الملكوت والعهد في أسفار العهد الجديدعينة
اليوم 17: ديناميات التفاعل (النتائج)
سننظر في نتائج الطاعة والعصيان في العهد مع الله كما فعلنا من قبل. فسنفحص بإيجاز عهود أسفار العهد القديم، ثم ننتقل إلى العهد الجديد.
1) العهد القديم:
قبلَ تأسيسِ العهدِ الجديد، كانتْ نتائجُ البركاتِ واللعناتِ أبعاداً أساسيّة لتعاملاتِ الله مع مُمثّلي العهد، ومع شعبِه في العهدِ ككل. وكما سبقَ وذَكرنا، كثيراً ما نَفّذَ اللهُ شروطَ عهودِه بطرقٍ تفوقُ الفَهمَ البشري. من هنا، كثيراً نجدُ الله في الكتابِ المقدس يُسرّعُ، أو يَزيدُ، أو يُخفّفُ، أو يُؤخّرُ، أو حتى يُلغي بركاتِ ولعناتِ عهودِه في أوقاتٍ معيّنة بطرقٍ تفوقِ الإدراكَ البشري. لكنه كان دائماً يفعلُ ذلك بحسبِ حكمتِه وصلاحِه الكاملَين.
في عهد الأساسات، لعن الله آدم ممثّل عهده، بالعذاب والموت نتيجة عصيانه. لكننا نرى أيضاً بركات الله لآدم. ففي التكوين 3: 15، وعد الله بانتصار البشرية على نسل الحية. وقد انتقلت لعنة الموت ورجاء الانتصار كلاهما، كما وجد الله مناسباً، إلى شعب العهد الذين مثّلهم آدم، أي الجنس البشري.
وفي عهد استقرار الطبيعة، نال نوح ممثّل العهد البركات لخدمته الأمينة. استمر أيضاً في مواجهة اللعنات، مثل مشاكل في عائلته بعد الطوفان. وكانت بركات ولعنات مشابهة من نصيب الأجيال اللاحقة من البشر، أي شعب العهد الذين مثّلهم نوح.
وفي عهد اختيار إسرائيل، نال إبراهيم أيضاً نتائج البركات واللعنات كممثّل عهد الله. وهذه النتائج انتقلت إلى شعب العهد إسرائيل، وإلى الذين تم تبنّيهم في بني إسرائيل في الأجيال اللاحقة.
وبطريقة مشابهة، في عهد الشريعة تلقّى موسى بركات ولعنات الله في حياته كممثّل العهد. علاوة على ذلك، أوضحت شريعة موسى الكثير من البركات واللعنات المحدّدة التي هي من نصيب شعب إسرائيل في العهد، ومن نصيب الأمم الذين تم تبنّيهم في شعب إسرائيل.
في عهد الملكية، نال داود نفسه، بصفته ممثّل العهد، نتائج البركات واللعنات وفقاً لأمانته أو عدم أمانته. والأمر نفسه انطبق على شعب العهد الذين مثّلهم، أي نسله الملوكي وشعب إسرائيل والأمم الذين تم تبنّيهم في شعب إسرائيل.
2) العهد الجديد:
يشدّد لاهوت أسفار العهد الجديد على أن المسيح، كممثّل العهد الجديد، اختبر كلا من لعنات الله وكذلك بركات الله. فكما أشار بولس في غلاطية 3: 13، احتمل يسوع لعنة الله على خطايا كل الذين يؤمنون به، حين ذاق الموت على الصليب.
لم يقع يسوع تحت لعنة الله بسبب إخفاقاته الشخصية. فهو لم يكن لديه خطايا شخصية. لكن إتماماً لما جاء في إشعياء 53: 1-12، احتمل دينونة الله كالملك البريء بديلاً عن شعب الله في كل عصر. لكن في المقابل، بسبب برّه الشخصي، نال المسيح أيضاً بركات الله. فيسوع هو الإنسان الوحيد الذي خدم الله بشكل كامل واستحق مكافأة بركات الله الأبدية (فيلبي 2: 8-9).
في لاهوت أسفار العهد الجديد، كانت قيامة يسوع وصعوده في تأسيس الملكوت المكافأة العادلة لطاعته الكاملة لله. ويتمتّع المسيح ببركة الله طوال فترة استمرار ملكوته اذ هو يملك على كل الخليقة عن يمين الآب. وسينال بركة أعظم عند اكتمال ملكوته حين ينال ميراثه الأبدي بالمُلك على الخليقة الجديدة.
وبقدر ما تمدح أسفار لاهوت العهد الجديد يسوع لاكتسابه بركة المُلك على كل الخليقة، نعلم أن نتائج العهد الجديد ستُؤثر أيضاً في الكنيسة، شعب العهد الجديد. تشير عقيدة الاتحاد بالمسيح في أسفار العهد الجديد إلى ناحيتَين لهذه الحقيقة. من جهة، لأننا في المسيح، فكل بركة أبدية من الله هي بالفعل من نصيب المؤمنين الحقيقيين. يُمكن للمؤمنين الحقيقيين أن يطمئنوا إلى حقيقة أنهم لن يختبروا أبداً لعنة الله الأبدية. وبركاتهم الأبدية مضمونة لأن المسيح هو ممثّل عهدهم. وقد عبّر بولس عن هذه الفكرة عندما كتب تسبيحته الشهيرة في أفسس 1: 3.
بسبب اتّحادنا بالمسيح في السماء، نلنا بالفعل كمؤمنين حقيقيين "كل بركة روحية". فكما حمل المسيح لعنات الله الأبديّة نيابة عنا، نال أيضاً البركات الأبدية مكافأة من الآب من أجلنا.
لكن من جهة أخرى، اتحادنا بالمسيح يعني أن المسيح فينا. أي أنه يعمل في المؤمنين الحقيقيين لكي يختبروا نتائج الطاعة والعصيان في حياتهم اليومية.
مرة أخرى يجب أن نتذكّر أنه إلى حين عودة المسيح بالمجد، تتألف الكنيسة المنظورة من مؤمنين غير حقيقيين ومؤمنين حقيقيين. ويشرح لاهوت أسفار العهد الجديد كيف أن نتائج البركات واللعنات، في هذه الحياة وفي الأبدية، تنطبق على هاتَين المجموعتَين.
فتشرح لنا مقاطع مثل لوقا 12: 45-46 ورومية 2: 4-5، أنه مع استمرار المؤمنين غير الحقيقيين في عصيانهم على الله، فإن البركات التي ينالونها في هذه الحياة تزيد من لعنات الله الأبديّة عليهم في الدينونة الأخيرة. كما أن المشقّات واللعنات التي يعانونها في هذه الحياة ما هي إلا عيّنات مسبقة للعنات الأبديّة التي ستنزل عليهم عند رجوع المسيح.
على نقيض ذلك، ينال المؤمنون الحقيقيون أيضاً كلا من البركات واللعنات في هذه الحياة. لكن البركات التي يحصل عليها المؤمنون الحقيقيون في هذه الحياة هي عيّنات مسبقة للبركات الأبديّة التي ستأتي عند اكتمال الملكوت. فبالنسبة للمؤمنين الحقيقيين، كما تُعلن مقاطع مثل العبرانيين 12: 1-11، فإن الشدائد الوقتية، أو اللعنات، هي بمثابة تأديب أبوي من إلهنا المحب. فهذه الصعوبات تُقدّسنا وتزيد البركات الأبدية التي سننالها عند عودة المسيح (الرؤيا 21: 6-8).
الكلمة
عن هذه الخطة
هل تساءلت يوما لماذا تُولي أسفار العهد الجديد الكثير من الاهتمام لملكوت الله؟ أو كيف يتعلّق هذا الموضوع المركزي بالعهد الجديد في المسيح؟ تبحث هذه الخطة في هاتين السمتين الأساسيتين لأسفار العهد الجديد من خلال دراسة مصدر نشأتهم والقصد منهم بالنسبة لنا اليوم. كما نتعرّف على الرسالة العامة لأسفار العهد الجديد. ونقوم بتلخيص التأكيدات اللاهوتيّة لأسفار العهد الجديد. كما نطرح استراتيجيّة لتطبيق أسفار العهد الجديد على الحياة المعاصرة.
More
نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: http://arabic.thirdmill.org