قانون إيمان الرسلعينة
اليوم 33: التفويض (العهد القديم)
يؤمن الكثيرُ من المسيحيين اليومَ أن الكنيسةَ غير ضرورية – أو يتصرفون كما لو أنها كذلك. وفي الكثير من الأحيان، يظن بعض المؤمنين المخلصين، أن مؤسسات مثل الكنيسة هي من اختراع البشر وهي دخيلةٌ على علاقتِنا الشخصية مع الله. لكن تعليمَ الكتابِ المقدّسِ عن الكنيسةِ مغايرٌ تماماً. بالمعنى الأوسع، الكنيسةُ هي ملكوتُ الله على الأرض، جماعةُ شعبِه الخاص، ووسيلةٌ رئيسيةٌ يمنحُ الله من خلالِها نعمتَه للمخلصين له. وبحسب الأسفارِ المقدّسة، الكنيسةُ ضروريةٌ لكي نؤسسَ علاقةً مع الله ونحافظَ على تلك العلاقة.
عندما نقول أن الكنيسة مفوَّضة من الله، نعني أنه خلقها لهدف ما ومنحها سلطانه. وتعلم الأسفار المقدّسة، بصورة عامة، أن الله موافق على الكنيسة. فهي مؤسسته التي عينّها للقيام بإرساليته في العالم. كما قال يسوع نفسه في متى 16: 18. ليست الكنيسة من اختراع البشر الساقطين، إنما أسسها يسوع نفسه.
وهكذا، ورغم أننا نرى أخطاءً في الكنيسة عبر التاريخ، وأحياناً تبتعد الكنائس كثيراً عن الإنجيل بحيث أنها لم تعد كنيسة الله، يجب ألا نستنتج أن الكنيسة غير نافعة أو غير ضرورية. يقرّ قانون إيمان الرسل بهذا التفويض الإلهي للكنيسة بهذه الكلمات البسيطة: أؤمن ... بكنيسة.
إن قانون إيمان الرسل هو ملخّصٌ لقواعد إيمان الكنائس الأولى. وكانت قواعد الإيمان تلك ملّخصات للأسفار المقدّسة. وهكذا، عندما يعلن قانون الإيمان إيمانه بالكنيسة، فهو يقصد الإقرار بما يعلّمه الكتاب المقدّس عن الكنيسة. إن إحدى أهم جوانب تعليم الكتاب المقدّس عن الكنيسة، هو أن الله عيّنها لتتمم مقاصده في العالم.
العهد القديم:
كثيراً ما يتحدث العهد الجديد عن الكنيسة مُستخدِماً الكلمة اليونانية ekklesia. لكن هذا المصطلح مُشتق من الترجمة السبعينية، أي الترجمة اليونانية للعهد القديم. وكثيراً ما استُخدِمت ekklesia ونظيرتها العبرية، في العهد القديم، للإشارة إلى تجمّع أمة إسرائيل (تثنية 9: 10، 31: 30؛ قضاة 20: 2؛ 1 الملوك 8: 14؛ مزمور 22: 22، 25). حتى في العهد الجديد، أصبحت ekklesia مصطلحاً تقنياً يشير إلى الكنيسة، وما تزال الكلمة مُستَخدَمة للإشارة إلى جماعة إسرائيل في العهد القديم (أعمال الرسل 7: 38). إن الكلمة اليونانية المُترجَمة كنيسة هي ekklesia، هذا يعني أن جماعة إسرائيل كانت المرادفة والسالفة لكنيسة العهد الجديد (1 بطرس 2: 9).
هذا لا يعني بالطبع أن كنيسة العهد الجديد مطابقةٌ تماماً لجماعات إسرائيل في العهد القديم. إنهما مترابطتان لكنهما مختلفتان أيَضاً. واستخدم بولس في رومية 11 استعارتين، للحديث عن العلاقة بين جماعة إسرائيل في العهد القديم والكنيسة المسيحية. وقال إنهما كالعجين وشجرة الزيتون (رومية 11: 16).
أولاً، قال بولس أن جماعة العهد القديم هي باكورة نفس العجين الذي صُنعت منه كنيسة العهد الجديد. فرض لاويين 23: 17 على إسرائيل أن تُحضِر تقدمة باكورة الخبز للرب. ولم تكن الباكورة حصاداً منفصلاً. بل كانت جزءاً وممثلاً للحصاد كله. وهكذا، عندما قال بولس أن إسرائيل وكنيسة العهد الجديد أتيا من نفس العجين، أشار بذلك إلى أن إسرائيل ومسيحيي العهد الجديد كانوا جزءاً من المؤسسة ذاتها، من شعب الله ذاته، والكنيسة ذاتها.
ثانياً، قال بولس أن جماعة العهد القديم هي أصل الشجرة، وأن كنيسة العهد الجديد هي أغصان الشجرة ذاتها. لقد توسّع بولس فعلاً في هذا التوضيح إلى عدة آيات. وشبّه الكنيسة عبر العصور بشجرة الزيتون المزروعة. حيث كانت كنيسة العهد القديم، والتي تتألّف أساساً من اليهود، الجزء الأكبر من الشجرة: الجذور، الجذع، والأغصان العديدة. وكان المسيحيين الأمميين أغصان الزيتون البريّة التي تم بها تطعيم الشجرة. لقد تم تطعيم المسيحيين الأمميين في الكنيسة اليهودية.
وهكذا، رغم أن الكنيسة في زمن بولس تألفت من اليهود والأمميين، كان جذعها وجذورها، نفس الشجرة التي امتدت في الزمن إلى الوراء خلال العهد القديم. نعم، إن هذه الشجرة الجديدة مختلفة في كثير من النواحي. فقد تحسنت ونمت. لكنها ما تزال الشجرة ذاتها. وبنفس الطريقة، تحسنت كنيسة العهد القديم ونمت إلى كنيسة العهد الجديد. وهما مختلفتان بطرق هامة، وتمثلان مراحل مختلفة من النمو. لكن ما يزال كلاهما الكنيسة ذاتها.
الكلمة
عن هذه الخطة
هناك العديد من الطوائف، والانقسامات، والخلافات اللاهوتية في الكنيسة المعاصرة. ولكن على الرغم من أنواع الانقسامات هذه، فهناك جوهر مشترك للإيمان يُقرّه كل المسيحيين الأمناء على مر التاريخ. وإلى ما يقرب من ألفي عام، تم تلخيص جوهر الإيمان هذا في قانون إيمان الرسل. تشرح هذه الخطة تاريخ واستخدام قانون إيمان الرسل، كذلك تفاصيل وأهمية كل مادة من مواد الإيمان للكنيسة المعاصرة.
More
نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: http://arabic.thirdmill.org/