مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثعينة

تعزية الربّ بمجيء خلاصه(إشعيا40: 1-8)

~النص البيبلي~

40عزُّوا، عزُّوا، شعبي، يقولُ الرّبُّ إلهُكُم.2طيِّبوا قلبَ أورُشليمَ.بَشِّروها بنِهايةِ أيّامِ تأديبِها وبالعَفوِ عمَّا ا‏رتَكبَت مِنْ إثْمٍ وبأنَّها وفَت للرّبِّ ضِعفَينِ جَزاءَ خطاياها.‌3صوتُ صارِخٍ في البرِّيَّة:هَيِّئوا طريقَ الرّبِّ مهِّدوا في الباديةِ دَربًا قَويمًا لإلهِنا.‌4كُلُّ وادٍ يرتفِعُ.كلُّ جبَلٍ وتلٍّ ينخَفِضُ.يصيرُ المُعوَجُّ قَويمًا ووَعرُ الأرضِ سَهلًا،5فيَظهَرُ مجدُ الرّبِّ ويراهُ جميعُ البشَرِ معًا، لأنَّ الرّبَّ تكلَّمَ.‌6صوتُ قائِلٍ: “إقرأْ”.فقُلتُ: “ماذا أقرأُ”.كلُّ بشَرٍ عُشبٌ وكزَهرِ الحقلِ بَقاؤُهُ.‌7ييبَسُ ويذوي مِثلَهُما بنَسمةٍ تَهُبُّ مِنَ الرّبِّ.8أمَّا كلِمةُ إلهِنا فتَبقى إلى الأبدِ.

~شرح النص~

في الفصول السابقة، تسقطُ أورشليم بسبب خطايا شعبها وملوكها وكهنتها.خالفوا وصيّة الربّ، ولم يكونوا على قدر الدعوة التي دعوا إليها.عزيّا وآحاز ملكا أورشليم أخطآ إلى الربّ(إشعيا6–8).لم يتّكل عليه آحاز، ولم يؤمن بكلامه وبآية عمّانوئيل التي نقلها إليه النبيّ.

تسقط أورشليم أمام البابليّين، وسقوطُها علامةٌ على رزوح الانسان أمام كبريائه بصورة الملك الأورشليميّ الذي أراد أن يتّكل على القوّة في الحرب وعلى السلاح وعلى تحالفاته مع القوى الأخرى، ورفض الاتّكال على الوعد الإلهيّ.تمضي أورشليم وكنوزها وعجرفة رؤسائها إلى السبي.

غير أنّ الربّ، في إشعيا، إله مخلّص.لا يخلّص الناس في حرب أو من عدوّ.بل يخلّصهم من كبريائهم.

في هذا المقطع يعلن الربّ، على لسان نبيّه إشعيا، التعزية للذين سحقهم السبي.هم شعبه لأنّهم ذاقوا المذلّة.والمذلولون والمسحوقون في الكتاب يختارهم الربّ ليعلن لهم خلاصه.تسقط أورشليم المستكبرة، ويرفع الربّ أورشليم التي انسحقت، لتكون هي المدينة النازلة من السماء.

~تأمل في النص~

نحن أمام رمزيّة البرّية والبادية مقابل المدينة.صوت الله يأتي من البادية، من حيث لا وجود لإنسان، ولا إمكانَ لتزهر الحياة.البرّية رمز للتخلّي عن كلّ شيء.لترك إغراءات هذه الدنيا، ومشتهياتها، ولا سيّما شهوتا السلطة والمال وما يتّصل بهما من كبرياء يولّد، في معظم الأحيان، ظلمًا كبيرًا للناس الذين نظنّهم أدنى منّا مرتبة وقدرًا.

بانسحاق المدينة تنسحق كبرياؤنا، لأنّ المدينة المبنيّة على أسس القوّة والحرب فيها من الشرّ الكثير.أمّا مدينة الله، أورشليم الحقّة النازلة من السماء، تلك التي يعزّيها الربّ هنا، فأساسها كلمة الله الآتية من البرّية.تلك المدينة هي التي يخرج يسوع من البرّية بعد التجربة ويتّجه نحوها ليدعوها إلى التوبة فتتقبّل دعوته.

~الفكرة الرئيسة~

يدعونا الربّ إلى التواضع، وإلى التخلّي عن أوهام العظمة، ويحملنا إلى رؤية مظالم هذا الكون، ومسحوقيّة البشر، لكي نصرخ إليه من هناك كي ينقذ العالم من الكبرياء.

~صلاة~

أعنّي لكي أتأمّل في حكمتك، وأن أنظر إلى وجه مسيحك، ذلك الصوت الصارخ في البرّية، والآتي إلينا ليخلّصنا.

~قرار اليوم~