الملكوت والعهد في أسفار العهد الجديدعينة
اليوم 13: إدارة الملكوت (السياسات الملائمة)
كل المعاهدات بين السيد والتابع في الشرق الأدنى القديم كانت تتضمّن عناصر مشتركة، لكنها اختلفت أيضاً في نواحٍ عدة. وذلك لأن كل معاهدة فرديّة تناولت قضايا محدّدة وثيقة الصلة بكل علاقة دوليّة. وبالطريقة ذاتها، كل عهود الله كان بينها الكثير من الأمور المشتركة، لكن سياسات كل عهد كانت مصمّمة من أجل قضايا محدّدة كانت مهمّة في مراحل مختلفة من التاريخ الكتابيّ. ولكي نرى كيف أن سياسات عهود الله كانت ملائمة للمراحل التاريخية المختلفة، سننظر إلى عهود أسفار العهد القديم، ومن ثم إلى سياسات العهد الجديد.
1) العهد القديم:
قراءة سريعة لبنود عهود أسفار العهد القديم تكشف تركيزاً على سياسات كانت ملائمة في مراحل خاصة في ملكوت الله. فعهد الله مع آدم يمكن أن يُدعى عن حق "عهد الأساسات". وهو يركّز على أهداف ملكوت الله ودور البشر في ملكوته قبل دخول الخطية إلى العالم وبعده.
بعد الطوفان قطع الله عهداً مع نوح يمكننا أن نسميه بـ"عهد الاستقرار". وركّز هذا العهد على استقرار الطبيعة كالبيئة الآمنة التي فيها يمكن للبشرية الآثمة أن تخدم مقاصد ملكوت الله.
يمكننا الإشارة إلى العهد مع إبراهيم كـعهد اختيار إسرائيل". وهو يركّز على امتيازات ومسؤوليات إسرائيل كشعب الله المختار. والعهد مع موسى يُدعى غالباً "عهد الناموس" لأنه يركّز على ناموس الله، وهو يوحّد أسباط إسرائيل كأمة واحدة. في هذا العهد قاد الله شعب إسرائيل نحو وطنهم الموعود.
وأخيراً، يمكننا اعتبار العهد مع داود "عهدَ المَلَكيّة". فهذا العهد ثبّت إسرائيل كمملكة حقيقية وركّز كيف يجب على سلالة داود الحاكمة أن تقود إسرائيل في خدمة المملكة.
2) العهد الجديد:
يأتي العهد الجديد في الفترة الأخيرة من التاريخ الكتابي – بعد عهود الله مع آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وداود. ولهذا السبب، يمكن وصف العهد الجديد "بعهد الإتمام" أو التحقيق. وعلى هذا النحو، فقد وضع سياسات كانت مصمَّمة لتغيّر إخفاقات الماضي، واستكمال أو تحقيق مقاصد ملكوت الله في المسيح (إرميا 31: 31). في القرينة الأوسع لإرميا 31: 31 تشير العبارة "هَا أَيَّامٌ تَأْتِي" إلى الفترة بعد نهاية سبي إسرائيل. فرسالة البشارة المسيحية – أو "الإنجيل" – هي أن ملكوت الله سيصل إلى انتصاره النهائي الشامل بعد نهاية سبي إسرائيل. وهكذا نرى في أول إشارة إلى العهد الجديد ارتباطه بالتحقيق الانتصاري لملكوت الله. لهذا السبب، أعلن الله في إرميا 31: 33-34 سياسات العهد الجديد، وهي سياسات كانت ملائمة لهذه المرحلة الأخيرة من الملكوت في المسيح.
أن العهد الجديد سيأتي بملكوت الله إلى نهايته القصوى حين "يصفح الله عن إثم شعبه ولا يذكر خطيتهم فيما بعد". في زمن البركات النهائيّة الأبديّة لشعب الله "يجعل شريعته فِي دَاخِلِهِمْ وَيكتبها عَلَى قُلُوبِهِمْ". في الواقع، لقد وعد الله بهذه الحقيقة لكل شخص في العهد الجديد، إذ قال: "سَيَعْرِفُونَنِي مِنْ صَغِيرِهِمْ إِلَى كَبِيرِهِمْ".
في مقاطع مثل التثنية 10: 16، وإرميا 4: 4، كثيراً دعا الله شعب إسرائيل ليتحرّكوا أبعد من ارتباطهم الخارجي بعهوده، وأن يختنوا قلوبهم. بعبارة أخرى، كان عليهم أن يحبّوه بقوة عن طريق كتابة شريعته على قلوبهم. لكن في سياسات عصر العهد الجديد، وعد الله بأن يتدخل بحيث يصبح ذلك حقيقة واقعيّة لكل شعبه في العهد.
علّم يسوع أن عصر العهد الجديد سينكشف مع الوقت على ثلاث مراحل: أولاً، تأسيسه وقد بدأ مع المجيء الأول للمسيح. في هذه المرحلة، تمّم يسوع العديد من التوقعات المتعلقة بالعهد الجديد، لكن ليس كلها. ثم، في مرحلة استمراره، يسير عصر العهد الجديد لفترة غير محدّدة في تاريخ الكنيسة. في هذه المرحلة، يتمّم يسوع المزيد من توقعات العهد الجديد لكن ليس كلها بعد. وأخيراً، يصل عصر العهد الجديد إلى اكتماله عند المجيء الثاني للمسيح حيث تتم كل التوقعات بشكل كامل.
وهذا التحقيق الثلاثي للعهد الجديد يساعدنا أن نتعرّف على خاصية ثانية أساسية للاهوت أسفار العهد الجديد. فهو لم يتمركز فقط حول المسيح. بل كان لاهوت أسفار العهد الجديد أيضاً مخصّصاً لشرح سياسات العهد الجديد كما استُعلنت في هذه المراحل الثلاث.
الكلمة
عن هذه الخطة
هل تساءلت يوما لماذا تُولي أسفار العهد الجديد الكثير من الاهتمام لملكوت الله؟ أو كيف يتعلّق هذا الموضوع المركزي بالعهد الجديد في المسيح؟ تبحث هذه الخطة في هاتين السمتين الأساسيتين لأسفار العهد الجديد من خلال دراسة مصدر نشأتهم والقصد منهم بالنسبة لنا اليوم. كما نتعرّف على الرسالة العامة لأسفار العهد الجديد. ونقوم بتلخيص التأكيدات اللاهوتيّة لأسفار العهد الجديد. كما نطرح استراتيجيّة لتطبيق أسفار العهد الجديد على الحياة المعاصرة.
More
نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: http://arabic.thirdmill.org