(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

شرح النص

استفاد يسوع من مناسبة دعوة إلى وليمة ليُعطي توجيهَين، واحدًا للمدعوِّين وآخر للذي يدعو.

لاحظ يسوع أنَّ المدعوِّين راحوا يختارون المقاعد الأولى، فجاء توجيهه الأوَّل ليُركِّز على التواضع، أي على اختيار المقعد الأخير، فاسحًا في المجال لصاحب الدعوة ليُقرِّر المركز الذي يعود للمدعوّ. أمَّا جوهر هذا التوجيه، فيرد في نهايته: مَنْ يرفَعُ نَفسَهُ ينخفِض، ومَنْ يخفض نَفسَهُ يرَتفِع.

فالمسألة ليست إذًا مسألة "حنكة" بقدر ما هي مسألة قَلب المقاييس، وعدم اِّتخاذ منطق العالم، بل منطق الربّ يسوع الوديع والمتواضع القلب.

يطاول توجيه يسوع الثاني صاحب الدعوة. يرتكز هذا التوجيه على مبدأ العمل والمكافأة الناتجة عن العمل. يشدِّد يسوع في هذا المبدأ على مصدر المكافأة (من الله أم من الناس)، وعلى مكان تحقيقها (في هذا الزمن أم في قيامة الأبرار)، وعلى دوامها (زائلة أرضيًّا، تستمر للأبد سماوًّيا). ويحثّ بالتالي صاحب الدعوة على أخذ الخيار الإلهيّ الدائم.

تأمل في النص

يركِّز كُتَّاب العهد الجديد عامَّة على مفهوم قد نسمِّيه "قَلْب المقاييس". يشدِّد الإنجيليُّون، وبخاصَّة لوقا، على هذه الحقيقة. يعتبر نشيد مريم مثلًا أنَّ الربَّ حطَّ المقتدرين ورفع المتواضعين؛ أشبع الجياع وصرف الأغنياء فارغين. في الواقع، لا يقلب الربُّ جهود الإنسان. ما يُقلَب هو نتائج الاِّتكال على الذات والاستغناء عن الله. يظهر هذا التناقض أيضًا مع بولس الرسول الذي يعتبر أنَّ الله جعل حكمة هذا الدهر حماقة؛ وما يبدو حماقةً من الله هو أحكم من حكمة الناس (1كور 1: 20 – 25). فالتواضع والطفولة الروحيَّة يُدخلان المؤمن في فَهم مشيئة الربّ، وُيبعدانه عن الاستغناء عنه.

جوهر توجيه يسوع الثاني هو أن تكون أعمال المؤمن هبة. ولكي تكون كذلك عليه أن يعملها مع المساكين. المسألة الحقيقيّة مرتبطة بالجهة التي تجازي؛ فالعطاء والعطاء الُمقابل يفقد العطاء جوهره.

عن أيِّ أجر تبحث؟ لا تقُم إلّا بهبات "لوجه الله"، واجعل أباك السماويّ يجازيك على عطائك.

الفكرة الرئيسة

عدم الانجراف في منطق العالم الاستهلاكيّ، واِّتخاذ الربّ يسوع مثالًا في العمل: هو الربُّ والمعلِّم، ولكنَّه كان بين تلاميذه كالخادم.

صلاة

وَعدُتك يا ربُّ بأنِّي لا أرغب مكافأة على أعمالي إلَّا منك... لكنَّ روح العالم ما زال يتاحني سعيًا وراء مناصب أو أرباح أو جاه بشريّ. أعِد إليَّ يا ربُّ حميَّة التزامي الأوَّل، فتكون أنت المصدر والغاية لكلِّ حياتي.

خذ قرارًا لهذا اليوم