أسفار موسى الخمسةعينة
اليوم 29: المواضيع الرئيسية (حافظ العهد، الخروج 1: 1-4: 31)
إن سِفرَ الخروجِ هو أوّلُ سِفر في الكتاب المقدّس يُشير بشكلٍ صريحٍ إلى اللهِ كملك. في الخروج 15: 1-18، بعد أن عبرَ بنو إسرائيل البحرَ الأحمرَ على اليابسة، رنّمَ موسى والشعبُ تسبيحةً للربّ. وقد أخبرت هذه التسبيحةُ عن اختباراتِ الجيلَين الأوّل والثاني للخروج. فهي تركّزُ على تحريرِ الله لبني إسرائيل من مصر في الماضي، وأيضاً على نجاحِ إسرائيل في امتلاكِ أرض كنعاٍن والاستيطانِ فيها في المستقبل. واللافتُ للنظرِ أن كلماتَ موسى الأخيرةَ التي أنشَدَها عند البحرِ جمعت بين التحريرِ من مصر في الماضي واكتسابِ أرضِ كنعانٍ والاستيطانَ فيها في المستقبلِ تحتَ مُلك الله. وكما يُشير خروج 15: 18، فإنّ أعمالَ اللهِ القديرةِ في الجيلَين الأوّل والثاني للخروج تُظهِرُ مجدهُ كاللهِ ملكِ إسرائيل الذي "يَمْلِكُ إلَى الدَّهْرِ وَالأبَدِ".
الله ملك إسرائيل حافظ العهد (الخروج 1: 1-4: 31):
على الرُغم من كونِ موضوعِ الله ِكملكِ إسرائيلَ حافظِ العهدِ يتكرّرُ على طول سِفر الخروج، لكنّه يَظهَرُ بشكلٍ بارزٍ في الخروج 1: 1-4: 31. وتَسرُدُ هذه الإصحاحاتُ أحداثاً من قبلِ ولادةِ موسى إلى صعودِ موسى كقائدٍ على إسرائيل.
إن خروج 2: 24 مهمٌّ لأنّه بمعزلٍ عن الإشارةِ الوجيزةِ إلى إحسانِ اللهِ إلى القابلَتَين اللتَين خافتاه، فهذه هي المرّةُ الأولى التي تردُ فيها كلمةُ اللهِ في سِفر الخروج. فمنذ البداية، يُصوِّرُ سِفرُ الخروج اللهَ كملكٍ حافظِ العهدِ الذي "يتذكّر ميثاقه". في كلِّ مرّةٍ يَرِدُ في الكتاب المقدس ذكراً للهِ وعهودهِ، نرى تركيزاً ضمنيّاً عليهِ كإلهِ إسرائيلَ الملك. صنع اللهُ، في زمن الكتاب المقدّس، عهوداً مع الشعبِ تُشبِهُ معاهداتِ الملوكِ العظماءِ في الشرقِ الأدنى القديم التي كانوا يقيموها مع الشعوبِ الأخرى. ونسمّي هذه المعاهداتُ الدوليّةُ اليومَ "معاهداتٌ بين السيدِ والتابع". في هذه المعاهدات، يُقيمُ الملوكُ العظماءُ، أو الأسياد، اتفاقياتٍ مقدّسةٍ مع الملوكِ الأقلِّ شاناً منهم أو التابعين وشعوبِهم. وقد أدركَ بنو إسرائيل أنّ اللهَ كحافظِ عهدِ إسرائيلَ الأمين، هو أيضاً اللهُ ملكهم. وقد أتمّ عهدَهُ الذي قطعَهُ مع آباءِ إسرائيل من خلال ما صنعهُ في أيام موسى. من هنا، لم يكن عهدُ اللهِ مع موسى مناقِضاً للعهودِ التي قطعها مع الآباء. بل على العكس كان إتماماً لها.
في خروج 3: 14-15 كشفَ اللهُ لموسى عن اسمهِ. لاحظ هنا أنّ الله أخبرَ موسى أن يُعرِّفَ عنه لبني إسرائيل في مصر بثلاثةِ أسماءٍ: "أهيه الذي أهيه"، "أهيه"، و"الرّبّ". إن اسمُ يهوه في هذه الأعداد، والأسماءِ المقترنةِ به، يشُير مباشرةً إلى حقيقةِ أن اللهَ هو سببُ وجودِ وعودهِ. بكلمات أخرى، هو من كان يحفظُ وعودَهُ لآباء إسرائيل بتحقيق تلك الوعود. فليس من الصعبِ أن نرى تركيزَ موسى على حقيقةِ أنّ اللهَ كان يتمّمُ وعودَ عهدهِ بكلِّ أمانةٍ. في التكوين 15: 14، وعدَ اللهُ بأن يحرّرَ شعبَ إسرائيلَ من الشقاءِ في أرضٍ غريبةٍ. وكان على قُراء موسى أن يَعلموا أنّ الله يُحقّقُ وعده في أيّامهم. كانوا بحاجة لإدراكِ أنّ كلَّ بركةٍ في الماضي والحاضرِ والمستقبل هي بفضلِ اللهِ ملِكِهم الذي يحفظُ عهدهُ مع آبائهم.
ينطبقُ هذا الأمرُ على أتباعِ المسيح من عدةِ نواحٍ. فاللهُ يحفظُ عهودَهُ التي قطعَها مع آباءِ إسرائيل في ماضينا، وفي حاضرنا، ومستقبلنا أيضاً. تُعلِّمُنا مقاطعٌ مثلُ لوقا 1: 68-73 أنّ الإتمامَ النهائيَّ لعهدِ اللهِ مع إبراهيم بدأَ في تأسيسِ ملكوتِ المسيح عند مجيئهِ الأوّل. كذلك تُخبِرُنا مقاطعٌ مثلُ غلاطية 3: 15-18 أنّه خلالَ استمراريةِ ملكوتِ المسيح، يجب أن نستمرِ بالثقةِ بالله وبوعودهِ لإبراهيم. كذلك، تُعلّمُنا مقاطعٌ مثلُ رومية 4: 13 أنّه عندَ اكتمالِ ملكوتِ المسيح، فإنّ المكافأةَ المجيدةَ الأبديّةَ التي سنحصَلُ عليها في المسيحِ ستكون تحقيقاً لوعدِ اللهِ لآباء إسرائيل.
نحن في المسيح. والمسيحُ هو الوريثُ لعهدِ إبراهيم. ولن يفشلَ اللهُ في حِفظِ عهدهِ مع إبراهيم. نجدُ هذه التطبيقاتُ على عالمنا وأخرى مشابهةٌ لها في كلِّ مقطعٍ من الخروج يُظهِرُ اللهَ كملكِ إسرائيل الحافظِ للعهد.
الكلمة
عن هذه الخطة
تدعى أول خمسة أسفار في العهد القديم عادة أسفار موسى الخمسة. وهي تروي قصة شعب اسرائيل من الخلقية إلى الاعداد لامتلاك أرض الموعد. ولكن هل أسفار موسى الخمسة هي مجرد سرد تاريخي لشعب الله المختار؟ أم هي شيء أكثر من ذلك؟ نتعرّف في خطة القراءات هذه على الأسفار من التكوين إلى التثنية، من خلال البحث في سبب كتابتها، ما قصدته لقرّائها الأصليين، والطريقة التي يجب بها أن نتجاوب معها اليوم. نقوم بتلخيص البنية، والمحتوى، والمعنى الأصلي، والتطبيق المعاصر للأسفار من التكوين إلى التثنية. كما نشرح كيف كان لقرّاء موسى الأصليين أن يفهموا الروايات القصصية الواردة في أول خمسة أسفار في الكتاب المقدس، وماذا تعني هذه القصص للمؤمنين المعاصرين.
More
نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: http://arabic.thirdmill.org