مدخل إلى الأناجيلعينة
اليوم 06: الاختلافات بين الأناجيل – 2 أخبار 9: 29، مرقس 6: 1-6، لوقا 4: 14-30
بعضُ أهم الفروقاتِ الشائِعةِ يَتَعَلقُ بـالتَسلسُلِ الزَمني، وهو التَسلسُل الذي تُوصَفُ فيه الأحداثُ في الأناجيلِ المُختَلِفَة.
قِصَصٍ تتناولُ سِيَر حَياة، يتبعُ كلُ إنجيلٍ التَسَلسُلَ الزَمنيَ ذاتَه للأحْداث. فكلُ إنجيلٍ يبدأُ بولادِةِ يسوع، ثم ينتقلُ ليَتَحَدَثَ عن مَوتِه، وأخيراً عن قِيامَتِه. لكنْ غالباً ما تُشيرُ الأناجيلُ إلى أحْداثٍ أُخْرى في حَياةِ يَسوعَ بتَرتيباتٍ مُتَفاوِتَة. والسبب، هو أن الأناجيلَ تُوزِّعُ أحياناً الأحداثَ وِفقَ الأوْلَوِياتِ التي كانت مقبولةً في القرنِ الأول، لكن قد لا تناسب تَوَقُعاتِنا العَصرِية. وبدلَ اتِباعِ الأناجيلِ أولوياتِ التَسلسُلِ الزَمني بدِقة، رُتِّبَت أحداثُها وَفْقَ الموضوعِ أو المَوقَعِ الجُغْرافي. مثلاً، روى مَرقُس قصةَ رفضِ يسوعَ في وَطَنِه في مَرقُس ٦: ١ – ٦. لكنَ لوقا أورَدَها في فترةٍ أبكَرَ في إنجيلِه، وذلك في ٤: ١٤ – ٣٠، بحيث باتت القصةَ الأولى في خِدْمَة يسوعَ العَلَنية. فإنجيلُ لوقا يُعطي هذه القصةَ أهميةً أكبرَ من مَرقُس، وتتضمنُ هذه القصةُ تَفاصيلَ أكثَرَ للتَشديدِ على مَوضوعِ الرَفْض.
ولم يهتمْ كُتّابُ الأناجيل بالمُحافظَةِ على تَرتيبٍ زمنيٍ دقيقٍ لخِدمَةِ يسوعَ التَجوالِيَّة، بقَدرِ اهتمامِهِم بإعلانِ مجيءِ الملكوتِ من خلالِ تعاليمِه وأعمالِه.
نوعٌ ثانٍ من أوجه الخلاف، هو إغفالُ موادٍ من إنجيلٍ أَو أكثر. على سبيلِ المِثال، لا يُشيرُ يوحنا إلى عشاءِ الربِّ في إنجيلِه. وإغفالاتٌ من هذا النوعِ يُمكِنُ تفسيرُها بعدةِ طرق. قد يكونُ السببُ هو الاختلافُ في التشديدِ بين الكُتّاب. أَو قد يكونُ السببُ عدمَ شُعورِ كُتَّابِ الأناجيلِ المُتأَخِرينَ بالحاجَةِ إلى تَرديدِ مقاطعَ وردت في كتاباتٍ سابقةٍ لبشيرين آخرين. أياً كانتِ الحال، فإن الإغفال لا يعني وجودَ خلافاتٍ أَو تناقضاتٍ بين كُتّابِ الأناجيل.
فكِر بحَديثٍ اشترَكَ فيه عددٌ من الأشْخاص. كلُ شَخصٍ يتكلم لا يَشعرُ بالحاجَةِ إلى أَن يُكرِّرَ كلَ ما قالَه الآخرون. بل يُرَكِّزُ بدَلَ ذلك على إضافةِ وُجهَةِ نَظَرِه الخاصَة، رُبما مع بَعضِ التفاصيلِ أو بتَشديدٍ مُختلف.
والكتابُ المقدَسُ يَغفِلُ من وقتٍ لآخرَ أموراً على نحو بيّن. على سبيلِ المثالِ في ٢ أخبارِ الأيامِ ٩: ٢٩، قال كاتبُ سفرِ أخبارِ الأيامِ بوضوحٍ إنه أغْفَلَ تفاصيلَ سبقَ وسَجَّلها كتّابٌ آخرون. وهذا حصلَ ثلاثَ مراتٍ على الأقلِ في أخبارِ الأيامِ الثاني، وغالباً في أسْفارِ المُلوكِ الأوَلِ والثاني. لذلكَ يجبُ ألا نَتَفاجَأَ عندما نجدُ أنَ أحدَ كُتّابِ الأناجيلِ أغفلَ مادةً مهمةً سبقَ وأشارَ إليها كاتبٌ آخر.
نوعٌ ثالثٌ شائعٌ للصُعوبَةِ الظاهِرِيَة يَنتُجُ من أوجُه الشَبَهِ بين الأحداثِ المُختَلِفَةِ التي حَصَلَت في خِدمةِ يسوع. إذ يبدو أحياناً كما لو أَن بشيرَين يَصِفانِ الحادثَ ذاتَه بطُرُقٍ مُختَلٍفة، لكن قد يكونان في الواقِعِ يَصِفان حَدَثين مُتشابِهَين، لكن مُختلفَين.
من المُهِمِ أَن نتذكرَ أَن يسوعَ كان واعظاً مُتجَوِلاً. أي أنه كان يتجوَّلُ من مكانٍ إلى آخر. وأنه أيضاً اجتَرحَ الكَثيرَ من المُعجِزاتِ المُشابِهَةِ في أماكنَ مَختلفة، وشَفى الكَثيرَ من العُميانِ والعُرج. ولا شَكَ أنَه أجابَ عن العديدِ من الأسئلةِ والاعتِراضاتِ ذاتِها مرةً تلوَ المَرَة.
كذلك، تجاوبَ الناس مع يسوع بطرق متشابهة في مناسبات مختلفة. تأمل بروايتَي دَهنِ يسوعَ بالطيب في لوقا ٧: ٣٦ – ٥٠ وفي مَرقُسَ ١٤: ٣ – ٩. في لوقا، كان يسوعُ في بيتٍ فَريسّي، أما في مَرقُس فقد كان في بيتِ سِمْعان الأبرَص. فلا يوجد هنا رِوايتان مُتناقِضَتان لحَدَثٍ واحد، بل روايتان لحَدَثَين مُختلِفَين.
عن هذه الخطة
البحث في الطابع الأدبي للأناجيل، ومنزلتهم في الكنيسة، ووحدتهم وتنوعهم.
More
نود أن نشكر وزارات الألفية الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع: http://arabic.thirdmill.org