الرب قريبعينة

يقول بولس لأهل فيلبي: "اَلرَّبُّ قَرِيبٌ. لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ." (فيلبي 4: 6).

هذه الكلمات تذكّرنا بأنّ الربّ ليس فقط حاضرًا في حياتنا، بل هو قريبٌ جدًا منّا، مستعدٌ للاستماع إلى كلّ طلباتنا وهمومنا، فقرب الربّ يعني أنّنا لسنا وحدنا في مواجهة مصاعب الحياة وتحدّياتها. بدلًا من الغرق في القلق والهموم، نحن مدعوّون لأن نُلقي بكلّ شيءٍ أمام الله في الصّلاة والدعاء، مرفقين طلباتنا بالشّكر على نعمه وعطاياه المستمرّة، حتّى رغم صغر هذه العطايا، فلنثق في قربه ونؤمن بأنّه يسمعنا ويرعانا، ولنتذكّر دائمًا أنّ في حضوره نجد السّلام والأمان، وأنّه بقربه تزول كلّ مخاوفنا وهمومنا.

في قريّةٍ صغيرةٍ، عاش فلاح بسيط اسمه يوسف، كان يوسف يعمل بجدّ في حقله كلّ يوم، لكنّه كان يواجه مشاكل كثيرة، مثل الجفاف الذي أفسد محاصيله والديون التي تراكمت عليه، فكان قلقًا وحزينًا، ولا يعرف كيف سيتجاوز هذه المحن.ذات يومٍ بينما كان يجلس تحت شجرةٍ كبيرةٍ يتأمّل في مشاكله، اقترب منه صديقه العجوز. ولاحظ الحزن في عيني يوسف وسأله عن السبب. أخبر يوسف صديقه بكلّ ما يمرّ به من صعوباتٍ وهمومٍ.ابتسم صديقه وقال: "يوسف، هل تعلم أنّ الربّ قريب منّا دائمًا؟ لا تهتمّ بشيء بلّ كلّ شيء يحدث بالصّلاة مع الشّكر، دع طلباتك تُعلَم لدى الله". ثم قصّ عليه قصّةً قديمةً عن فلاحٍ آخر كان يعاني من نفس المشاكل، وكيف أنّ صلاته جعلت الله يتدخّل ويساعده بطرقٍ لا تخطر على باله.

استلهم يوسف من كلمات صديقه وقرّر أن يثق بالربّ ويسلّمه كلّ همومه، فبدأ بالصّلاة يوميًّا، مع شكر الله على كلّ ما لديه من نِعَمٍ، مهما كانت صغيرة، وتسليم روحه بالكامل للربّ. وبمرور الوقت، بدأ يشعر بالسّلام والطمأنينة تعود إلى قلبه. وحدثت أمورٌ لم يكن يتوقّعها، مثل هطول الأمطار فجأة التي أنقذت محاصيله، وظهور فرصٍ جديدةٍ جعلته يسدّد ديونه. فأدرك يوسف أنّ قرب الربّ يعني أنّ الله دائمًا موجود بجانبه، مستعدٌّ ليعينه في كلّ محنةٍ. تعلّم يوسف درسًا ثمينًا بأن يثق بالله ويترك له كلّ همومه، مصلّيًا وداعيًا بشكر وامتنان دائم.

في هذه القصّة البسيطة، نجد تذكيرًا قويًّا بأنّ الله قريبٌ منّا في كلّ الأوقات وهو عادلٌ، ولكن يجب علينا أن ندعه يقترب منّا أكثر، وذلك بالصّلاة والدعاء فهما المفتاحان لنختبر هذا القرب والسّلام. لنتذكّر دائمًا أنّ الربّ قريبٌ، ولنلقِ عليه كلّ همومنا بثقةٍ وشكرٍ.