مدخل إلى الأناجيلعينة
اليوم 01: تشابه الأناجيل مع السِيّرة اليونانية الرومانية – الخروج 24: 1-18
تروي سِيَرُ الحياةِ القديمةِ حياةَ القادةِ العُظَماء. ورُغمَ شُمولِها على العديدِ من الشّخصِيات والقِصَص، فإن سِيَرَ الحَياةِ اليونانيةِ الرومانيةِ عالجَتْ تلكَ الشخصياتِ والقِصَص، بطُرُقٍ ركَّزت فيها على القائدِ البارز. فدافَعتْ عنْ أفكارِ القائِد، وخلّدَت ذِكرى أفْعالِه من جيلٍ إلى جيل. وتُشبهُ الأناجيلُ سِيَر الحياةِ القديمةِ في هذه النواحي.
كذلك نُلاحظُ تشابهاً بين الأناجيلِ وبعضِ سِيَر الحياةِ القديمة، وذلك من خلالِ قصةِ ولادةِ يسوعَ الواردة في إنجيلَي متى ولوقا، كذلك من خلالِ تفاصيلِ مَوتِ يسوعَ المذكورةِ في الأناجيلِ الأربعةِ جميعِها. ومثلُ كتّابِ سِيَر الحياةِ القُدامى، رتّبَ كتّابُ الأناجيلِ الأحداثَ بينَ وِلادةِ يسوعَ وموتِه بِطُرقٍ متنوعة. أحياناً، رتَبوا الأحداثَ وِفقَ الترتيبِ الزمَني. وفي أحيانٍ أُخرى، صَنَّفوها بِحَسَبِ المَواضيع، أَو بحسبِ المواقعِ الجُغرافية.
وهناك ميزةٌ هامةٌ أخرى في سِيَر الحياةِ اليونانيةِ-الرومانِية، وهي سَردُها لأحداثِ الماضي كوقائعَ تاريخيةٍ بِحيثُ نَلحَظُ الفرقَ بين الماضي والحاضِر. فقد ركزَّت سِيَرُ الحياةِ على الكتابةِ عن حياةِ أشخاصٍ تاريخيينَ لا نظيرَ لهم، وعن إسهاماتِهم الفَريدة.
بصورةٍ عامة، سعى كُتّابُ سِيَرِ الحياةِ القُدامى إلى البحثِ عن سِجِلاَّتٍ شفويةٍ ومكتوبة والمحافظةِ عليها. على سبيلِ المِثالِ، ما قدَّمَهُ بلوتارخ كاتبُ سِيَر الحياةِ المحترَم، الذي عاشَ تقريباً في الفترةِ بينَ العامِ السادسِ والأربعينَ والمئةِ والعشرينَ للميلاد. كان بلوتارخ كاتباً يونانيّاً عِلمانيّاً كتبَ حوالي سنةِ سبعينَ ميلادية، أي في الفترةِ ذاتِها التي كُتبت فيها الأناجيل. بدأ مُؤَلَّفَه "حياةُ شَيْشَرون" بمعلوماتٍ عن والدَي شَيْشَرون، ولكِنهُ اعترفَ بمًحدوديِة ما لديهِ من معلوماتٍ عن والدِ شَيْشَرون.
يُقال عامة، أن هَلفيا والدةَ شيشرون، كانت من عائلةٍ عريقةٍ وعاشَتْ حياةً جيَّدَة. أما بالنسبةِ لوالدِه فالأخبارُ تتَضاربُ حوْلَه. فبينما يرى البعضُ أن والده كان يعمل في تبييض القماش تعلّم منه شَيْشَرون هذه الحِرفَة، يرى آخرون أَن أصلَ عائلَتِه يرجِعُ إلى تولوس أتيوس مَلكِ الفولشيين الشهير، الذي شنَّ حرباً مشرِّفةً ضدَ الرومان.
وتوَخِّي بلوتارخَ الحذَرَ في التمييزِ بين الحَقيقةِ والتَخمينِ في مسألةِ والدَي شَيْشَرون، يدلُّ على الأقلِ أَن كاتبِي السِيَر القُدَماء أعطوا انتباهاً للتَفاصيلِ التاريخيَة، وكانوا مهتمينَ بالدِقَة. وقد برهنَت الأناجيلُ أنها لا تقلُ دِقةً عن بلوتارخ في نقلِها للوَقائع.
من المُنصِفِ أن نقولَ عُموماً، إن الأناجيلَ هي قِصَصٌ تاريخيةٌ كُتبت في فترةٍ كان فيها أدبُ سِيَر الحياةِ شائعاً في العالمِ اليوناني-الروماني. وهذا الانفتاحُ الواسعُ الانتشارِ على سِيَر الحياةِ شجَّعَ على الأرجحِ كُتّابَ الأناجيلِ في مُهَمتهِم، وجَعَلَهم ميّالينَ إلى تبنّي بعضِ الاصطلاحاتِ الرَسميةِ لسِيَر الحياةِ تلك.
الكلمة
عن هذه الخطة
البحث في الطابع الأدبي للأناجيل، ومنزلتهم في الكنيسة، ووحدتهم وتنوعهم.
More
نود أن نشكر وزارات الألفية الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع: http://arabic.thirdmill.org