت العديد من التقاليد المسيحية المختلفة. وكمثال واحد، اقرأ لأصول الإيمان الويستمنستري المختصر، في السؤال الرابع عشر وجوابه. والسؤال هو:
ما هي الخطيّة؟
ويجيب أصول الإيمان:
إن الخطية هي عدم الامتثال لشريعة الله أو التعدّي عليها.
لاحظ أن هذه الإجابة تحدّد نوعين عامين للانتهاكات لشريعة الله: عدم الامتثال للشريعة، والتعدّي على الشريعة.
إن عدم الامتثال للشريعة من جهة، هو الفشل في القيام بما تأمر به الأسفار المقدسة. وغالباً ما يسمّى هذا بخطيّة الإغفال لأننا نَغفل أو نُهمل ما يجب علينا فعله. ومن جهة أخرى، إن التعدّي على الشريعة هو القيام بما تمنعه الأسفار المقدس. وغالباً ما يُسمى هذا النوع من كسر الشريعة خطيّة الارتكاب، لأننا نرتكب الخطيّة فعلاً وذلك بالتفكير، الشعور، أو القيام بشيء تمنعه الأسفار المقدسة. وعندما نتحدث عن شريعة الله كالمقياس الذي يحدّد الخطيّة، مهمٌ أن نشير إلى أن شريعة الله ليست استبدادية أو عشوائية. بل على العكس، إنها تعكس شخصية الله الكاملة.
وكما قال بولس في رومية 7: 12، إن وصايا الله مقدسة، عادلة، وصالحة دائماً، تماماً مثل الله نفسه. حيث تنسجم وصايا الله مع طبيعته دائماً. لهذا السبب تعلّم الأسفار المقدسة أننا إن كنا نُحب الله، سنحفظ وصاياه، وسنُحب أيضاً تلك الأمور التي تعكس الله، كشريعته على سبيل المثال (تثنية 5: 10؛ 6: 5-6، متى 22: 37-40، يوحنا 14: 15-24). تظهر محبتنا لله من خلال الطاعة لشريعته. ولهذا، عندما نكسر شريعته، فإننا لا نتصرف بمحبة نحو الله. وبالتالي نخطئ.
2) الأصل:
يخبرنا تكوين 1: 26-31 أنه عندما خلق الله البشرية، كان عمله حسناً جداً. وتعني كلمة "حسن" في هذه الحالة، أننا كنا تماماً ما أرادنا الله أن نكون. وكان أبوانا الأولان صورتان لله طاهرتان أخلاقياً، ومؤهلان تماماً لخدمته بملء العالم الذي خلقه والتسلط عليه. وكما أشار بولس في رومية 5: 12، لم تدخل الخطيّة إلى البشرية قبل السقوط. لم نرتكب أية خطيّة، لم نكن ميالين نحو الخطيّة، ولم تكن الخطيّة قد أفسدتنا، أو سكنت فينا.
لكن حتى في حالة عدم الخطيّة تلك، كانت لدينا القدرة والفرصة لارتكابها. فعندما خلق الله آدم وحواء ووضعهما في جنة عدن، أعلن لهما الكثير من الأمور. لكن برزت وصية واحدة كامتحان لاستعدادهما لخدمة الله. ونقرأ في تكوين 2: 16-17، أن الله سمح لآدم وحواء أن يأكلا من أية شجرة في الجنة ما عدا شجرة معرفة الخير والشر. وأتاحت إمكانية كسر هذه الشريعة الفرصة لآدم وحواء لارتكاب الخطيّة.
للأسف، كما نعلم من تكوين 3: 1–6، أغوت الحية حواء وجعلتها تأكل من الفاكهة المحرّمة. ثم قدّمت حواء بعضاً من تلك الفاكهة لآدم، فأكل منها هو أيضاً. وانتهك آدم وحواء شريعة الله البارة واختارا أن يُخطئا بإرادتهما. ويشير رؤيا 12: 9 إلى أن الحية كانت في الواقع الشيطان. كما وتشير رسالة 1 تيموثاوس 2: 14 إلى أن حواء قد أُغويت. لكن لم تكن إغراءات الشيطان ولا غباوة حواء عُذراً لخطيّة أبوينا الأولين. فقد أذنب كليهما باختيار الشر بدل الخير.
يمكننا أن نرى مرة أخرى من خلال هذه الأحداث، أن الخطيّة في الأساس هي مسألة كسرٍ لشريعة الله، أي إرادته المُعلَنة. ففي كل مرة نفكر، نتكلم أو نتصرف فيها بطرق تختلف عن شريعة الله المُعلَنة، فإننا نختار الشر عوضاً عن الخير. وحتى إذا تم إغواؤنا أو خداعنا لنخطئ، يحمّلنا الله مسؤولية ما فعلنا. ولهذا السبب، من المفيد جداً أن نخبّئ كلمة الله في قلوبنا – ليس لمعرفة تلك الكلمة فقط، بل لكي نحبها أيضاً. وعندما نعرف شريعة الله، فإنها تساعدنا على تمييز الخطيّة حتى لا ننخدع. وعندما نحب شريعة الله، يصبح اختيار طاعته أسهل علينا.
3) العواقب:
تبيّن الأسفار المقدسة أنه بعدما أخطأ آدم وحواء، دان الله ولعن الجنس البشري بأكمله. وأثرت هذه اللعنة على كل جوانب وجوده. فقد أدت إلى الموت الروحي (يوحنا 5: 24-25، أفسس 2: 1–5، كولوسي 2: 13-14). كما نتج عنها فساد في وجودنا الجسدي والروحي (إرميا 17: 9، رومية 7: 18-8: 11). وأدت في النهاية إلى الموت الجسدي (تكوين 3: 19، رومية 5: 12). وأخيراً، جلبت الخطيّة العذاب الأبدي إلى البشرية تحت دينونة الله في جَهَنَّمَ (متى 5: 29-30).
إن عواقب خطيّة آدم وحواء انتقلت إلى البشرية جمعاء – إلى كل من جاء من نسلهما بالتسلسل الطبيعي (1 الملوك 8: 46، رومية 3: 9–12، غلاطية 3: 22، أفسس 2: 3).
كان آدم الممثل العهدي لكل البشرية. وعلّم بولس أنه بسبب هذا، حُسبت خطيّة آدم على كل نسله (رومية 5: 12-19). وبالتالي، أصبحنا خطاة بالطبيعة. حيث نأتي إلى العالم أموات روحياً، مُعرَّضين للألم والمشقة، ومصيرنا الموت الجسدي.
الكلمة
عن هذه الخطة
هناك العديد من الطوائف، والانقسامات، والخلافات اللاهوتية في الكنيسة المعاصرة. ولكن على الرغم من أنواع الانقسامات هذه، فهناك جوهر مشترك للإيمان يُقرّه كل المسيحيين الأمناء على مر التاريخ. وإلى ما يقرب من ألفي عام، تم تلخيص جوهر الإيمان هذا في قانون إيمان الرسل. تشرح هذه الخطة تاريخ واستخدام قانون إيمان الرسل، كذلك تفاصيل وأهمية كل مادة من مواد الإيمان للكنيسة المعاصرة.
More
نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: http://arabic.thirdmill.org/