الرسالة إلى العبرانيينعينة
اليوم 8: الغاية من التحذيرات (الغاية الأولى: نبذ التعاليم المحليّة)
نظرنا في اليوم السابع إلى حدة التحذيرات التي يقدمها كاتب الرسالة إلى العبرانيين. والآن ننظر إلى الغاية من هذه التحذيرات.
رأينا سابقاً أنّ القصد الرئيسي من الرسالة إلى العبرانيين يمكن تعريفه بالطريقة التالية:
كان هدف كاتب العبرانيين أن يحض مستلمي رسالته على نبذ التعاليم اليهوديّة المحلّيّة وعلى بقائهم أمناء ليسوع.
كما يؤكّد هذا التعريف، كان لـتحذيرات الكاتب غاية مضاعفة. إذ كان يرغب في أن ينبذ مستلمو رسالته التعاليم اليهوديّة المحلّيّة وكان يريد منهم أيضاً أن يبقوا أمناء ليسوع باعتباره المسيح المنتظر. لنرى كيف حثّ الكاتب مستلمي الرسالة على نبذ التعاليم اليهوديّة المحلّيّة.
نبذ التعاليم المحليّة:
في الوقت الذي كُتبت فيه الرسالة إلى العبرانيين كان يمكن للمسيحيّين أن يكونوا بمأمن من الاضطهاد في حال تخلّوا عن معتقداتهم المسيحيّة التي تميّزهم، وانخرطوا أكثر في المجتمع اليهودي المحلّي.
أعطى كاتب الرسالة الأولويّة لحلّ مسألة المعتقدات والممارسات الخاطئة، خصوصاً تلك التي نشأت في المجتمعات اليهوديّة خارج الاتجاه اليهودي السائد في فلسطين. انظر إلى كلمات الكاتب في العبرانيين 13: 9:
لاَ تُسَاقُوا بِتَعَالِيمَ مُتَنَّوِعَةٍ وَغَرِيبَةٍ، لأَنَّهُ حَسَنٌ أَنْ يُثَبَّتَ الْقَلْبُ بِالنِّعْمَةِ، لاَ بِأَطْعِمَةٍ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا الَّذِينَ تَعَاطَوْهَا (العبرانيين 13: 9).
في هذا العدد، يقابل الكاتب بين "الثبات بفضل النعمة" و"الثبات بفضل الأطعمة". وهذا أحد الأمثلة عمّا سمّاه الكاتب "بالتعاليم المتنوعة والغريبة".
في النصف الثاني من القرن الماضي، تم اكتشاف مخطوطات البحر الميت في قمران. وقد احتوت مجموعة الوثائق المكتشفة هناك والتي بقيت مخبأة لمدّة طويلة، على نصوص العهد القديم. وتضمّنت هذه الوثائق أيضاً كتابات من خارج الأسفار المقدسة بشأن التعاليم الخاصّة لجماعة من اليهود المحرومين من حقوقهم كانوا يعيشون بالقرب من البحر الميّت. وقد تضمّنت كتباً مثل نظام الجماعة، وعهد دمشق، ولفيفة الحرب، والمدراش حول ملكي صادق، بالإضافة إلى جزئين من 1 أخنوخ معروفَين بكتاب الساهرين وكتاب الأحلام. في هذه الكتب عدد من التعاليم الشبيهة إلى حدٍّ كبير بالقضايا اللاهوتية المطروحة في العبرانيين.
يمكننا فهم العديد من التحذيرات الموجودة في العبرانيين ضد المعتقدات اليهوديّة المحلّيّة، إن انتبهنا إلى بعض المواضيع المشابهة الموجودة في الرسالة إلى العبرانيين والمخطوطات التي عُثر عليها في قمران.
إنّ مخطوطات البحر الميّت هي وثائق مدهشة عُثر عليها كما هو معروف في خربة قمران، وهي مخطوطات تعود إلى طائفة يهوديّة متطرّفة عزلت نفسها عن الاتجاه اليهودي العام لا سيما خدمات الهيكل. وعلى نحو مشابه إلى حد ما للرسالة إلى العبرانيين، يبدو أن المتشدّدين في جماعة قمران اعتبروا أنفسهم هيكلاً جديداً في ظلّ عهدٍ جديد. لكن إلى جانب أوجه الشبه نرى كذلك أوجه اختلاف لا سيما بسبب غلبة العبادة الطقسيّة في شعائر العهد القديم، وقد كانت جماعة قمران ترغب في إعادة إحيائها في الوقت الذي يبدو أن كاتب العبرانيين كان يطلب من قرائه التخلي عنها.
—الدكتور شون ماكدونو
الكلمة
عن هذه الخطة
تعد الرسالة إلى العبرانيين أحد أكثر الأسفار تحدّياً في العهد الجديد. فمن الصعب فهم العديد من موضوعاتها وأفكارها الرئيسية وهي تميل إلى تناولها بشكل مختلف عما تقوم به أسفار العهد الجديد الأخرى. ولكن من المفيد أن ندرك أن القرّاء الأصليين كانوا يواجهون الاضطهاد وتجربة الارتداد عن المسيح. لهذا السبب ركّز كاتب العبرانيين على الثبات القوي في الإيمان، ولذلك تعد هذه الرسالة من أكثر الأسفار ذات قيمة وتشجيعاً للمسيحيين في كل عصر. في هذه الخطة نتعرّف على خلفية الرسالة إلى العبرانيين ورسالتها الرئيسية. كما نقوم بتلخيص بنية ومحتوى الرسالة إلى العبرانيين، ومعناها الأصلي، والتطبيق المعاصر لها.
More
نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: