رسائل بولس في السجن: بولس وأهل كولوسيعينة

رسائل بولس في السجن: بولس وأهل كولوسي

يوم 14 من إجمالي 14

 اليوم 14: التركيز على الأشياء السماوية – كولوسي  3: 1-2

 إنَّ أرواحنا القديمة المعاندة لم تكن لديها لا الإمكانية ولا الإرادة. ولكن أرواحنا المتجددة تمتلك الإمكانية والإرادة أو الرغبة على السواء. عندما كنَّا أمواتاً روحياً، قبل أن نتجدّد ونتّحد بالمسيح الملك، كان من غيـر المجدي بالنسبة لنا أن نركّز على الأشياء الروحية، أو "بما فوق". حتى ولو أردنا ذلك. ولكن الآن وقد اهتدينا، فإن أكثر الأمور منطقية والتي علينا القيام بها هي التركيز على حياتنا الجديدة وفي اتجاه جديد. لقد خُلقت أرواحنا من جديد؛ فنحن الآن أناسٌ روحيون. وإنَّ أكثر الأشياء منطقية – وأكثرها طبيعية – وأكثر الأشياء فائدة لنا لنقوم بها كأناسٍ روحانيين – هي التركيز على حياتنا الروحية. وهكذا تابع بولس في كولوسي 3: 1-2 بكتابة هذه الوصايا: 

فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ. اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ. (كولوسي 3: 1-2)

لأننا جالسون فوق مع المسيح، علينا أن نركّز أفكارنا على أمورٍ تنتمي إلى السماء. أصبحنا على اطّلاعٍ الآن ببُنية السلطة الحقيقية للكون؛ نعرف كيف يسير العالم، وما هي الأشياء التي تأتي بالبركات الحقيقية. وهذه المعرفة يجب أن تغيّر الطريقة التي نعيش بها حياتنا.

في بعض مراحل التاريخ، فهم المسيحيون خطأً أنَّ بولس حين تكلَّم عن التركيز على الأمور السماوية وليس على الأمور الأرضية والمادية، كان يعني أنه يجب الانسحاب من الحياة الإنسانية العادية في سبيل طلـب السماء وحدها دون أن يصرفنا عنها شيء. والرهبان المتنسّكون في العصور الوسطى هم مثال جيد على هذا النوع من التفكير. كان البعض منهم يعيش كناسك، معتزلاً بقية الناس. والبعض الآخر كان يقيم في الكهوف أو فوق الأعمدة لفترة طويلة من الزمن. وآخرون كانوا يعذبون أجسادهم. كانوا يعتقدون بصدق أنَّ أفضل طريقة للنمو الروحي هي الهروب من تأثير العالم العادي واللاروحي. ولكنهم كانوا مخطئين. لقد وقعوا في الواقع، ومن بعض الوجوه، في الأخطاء نفسها التي وقع فيها المعلمون الكذبة في كولوسي.

المربّي الشهير بوكر ت. واشنطن، مؤسس المدرسة التي تدعى الآن باسم جامعة Tuskegee، هو مؤلف هذا المثل الأميركي: 

"لا يستطيع رجلٌ أن يمسك برجلٍ في حفرة دون أن يبقى هو معه فيها".

معنى ذلك، إذا ركَّزنا كل طاقاتنا على قمع رغباتنا الأثيمة، نكون ما زلنا مركّزين على الرغبات الأثيمة. نعم، إنَّ قمع الإثم هو أمرٌ حسن، وحتى أنه عمل جيد. وقد حثَّ بولس المؤمنين على إماتة شهوات أجسادهم. ولكن ما يرمي إليه بولس ليس أننا يجب أن نتبنَّى ببساطة مقاربة جديدة للمسائل الأرضية؛ فقد قصد أيضاً أنه ينبغي أن نعيد تركيز اهتمامنا بعيداً عن الأمور الأرضية وعلى المسائل الروحية. ولكن الأمور "الروحية" أو "السماوية" التي قصدها بولس تتطلَّب مشاركتنا في هذا العالم. لنقرأ كلماته في كولوسي 3: 12–16:

فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أَنَاةٍ، ... وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا... كَمَا غَفَرَ لَكُمُ الْمَسِيحُ هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا. وَعَلَى جَمِيعِ هذِهِ الْبَسُوا الْمَحَبَّةَ الَّتِي هِيَ رِبَاطُ الْكَمَالِ. وَلْيَمْلِكْ فِي قُلُوبِكُمْ سَلاَمُ اللهِ الَّذِي إِلَيْهِ دُعِيتُمْ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ، وَكُونُوا شَاكِرِينَ. لِتَسْكُنْ فِيكُمْ كَلِمَةُ الْمَسِيحِ بِغِنىً. (كولوسي 3: 12-16)

إنَّ ما يقوله بولس هو أنَّ الأمور "السماوية" أو "الروحية" في الحياة هي تلك التي تعكس حال ملكوت الله كما يبدو في السماء. أو بأسلوبٍ آخر، الميول السماوية هي التركيز على من صعد إلى السماء، أي المسيح، لكي يمكننا أن نتشبّه به أكثر ونحن هنا على الأرض.

لنلاحظ نوع الأمور التي دعاها بولس "سماوية" أو "روحية". فمعظمها هو فضائل تفاعلية، أي فضائل يتمّ التعبير عنها أساساً، وفي بعض الحالات فقط، تجاه أشخاصٍ آخرين، مثل الرأفة، الحنان، التواضع، اللطف، الصبر، التسامح، المحبة، والسلام في سياق الجماعة. هذه الفضائل لا يمكن ممارستها بعيداً عن الحياة الفاعلة في عالم اليوم.

يوم 13

عن هذه الخطة

رسائل بولس في السجن: بولس وأهل كولوسي

دراسة استجابة بولس للتعاليم الهرطوقية التي أدخلت تكريم كائنات روحية قليلة الشأن إلى العبادة المسيحية.

More

:نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على توفير هذه الخطة. لمزيد من المعلومات، يرجى زيارة الموقع http://thirdmill.org