الرسالة إلى العبرانيينعينة
اليوم 10: الغاية من التحذيرات (الغاية الثانية: البقاء أمناء ليسوع)
لم تكن الغاية من تحذيرات الكاتب لقرّائه حثّهم على نبذ التعاليم اليهودية المحلية فقط، بل أكثر من ذلك، أراد الكاتب أن يبقوا أمناء ليسوع كونه المسيح المنتظر.
من أجل تحقيق الغاية المرجوّة من دعوة قرّائه إلى خدمة يسوع بأمانة، وضع كاتب العبرانيين تحذيراته في خمسة أقسام رئيسية.
1) في العبرانيين 1: 1-2: 18، توجّه كاتب العبرانيين إلى قرّائه ليؤكّد تفوّق المسيح على الإعلانات الملائكيّة.
هناك العديد من الكتابات اليهوديّة التي عادةً تمجّد الملائكة باعتبارها مخلوقات قديرة ومجيدة نقلت إعلانات إلهيّة إلى البشر الأدنى منها منزلة. وهذا الإكرام المُعطى للملائكة ولّد تحدّيّاً خطيراً بالنسبة لأتباع المسيح. فيسوع كان من لحم ودم. فكيف لأي شخص أن يتبع ما علّمه يسوع عوضاً عن اتّباع ما أعلنته الملائكة؟ لكنّ كاتب العبرانيين ردّ على هذا التعليم اليهودي المحلّي ببراهين من العهد القديم ومن حياة يسوع، وموته، وقيامته، وصعوده وعودته في المجد، كلها تثبت أنّه في الواقع أعظم كثيراً من الملائكة.
2) إنّ القسم الرئيسي الثاني من العبرانيين، الممتدّ من 3: 1-4: 13، يبرهن أنّ يسوع أهلٌ لسلطة تفوق سلطة موسى.
كان واضحاً للجميع أنّ أتباع يسوع ما كانوا يمارسون خدمة الذبائح التي أوصى الله بها من خلال موسى. وقد ناشدت الجماعة اليهوديّة المحلّية المسيحيّين أن يعودوا إلى موسى ويعملوا بما أوصى به. وقد ردّ كاتب العبرانيين على هذه المسألة بتأكيده أنّ موسى كان خادم الله الأمين. لكنّ يسوع كان أعظم من موسى فهو ابن الله الملك (الجالس على عرشه).
3) بعد أن تناول الكاتب مسألة الملائكة وموسى، تحوّل إلى الكلام عن كهنوت مَلْكِي صَادَق في 4: 14-7: 28.
في هذا القسم، ناقش الكاتب مسألة كون يسوع الكاهن والملك الأعظم مُعيّناً على رتبة مَلْكِي صَادَق. ويبدو جليّاً أنّ المجتمع اليهودي المحلّي أراد أن يتخلّى مستلمو الرسالة الأولون عن اعتقادهم بيسوع كالمسيح المنتظر لأنّه كان يعتقد بظهور مَلْكِي صَادَق كرئيس الكهنة الملكي في الأيام الأخيرة. لكنّ كاتب العبرانيين ردّ على هذا التحدّي مبرهناً أنّ يسوع هو الملك الكاهن الحقيقي الذي ظهر في الأيام الأخيرة ليمنحنا تكفيراً أبديّاً عن الخطيّة.
4) في 8: 1-11: 40، شرح كاتب العبرانيين تفوّق العهد الجديد بيسوع.
أثارت التعاليم اليهوديّة المحليّة شكوكاً حول الادعاء المسيحي بأن يسوع قد أتى ليكون وسيط العهد الجديد الذي وعد به إرميا. إلّا أنّ كاتب العبرانيين أشار إلى أنّ يسوع هو في الحقيقة وسيط العهد الجديد.
5) في القسم الرئيسي الأخير، الممتدّ من 12: 1-13: 25، تكلّم كاتب العبرانيين بطرق عديدة عن حاجة قرائه إلى ممارسة الثبات العملي.
ويتكون هذا القسم من لائحة طويلة من التحذيرات، وعلى شروحات لها. في ضوء التحدّيّات العديدة الآتية من المجتمع اليهودي المحلّي، أو أيّ مصدر آخر، والتي تقف بوجه إيمانهم، وجّه الكاتب رسالته ليبعث الأمل والقوّة في نفوس قرّائه. كما حضهم على البقاء أمناء ليسوع كالمسيح المنتظر مذكّراً إيّاهم بمواعيد الله وبركاته في يسوع.
إنّ الرسالة إلى العبرانيين هي واحدة من أكثر أسفار العهد الجديد التي تبدو صعبة في تعاليمها، مع أنها للذي يدرسها بعناية في غاية البساطة والجمال الذي يغير الحياة. وتنطوي على عدد كبير من التعاليم بحيث لا يمكننا في هذه العجالة سوى تناول قسم صغير ممّا تعلّمه هذه الرسالة. لكن لا يزال بوسعنا الاستفادة بطرق كثيرة من تعاليمها الغنيّة. ونحن كأتباع للمسيح في هذا العصر، نواجه أيضاً تجربة الابتعاد عن مشاكل هذه الحياة عن طريق المساومة على التزاماتنا تجاه المسيح. لكن لو فتحنا قلوبنا وأصغينا كيف حذّر كاتب العبرانيين قرّاءه الأولين بإلحاح عندها يمكننا أن ندرك كم هو مهمّ أن نثبت في إيماننا مهما كانت المقاومة التي قد نواجهها.
الكلمة
عن هذه الخطة
تعد الرسالة إلى العبرانيين أحد أكثر الأسفار تحدّياً في العهد الجديد. فمن الصعب فهم العديد من موضوعاتها وأفكارها الرئيسية وهي تميل إلى تناولها بشكل مختلف عما تقوم به أسفار العهد الجديد الأخرى. ولكن من المفيد أن ندرك أن القرّاء الأصليين كانوا يواجهون الاضطهاد وتجربة الارتداد عن المسيح. لهذا السبب ركّز كاتب العبرانيين على الثبات القوي في الإيمان، ولذلك تعد هذه الرسالة من أكثر الأسفار ذات قيمة وتشجيعاً للمسيحيين في كل عصر. في هذه الخطة نتعرّف على خلفية الرسالة إلى العبرانيين ورسالتها الرئيسية. كما نقوم بتلخيص بنية ومحتوى الرسالة إلى العبرانيين، ومعناها الأصلي، والتطبيق المعاصر لها.
More
نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: