(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

 شرح النص

إن خلف هذا النص تقليد يهودي يقول إن مخلوقات علوية ذكرية )ملائكة( اتخذوا لهم زوجات من بين بني البشر، فسقط هؤلاء الملائكة من مقامهم السماوي، ونتج عن هذا الزواج مخلوقات غريبة )جبابرة( أشاعوا الشر على الأرض، حتى امتلأت من شرورهم، وقد أشار العهد الجديد إلى هذا التقليد (يه 6– 7؛ 2بط 2: 4؛ يو 8: 44 ). جسَّد الكاتب المُلْهَم، في فن أدبي رفيع، هذا التقليد في واقع اختلاط نسل قايين المطرود من حضرة الله، والذي يمثل الشر، بنسل شيث الجديد المخلوق على صورة الله وصورة أبيه آدم، وما زال على اتصال بالله ومتواجد في حضرته، والذي يمثل الخير. ويرى الكاتب المُلْهَم أن اختلاط هذين النسلين نتج عنه ولادة جيل شرير دعاهم "الجبابرة"، وهؤلاء ملأوا الأرض بشرورهم، ما دفع الله إلى حجب روحه عن البشر، وتقصير أعمارهم ليحد من الشر، بل وإزالة الشر والأشرار بالطوفان. عندما ينحجب روح الرب عن الإنسان، يعود الإنسان إلى العدم. في زمن كتابة النص، كان اليهود يعانون من زواج أبنائهم بنساء وثنيات، فهذا ما أوقع عليهم "طوفان " السبي، لذلك، بعد العودة من السبي، عليهم تفادي الزواج المختلط (أنظر نح 13 : 23 وتابع).

تأمل في النص

 قانون الاختلاط الطبيعي يقول إن الأسود يسيطر على الأبيض، والرديء يتغلب على الجيد، والشرير يغلب الصالح. لذلك، أفضل وسيلة للحفاظ على الجيد هي تفادي الاختلاط. إن في هذه النظرة كثيرًا من الحق، لذلك توصي نصوص بيبلية كثيرة بوجوب عزل المؤمنين أنفسهم عن الأشرار (خر 34 : 16 ؛ تث 7: 3– 4؛ يش 23 : 12 ؛ عز 9: 2؛ نح 13 : 23 – 27 ؛ 2كو 6: 14 – 15). إن ما يبرر صحة هذه النظرة هو ميل الإنسان الطبيعي إلى الشر، فكيف تكون الحال عندما ينحجب روح الرب عن الإنسان لسبب ما. لكن "الإنسان الإله" يسوع المسيح لا يسري عليه هذا القانون، فهو القدوس ابن الله  المتكون بفعل حلول الروح القدس في أحشاء مريم العذراء (لو 1: 35) المجرد من الطبيعة الخاطئة. فهو اختلط بالخطاة فأصلحهم، وبمن فيهم أمراض معدية فشفاهم. هو يقتحم الشر، ليحوله إلى خير. والروح القدس "يلقح" أبناء الله ضد قانون الفساد، وبقدر ما يمتلئون من هذا الروح يستقوون ويتغلبون على الفساد الموجود في العالم. إن تغلب الفساد على المؤمن، في بعض الأحيان، مرده أن هذا المؤمن أضعف عمل الروح القدس فيه بعدم إعطائه إمكانية الانتشار في كل ملكوته. إن تزود المؤمن بكلام الله، ومواظبته فحص الذات والتوبة وتناوله جسد ودم ربنا يسوع المسيح (حياة المسيح) هي التي تحصنه ضد فتك الفساد فيه.

الفكرة الرئيسة

القانون الطبيعي هو أن الفساد يتغلب على الصلاح، لكن القانون ما فوق الطبيعي (الروحاني) يحصننا بالروح القدس ضد الفساد في العالم.

صلاة

اللهم املأني بروحك القدوس كي تحفظ نفسي من فساد العالم، وأتمكن من تحويل الفساد إلى صلاح.

خذ قراراً لهذا اليوم