الرسالة إلى العبرانيينعينة

الرسالة إلى العبرانيين

يوم 4 من إجمالي 19

اليوم 4: المستلمون الأولون للرسالة إلى العبرانيين

لا تشير الرسالة إلى العبرانيين بوضوح إلى الذين أُرسلت الرسالة لهم، سواء بالاسم أو بالمدينة أو المنطقة. مع ذلك يمكننا الوثوق بأن المؤلف كتب إلى قرّاء محدّدين معروفين عنده وتربطه بهم علاقة شخصية. في 13: 19–24، طمأن الكاتب قرّاءه واعداً إياهم بأنه سيزورهم ثانية. وتحدّث عن تيموثاوس ودعاه "الأخ"، كما أشار أيضاً إلى مجموعة من الناس من إيطاليا التي يبدو أن قرّاءه يعرفونهم.

هناك خمسة عوامل تتعلق بالذين وُجهت الرسالة إليهم يجب أن نأخذها بعين الاعتبار.

1) يهود:

أولاً، هناك سبب يجعلنا نعتقد أنّ قسماً هاماً، على الأقل، من الذين وُجّهت الرسالة إليهم كانوا يهوداً. وهذا واضح في العبرانيين 1: 1 حيث يشير الكاتب إلى كيفية إعلان الله عن نفسه لإسرائيل في العهد القديم.

2) هيلينيين:

ثانياً، من المحتمل أيضاً أن الذين وُجّهت الرسالة إليهم كانوا في معظمهم هيلينيين. يمكننا أن نستنتج من خلال محتوى الرسالة إلى العبرانيين أن الناس الموجهة إليهم كانوا إلى حد بعيد يهوداً هيلينيين يعيشون خارج فلسطين.

3) غير ناضجين:

ثالثاً، كان الذين وُجهت إليهم رسالة العبرانيين غير ناضجين (عبرانيين 5: 12).

اللافت للنظر هو أنّه على الرغم من المعرفة اللاهوتيّة البسيطة التي لدى الذين استلموا الرسالة، تحتوي الرسالة إلى العبرانيين على أعلى مستوى من التعاليم اللاهوتيّة وأكثرها عمقاً في كلّ العهد الجديد. فكيف لسفرٍ مثل هذا أن يتلاءم مع قلّة النضج الروحي للقرّاء؟ أفضل طريقة لنفهم هذا الوضع هو أن نُبقيَ في أذهاننا أنّ المسيحيّين الأوّلين اعتمدوا أسلوباً في التعليم كان مألوفاً في مجامع القرون الأولى.

القادة في المجامع اليهودية والكنائس المسيحيّة كانوا يشرفون على تلاوة الأسفار المقدّسة على الرعيّة وتفسيرها لهم. من هنا، عندما قام كاتب العبرانيين بكتابة أحد أكثر مقاطع العهد الجديد عمقاً على المستوى اللاهوتي، كان يتوقّع أن يقوم قادة الكنائس بتعليم جماعتهم ما ورد في رسالته. ونرى أنّ الكاتب في العبرانيين 5: 11، وبخ قرّاءه لكونهم "مُتَبَاطِئِي الْمَسَامِعِ". فمن المعقول جدّاً أن يكون القسم الأكبر من الذين وُجهت الرسالة إليهم غير ناضجين لاهوتياً لأنّهم لم يحترموا قادتهم كما يجب.

4) يعانون من الاضطهاد:

رابعاً، كان الذين وُجهت رسالة العبرانيين إليهم يعانون من الاضطهاد. عرف القرن الأول الميلادي حقبتين من الاضطهاد المسيحي من الممكن أن يكون العبرانيون الذين وُجهت الرسالة إليهم قد تأثّروا بهما ولو بطريقة غير مباشرة. ففي العام 49م قام الإمبراطور الروماني كلوديوس بترحيل اليهود من مدينة روما. وحوالي العام 64م، اضطهد الإمبراطور نيرون المسيحيين في جوار روما.

وإذ نتابع قراءتنا في رسالة العبرانيين، يتوضّح لنا أنّ الذين استلموها سبق أن واجهوا اضطهاداً في الماضي، وأن بعضاً منهم كان يواجه اضطهاداً في حينه، وتوقّع الكاتب أنْ يطال الاضطهاد عدداً أكبر في المستقبل وربّما يكون اضطهاداً أشدّ وأعنف.

واجه مستلمو الرسالة إلى العبرانيين عدداً من المشاكل المؤلمة. ففي الفصل 10 يشير الكاتب إلى أنّهم قاسوا شتى أنواع الآلام؛ فالبعض خسروا ممتلكاتهم، والبعض الآخر أُلقوا في السجن. ومع ذلك كان يكتب إليهم ويحثّهم على أن يكونوا مستعدّين دائما لحمل عار المسيح، وعار إبعادهم عن المحلة. هذا الإبعاد يُقصد به في الغالب الطرد من المجمع، أو في حال كانوا يفكّرون في العودة إلى أورشليم الطرد من الهيكل، وكان على الأرجح لا يزال قائماً في زمن كتابة الرسالة. فهذه هي أشكال الاضطهاد الذي كانوا يواجهونه. إلّا أنّ الكاتب يقول في الفصل 12 إنّهم لم يصلوا بعد إلى حدّ بذل الدم، لكنه على الرغم من ذلك كان مدركاً لحاجتهم إلى التحرّر من الخوف من الموت، كما يقول في الفصل 2 بفضل انتصار يسوع المسيح عليه. فيبدو أنّ ثمّة اضطهاداً أشدّ وأعنف يلوح في الأفق.

— الدكتور دينيس إي. جونسون

5) على وشك الارتداد:

خامساً، بينما واجه مستلمو الرسالة إلى العبرانيين الاضطهاد، كان البعض منهم على وشك الارتداد. هؤلاء لم يضعفوا أو تثبط عزيمتهم في مواجهة الآلام فحسب، بل كانوا في خطر التخلي كلّيّاً عن الإيمان المسيحي (عبرانيين 10: 26-27).

لا بدّ أن نوضّح هنا أنّ كاتب العبرانيين لم يكن قلقاً حيال الزلات أو الخطايا الصغيرة. لكنه كان يحذّر قراءه بصرامة معلناً أن الذين يتخلّون تماماً عن المسيح "لاَ تَبْقَى بَعْدُ (لهم) ذَبِيحَةٌ عَنِ الْخَطَايَا". فحين يترك أناسٌ الإيمان بالمسيح، وهذا ما كان بعض مستلمي الرسالة مجرّبين أَن يقعوا به، فإن فعلوا هم يبرهنون أنّهم لم يختبروا يوماً الإيمان الخلاصي. ولهذا السبب، لا يبقى بعد غير "قُبُول دَيْنُونَةٍ مُخِيفٌ، وَغَيْرَةُ نَارٍ عَتِيدَةٍ مدّخرة لِلْمُضَادِّينَ".

كما سنشرح لاحقًا، لا يدل هذا المقطع أو أيّ مقطع مشابه له في هذه الرسالة على أنّه يُمكن للمؤمنين الحقيقيين أن يفقدوا خلاصهم. بل بالحريّ تتحدث هذه المقاطع عن أولئك الذين جاهروا بإيمانهم واختبروا العديد من بركاته لكن دون أن يتجدّدوا أو يتبرّروا فعلاً. في جميع الأحوال، من الواضح أن بعض الذين وُجِّهت رسالة العبرانيين إليهم كانوا مُجرّبين بقوة أن يتخلوا عن إيمانهم.

يوم 3يوم 5

عن هذه الخطة

الرسالة إلى العبرانيين

 تعد الرسالة إلى العبرانيين أحد أكثر الأسفار تحدّياً في العهد الجديد. فمن  الصعب فهم العديد من موضوعاتها وأفكارها الرئيسية وهي تميل إلى تناولها  بشكل مختلف عما تقوم به أسفار العهد الجديد الأخرى. ولكن من المفيد أن ندرك  أن القرّاء الأصليين كانوا يواجهون الاضطهاد وتجربة الارتداد عن المسيح.  لهذا السبب ركّز كاتب العبرانيين على الثبات القوي في الإيمان، ولذلك تعد  هذه الرسالة من أكثر الأسفار ذات قيمة وتشجيعاً للمسيحيين في كل عصر. في هذه الخطة نتعرّف على خلفية الرسالة إلى العبرانيين ورسالتها الرئيسية. كما نقوم بتلخيص بنية ومحتوى الرسالة إلى العبرانيين، ومعناها الأصلي، والتطبيق المعاصر لها. 

More

نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع: 

http://arabic.thirdmill.org/seminary/course.asp/vs/heb