الملكوت والعهد في أسفار العهد الجديدعينة

الملكوت والعهد في  أسفار العهد الجديد

يوم 15 من إجمالي 17

اليوم 15: ديناميات التفاعل (الإحسان الإلهي)

ركّزت المعاهدات بين السيد والتابع للشرق الأدنى القديم على ثلاث خصائص للتعاملات بين الملك الأعظم والملك الأدنى. أولاً، ادّعى الملك الأعظم دائماً أنه أظهر الإحسان نحو تابعيه. ثانياً، وضع الملك الأعظم شروطاً معيّنة يبرهن تابعوه من خلالها عن ولائهم. وثالثاً، أوضح الملك الأعظم نتائج البركات واللعنات التي يجب أن يتوقعها التابعون مقابل الطاعة والعصيان. وهنا يجب أن نقول إن الملك الأعظم احتفظ دائماً بحقه في فرض شروط عهده بالطريقة التي يراها ملائمة له. لكن بصورة عامة، شكّل الإحسان، والولاء، والنتائج المبادئ الأساسية التي حكمت العلاقات في تلك المعاهدات.

هذه العناصر ذاتها تظهر في دينامية التفاعلات الإلهيّة البشريّة في العهود الكتابيّة. ويجب أن نُبقي في ذهننا أن الله، باعتباره الملك الأسمى، هو من حدّد كيف ستنجح تفاعلات عهوده. وقد قام بذلك وفق حكمته التي لا تضاهى، وليس وفق مقاييس التوقعات البشريّة. ولهذا السبب يوضّح الكتاب المقدس أن تعاملات الله مع شعبه هي غالباً فوق الإدراك البشري. لكن كما تذكّرنا مقاطع مثل التثنية 29: 29، وإشعياء 55: 8 و9 وعدد من المزامير، وأسفار كاملة مثل أيوب والجامعة، أن الطرق التي من خلالها نفّذ الله ديناميات العهد كانت دائماً صالحة وحكيمة.

سوف نبحث في ديناميات التفاعل بين الله والشعب عن طريق ملاحظة أولاً الإحسان الإلهي لله نحو شعبه. ثانياً، سننظر كيف تضمّنت العهود الكتابيّة امتحانات الولاء لشعب الله في العهد. وثالثاً، سنتناول نتائج البركات واللعنات للطاعة والعصيان.

1) الإحسان الإلهي: 

العهد القديم

تبيّن أسفار العهد القديم بصورة واضحة جداً أن إحسان الله، أو لطفه، قد استهل وعزّز العلاقات التي نشأت عن عهوده. أظهر الله الإحسان الإلهي نحو آدم كممثّل عهده في عهد الأساسات. فقبل سقوط آدم في الخطية، أظهر الله اللطف نحو آدم بخلقه جنة عدن، ووضعه هناك باعتباره صورة لله. كما أن الله سكب نعمته المخلّصة على أبوينا الأولَين، آدم وحواء، بعد سقوطهما في الخطية. حظي نوح أيضاً طوال حياته بالإحسان الإلهي – النعمة العامة والنعمة المخلّصة على حد سواء - باعتباره ممثّل عهد الله في عهد الاستقرار. وكما كانت الحال في العهد مع آدم، فإن اللطف الذي أظهره الله نحو نوح انتقل إلى شعب العهد الذي مثّله نوح: أي كل الجنس البشري. وبطرق متنوعة، أظهر الله لكل الشعب نعمته العامة. وللمؤمنين الحقيقيين، لا سيما الذين من ذريّة شيث، أظهر الله لهم أيضاً نعمته المخلّصة. واختبر إبراهيم أيضاً الإحسان الإلهي للنعمتَين العامة والمخلّصة كممثّل عهد الله في عهد اختيار إسرائيل. واللطف الذي أظهره الله نحو إبراهيم أظهره أيضاً نحو شعب العهد الذي مثّله: أي بني إسرائيل والأمم الذين سيتم تبنّيهم في إسرائيل. وكما تُبيِّن سيرة حياة موسى، أظهر الله إحسانه الإلهي لنعمته العامة والمخلّصة بطرق فريدة لموسى نفسه كممثّل العهد، في عهد الشريعة. واللطف الذي أظهره الله نحو موسى انتقل إلى الذين مثّلهم: أي شعب إسرائيل، والذين تم تبنّيهم في إسرائيل. وأخيراً نال داود الإحسان الإلهي لنعمة الله العامة والمخلّصة بطرق خاصة كممثّل العهد الذي اختاره الله في عهد الملكيّة. واللطف الذي أظهره الله نحو داود انتقل إلى شعب العهد الذي يمثّله: أي أولاده الملوك، وشعب إسرائيل، وكل الأمم الذين تم تبنّيهم في شعب إسرائيل. ووفق حكمة الله الفائقة الإدراك، اختبروا جميعهم النعمة العامة بمن فيهم غير المؤمنين في إسرائيل. لكن المؤمنين الحقيقيين نالوا أيضاً نعمة الله المخلّصة.

العهد الجديد: 

في المقام الأول، تجذب أسفار العهد الجديد الانتباه إلى إحسان الله نحو المسيح، الذي هو ممثّل العهد الجديد. يجب أن نكون واضحين بأن يسوع مثل آدم قبل السقوط، لم يكن أبداً بحاجة إلى الرحمة، أو الغفران، أو النعمة المخلّصة من الله. مع ذلك تشير مقاطع مثل متى 3: 16 و17؛ ومتى 12: 18؛ ولوقا 3: 22 أنه عند تأسيس يسوع لملكوته مسحه الآب بالروح القدس مؤيّداً إيّاه بالقوة في خدمته. في الحقيقة، وفق رومية 8: 11، أقام الآب يسوع من الموت بقوة الروح القدس. علاوة على ذلك، وفق المزمور 2: 4-6؛ ومتى 28: 18؛ وأعمال الرسل 2: 31-33، رفّع إحسان الآب نحو يسوع إلى مركزه الحالي من السلطان والقدرة خلال استمرار ملكوته. وهذا اللطف سيقود إلى الامتيازات والمجد التي سينالها المسيح عند اكتمال ملكوته.

في المقام الثاني، تركّز أسفار العهد الجديد أيضاً على ما يسمّيه اللاهوتيّون المسيحيّون عادةً "الاتحاد مع المسيح". يوضّح هذا التعليم أن إحسان الله نحو المسيح يؤثّر أيضاً في الكنيسة، أي شعب العهد الذي يمثّله المسيح. اتحاد المؤمنين مع المسيح مزدوج. فمن جهة، نحن "في المسيح". هذا يعني أنه بسبب كون المسيح ممثّلاً لنا في العهد، فإن شعب العهد الجديد متحدون مع المسيح في بلاط الله السماوي. من هنا، من عدّة نواح، ما يصحّ عن المسيح يعتبر صحيحاً بالنسبة إلى كل الذين يُمثّلهم في بلاط الله (أفسس 1: 13).

لكن من جهة أخرى، لا يتحدّث العهد الجديد فقط عن وجود المؤمنين "في المسيح". بل يتحدّث أيضاً عن "المسيح فينا". أي أن المسيح حاضر ويعمل في المؤمنين من خلال الروح القدس في اختباراتنا اليومية على الأرض (رومية 8: 10-11).

تعلّم أسفار العهد الجديد أنه قبل رجوع المسيح، يُظهر الله نعمته العامة لجميع الناس في الكنيسة المنظورة، بمن فيهم المؤمنين غير الحقيقيين. على الرغم من أن غير المؤمنين كثيراً يختبرون مراحم عظيمة وقتيّة من الله، فهم لا ينالون النعمة الخلاصيّة. لكن في الوقت نفسه، قد أظهر الله نعمته الخلاصيّة للمؤمنين الحقيقيين حتى في الوقت الحاضر. فلا عجب إذن إن كل أوجه لاهوت أسفار العهد الجديد مقدّمة باعتبارها إحساناً إلهيّاً.

يوم 14يوم 16

عن هذه الخطة

الملكوت والعهد في  أسفار العهد الجديد

هل تساءلت يوما لماذا تُولي أسفار العهد الجديد الكثير من الاهتمام لملكوت الله؟ أو كيف يتعلّق هذا الموضوع المركزي بالعهد الجديد في المسيح؟ تبحث هذه الخطة في هاتين السمتين الأساسيتين لأسفار العهد الجديد من خلال دراسة مصدر نشأتهم والقصد منهم بالنسبة لنا اليوم. كما نتعرّف على الرسالة العامة لأسفار العهد الجديد. ونقوم بتلخيص التأكيدات اللاهوتيّة لأسفار العهد الجديد. كما نطرح استراتيجيّة لتطبيق أسفار العهد الجديد على الحياة المعاصرة.

More

نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع:  http://arabic.thirdmill.org​​​​​​​