(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

شرح النص

يشكّل هذا النص الحدث النهائي في إنجيل متى وبذلك يقول فيه كل ما بقي عنده من أمور أساسيّة للمؤمن، كالذي يفارق الحياة على فراش الموت يعطي كل ما في قلبه من وصايا وحب لأولاده قبل أن يغادر هذه الحياة الفانية. إنّه يعرض كلمات يسوع الأخيرة ووصيّة القائم من الأموات. بعد حدث القيامة وتضليل رؤساء اليهود، يأتي هذا الترائي كخاتمة للإنجيل وبداية لإنجيل حياة جديد. فهو إذًا يشكّل، من جهّة أولى، نقطة الوصول أو القمّة لكل الروايات السردّية السابقة لإنجيل متى، ومن جهّة ثانية، يشكّل نقطة البداية لرواية أخرى. يُنهي هذا النص قصّة يسوع الأرضي ويبدأ قصّة رسالة التلاميذ.

في القسم الأول من النص (آ 16 – 17)، تتوقف الكاميرا عند الأحد عشر، في الجليل، على الجبل، وهي لا تلتقط كلمة واحدة. الجليل هو مسرح عمل يسوع في إسرائيل، وقد أصبح أرض الانفتاح على كل الشعوب (4: 15) إتفاقًا مع الرؤية النبوية (إش 49 : 6). والجبل هو مكان الوحي الكامل للرب ابن الله (17 : 1). أمّا الأحد عشر، فلم يبقوا إثني عشر كما في 10 : 1، إنهم ملقَّبون في إنجيل متى ب "قليلي الإيمان" من خلال موقفهم المتناقض بين السجود والشك. أما القسم الثاني، (آ 18 – 20) فيسوع هو محور الحدث، وكلماته تتبوَّأ إطارًا ليتورجيًا والجُمَل طابعًا إحتفاليًا. إنّ إعلان البانتوكراتور (آ 18 ب)، سيّدُ العالم الكليّ القدرة، هو صدىً لما يقرأ في سفر دانيال 7: 13 – 14 . إنّه السلطان المطلق والكامل ليسوع، الذي هو أساس وعلّة وجود رسالة الكنسية. أمّا الإرسال الرسولي (آ 19 – 20 أ) فيبيّن بوضوح القيمة النموذجيّة للتلمذة:

في الأصل اليوناني إنّ الفعل "تلمذوا" هو الفعل الأساسي المصرّف في الجملة، وبقيّة الأفعال هي صفات "Participe" متعلّقة به. فالتلمذة هي العمل الأساسي والنهائي لتبشير الشعوب )إش 42 : 6(؛ وليس العماد وتعليم حفظ الوصايا إلا صفات متعلّقة بالتلمذة الحقيقية. والوعد بالبقاء الدائم (آ 20 ب) يعطي المؤمن طمأنةً في مسيرته إذ إنّ العمّانوئيل (1: 23) يَعِد ويلتزم بالبقاء مع كل تلميذ، مع كل قارئ.

تأمل في النص

يلقي هذا النص الضوء على لاهوت المسيح وعلاقته بالثالوث من جهة وعلاقته بالكنيسة من جهة أخرى. فالمسيح هو مفتاح معرفة العالم الإلهي إذ كشف لنا عن أبيه وعن روحه القدوس؛ وأيضًا إنّه مبدأ وأساس الكنيسة. فالنص يصف حدود عمل الكنيسة: إنّها ل "جميع الأمم"، أمّا دورها فهو التلمذة والتبشير وتعليم كلام الله بالدرجة الأولى. وهكذا نفهم أنّ لاهوت الكنيسة هو متّصلٌ بلاهوت الإرسال خاصة بالمهام الكهنوتية الثلاث: التعليم والتقديس والتدبير. فالتعليم يفطّر القلب الذي بتوبته وعماده يتقدّس ويصبح بدوره شاهدًا مبشِرًا بمحبّة الله.

الفكرة الرئيسة

أرسل المسيحُ رسلَه إلى جميع الأمم ليبشّروا بتعاليمه، وضَمَنَ نجاح رسالتهم ببقائه الدائم معهم.

صلاة

ساعدني يا رب لأعي أهمّية حضورك الدائم في العالم. إنّ رسالة التبشير التي حمّلتَني إيّاها تتكّل على مدى اتّحادي بك والشهادة لحبّك. فهّمني أهمّيتها، فاخدمك في خلاص النفوس، آمين.

خذ قرارًا لهذا اليوم