قانون إيمان الرسلعينة

قانون إيمان الرسل

يوم 45 من إجمالي 51

اليوم 45: الغفران (المسؤولية الفردية)

يعلِّمُ الكتابُ المقدسُ بوضوحٍ أن اللهَ لا يغفرُ خطايا كلِ شخصٍ. فبعضُ الأشخاصِ يُغفر لهم والبعضُ لا. كيف نفهم ذلك؟ من المنظور البشري، تتضمن عملية المغفرة عادة عنصرًا من المسؤولية الفردية. وعمومًا، الأشخاص الذين يتممون هذه المسؤوليات ينالون المغفرة، أما الذين يتهربون من هذه المسؤوليات لا ينالونها. ستنقسم مناقشتنا لدور المسؤولية الفردية إلى قسمين. أولاً، سنذكر بعض الشروط التي تحدّدها الأسفار المقدسة كمتطلبات عادية للغفران. وثانياً، سنتحدث عن وسائط نوال الغفران.

1) الشروط: 

تتحدث الأسفار المقدسة عن شرطين رئيسيين للغفران. أولاً، تتحدث عن الإيمان بالله كشرط للغفران. عندما نتحدث عن الإيمان بالله نقصد: الاعتراف بسيادة الله، الولاء المُخلص له، والثقة بأنه سيُظهِر لنا رحمةً من أجل فادينا يسوع المسيح.

غالباً ما تشير الأسفار المقدسة إلى هذا النوع من الإيمان بالتعبير "الخوف من الله". يصف مزمور 103: 8-13 مثلاً طبيعة الغفران الشرطية إذ يتكلم عمن خافوا الرب هم من نالوا غفرانه وأُبعِدَت عنهم معاصيهم. ونجد هذه الفكرة ذاتها في كل الكتاب المقدس. حيث نجد في 2 أخبار الأيام 30: 18-19، أن الله يسامح الأشخاص الذين يطلبونه من قلوبهم. وبيّن يسوع في مرقس 4: 12، أن من يعرفوا الله ويفهموه، هم وحدهم القادرين على طلب غفرانه. ويمكن نوال الغفران في أعمال الرسل 26: 17-18، فقط ممن انفتحت عيونهم على حقيقة مجد الرب وقوته. 

أما الشرط الثاني العادي للغفران الموجود في الأسفار المقدسة، فهو الانكسار. إن الانكسار هو: الحزن الحقيقي على الخطية؛ الندم الحقيقي على كسر شريعة الله. فهو ليس مجرد حزن بسبب انكشاف أمرنا، أو عقابنا، بل الموافقة على أن مطالب الله مقدسة، والشعور بانكسار القلب على فَشَلِنا في تكريمه. ونرى هذا التشديد على الانكسار في مزمور 32: 1-2، حيث ينال الغفران من لا غش فيهم. كما نجده في إشعياء 55: 7، حيث تُعطى رحمة الله لمن تركوا خطيّتهم. ونسمع عنه في إرميا 5: 3، حيث تم إنكار الغفران عن ذوي القلوب القاسية بالنسبة فيما يتعلق بخطيّتهم. 

2) الوسائط: 

عندما يتعلق الأمر بنوال الغفران والنعمة من الله، فإن الأساس هو دائماً استحقاق المسيح، والذي اكتسبه من خلال حياته المُطيعة وموته الكفاري على الصليب (متى 26: 28، كولوسي 1: 13-14، 1 يوحنا 2: 12). ويتم اكتساب الغفران باستمرار من خلال المسيح، وليس من خلالنا. إن الواسطة الأساسية التي تُطبَّق بها النعمة على حياتنا هي الإيمان. وسواء تم التعبير عنه نحو الله مباشرة، أو من خلال وسائط النعمة، فإن الإيمان هو الأداة الرئيسية التي يطبِّق بها الله النعمة والبركات الأخرى على حياتنا. تَذكُر الأسفار المقدسة عدة وسائط يعمل بها الإيمان عادة. لكن من أجل أهدافنا، يمكننا تلخيص تلك الوسائط الأخرى تحت فئتين عامتين:

1. الصلاة: يتم تقديم الصلاة في كل الأسفار المقدسة، كالواسطة العادية لطلب النعمة والغفران من الله. على سبيل المثال، يتكلم الكتاب المقدس عادة عن صلوات الاعتراف والتوبة كتعبيرات إيمان يطبّق بها الروح القدس الغفران علينا. ويتم التعليم عن فعالية هذه الصلوات في 1 الملوك 8: 29–40، مزمور 32: 1–11، أعمال الرسل 8: 22، 1 يوحنا 1: 9، وعدة أماكن أخرى. إن صلوات الاعتراف والتوبة المُخلِصة، بالنسبة لمن تعرّف على الرب حديثاً، هي وسائطٌ يُطبِّق بها الروح القدس الغفران والخلاص على حياتهم في البداية. ولهذا السبب تشير الكنيسة إلى التجديد في أعمال الرسل 11: 18 بالتوبة للحياة. وتستمر صلوات الاعتراف والتوبة بالنسبة لكل المؤمنين، في كونها وسائط هامة للحصول على نعمة الله في حياتنا.  وكما نقرأ في 1 يوحنا 1: 9 فإن أخبار الإنجيل الرائعة هي أن الله يغفر خطايانا مجاناً على أساس ما فعله المسيح من أجلنا. ويمكننا نوال هذا الغفران ببساطة عندما نطلبه بالإيمان.

كذلك تعمل صلوات التشفع أحياناً كوسائط غفران استثنائية أو غير عادية. يمكن تعريف التشفع كالتوسّط أو الالتماس أو الصلاة نيابة عن الآخر. تدوّن الأسفار المقدسة عدة أمثلة كتابية عن أشخاص قدّموا صلوات تشفعية فعّالة. ونرى هذا في العدد 14: 19-20، حيث غفر الرب خطيّة إسرائيل استجابة لصلاة موسى التشفعية. 2 أخبار الأيام 30: 18–20، حيث غفر الرب للشعب الذي لم يستعد للفصح جيداً، وذلك استجابة لصلاة حَزَقِيَّا التشفعية. أيوب 1: 5، حيث نتعلّم أن أيوب قدّم ذبائح تشفعية فعّالة من أجل أولاده باستمرار. ويعقوب 5: 14-15، حيث علّم يعقوب شيوخ الكنيسة عن إمكانية نوال الغفران لمن أخطأ. ولا يُطبِّق الله الغفران دائماً استجابة لصلوات المؤمنين التشفعية. لكنه يفعل ذلك كثيراً. بالإضافة إلى هذه الأنواع من التشفع البشري، يشفع الابن والروح القدس للشعب. إن الشفاعة التي يقدمها يسوع مذكورة في إشعياء 53: 12، رومية 8: 34، وعبرانيين 7: 25. ويتم التعليم عن شفاعة الروح القدس في رومية 8: 26-27.

2. الأسرار والفرائض: تم استخدام كلمة "سر" تاريخياً من قبل العديد من الطوائف البروتستانتية للإشارة إلى عشاء الرب والمعمودية. إن هذان الطقسان فريضتان مميزتان ومقدستان، أعطاهما الله للكنيسة كوسائط للتعبير عن إيماننا ونوال بركاته. وتختلف التقاليد البروتستانتية حول تفاصيل أعمال هاتان الفريضتان. لكنها تتفق على أهميتهما.

يشعر المسيحيون أحيانًا بالرَيبَة عندما يسمعون آخرين يتحدثون عن عشاء الرب والمعمودية كوسيلتين للمغفرة. لذا، من المهم أن نشدّد أن ليس لهاتين الفريضتين أي استحقاق بذاتهما يجعلهما فعّالتين. فهما ليستا أساسًا للمغفرة. في الوقت ذاته، يعلّم الكتابُ المقدس أنه عندما نعبّر عن إيماننا من خلال العشاء الرباني والمعمودية، فإن الروح القدس يستخدمُ هاتين الفريضَتين ليطبّق المغفرة على حياتنا.

يتم الحديث عن المعمودية كواسطة للنعمة في فقرات مثل مرقس 1: 4، أعمال الرسل 2: 38، رومية 6: 1–7، وكولوسي 2: 12-14. أشار حَنَانِيَّا في أعمال الرسل 22: 16 إلى أن خطايا بولس غُفِرت أو غُسِلت بالمعمودية. وبالطبع، ليست المعمودية واسطة ضرورية للغفران. حيث يمكننا نوال الغفران بطرق أخرى أيضاً. على سبيل المثال، لم يعتمد اللص الذي آمن أثناء صلبه مع يسوع أبداً. ومع ذلك، يشير لوقا 23: 43 إلى أنه نال الغفران والخلاص. ولهذا، يجب ألا نقع في خطأْ التفكير بأن الغفران والخلاص متوفران فقط لمن يعتمدوا. ومع ذلك تشير الأسفار المقدسة بوضوح إلى أن المعمودية تعمل كالواسطة في تطبيق الغفران على حياتنا. وينطبق الأمر نفسه على عشاء الرب. حيث علّم بولس بوضوح أن الاشتراك في عشاء الرب، واسطة لنوال فوائد موت المسيح، مثل الغفران (1 كورنثوس 10: 16). 

يوم 44يوم 46

عن هذه الخطة

قانون إيمان الرسل

هناك العديد من الطوائف، والانقسامات، والخلافات اللاهوتية في الكنيسة  المعاصرة. ولكن على الرغم من أنواع الانقسامات هذه، فهناك جوهر مشترك  للإيمان يُقرّه كل المسيحيين الأمناء على مر التاريخ. وإلى ما يقرب من ألفي  عام، تم تلخيص جوهر الإيمان هذا في قانون إيمان الرسل. تشرح هذه الخطة  تاريخ واستخدام قانون إيمان الرسل، كذلك تفاصيل وأهمية كل مادة من مواد  الإيمان للكنيسة المعاصرة.

More

نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع:  http://arabic.thirdmill.org/​​​​​​​