خطوات عملية لعام جديد مميزعينة

اليوم العاشر

الخطوة الثامنة: فلنهتم بأحدنا الآخر

نواصل التأمل في خطوات الحياة المسيحية المستوحاة من الرسالة إلى العبرانيين. اليوم نتناول الخطوة الثامنة، التي تدعو إلى "الاهتمام ببعضنا البعض". تركز هذه الخطوة على تحفيز الآخرين على المحبة والأعمال الصالحة. في النص اليوناني، نجد أن الترتيب هو "فلنهتم بأحدنا الآخر، لنحفز بعضنا البعض على المحبة والأعمال الصالحة"، مما يبرز أهمية الاهتمام بالآخرين كدافع أساسي في حياتنا المسيحية.

تعتبر هذه الدعوة إلى الاهتمام بالآخرين بديلاً عن الأنانية وحب الذات، وهو ما يراه البعض مصدرًا للقلق والمشاكل. تشير الرسالة إلى أن التحلل من الاهتمام الزائد بالذات هو السبيل للتحرر من قلق النفس، حيث يجب أن نتوقف عن التركيز على أنفسنا ونتوجه نحو خدمة الآخرين.

في رسالة فيلبي، يقدم بولس نموذج المسيح، الذي عاش بتواضع واهتم بالآخرين على حساب ذاته. يدعو بولس المؤمنين إلى تبني هذا الفكر، الذي يعبر عن التواضع والتخلي عن المجد الشخصي لخدمة الآخرين. ويشدد على أن التحرر الحقيقي يأتي من الاهتمام بمصالح الآخرين أكثر من اهتمامنا بمصالحنا الشخصية.

في رسالة غلاطية، يشير بولس إلى أن المحبة هي أساس خدمة الآخرين. لا ينبغي أن نستخدم حريتنا لإرضاء الجسد، بل لخدمة الآخرين بمحبة. وهذا هو الطريق للتحرر من الأنانية والطبيعة الجسدية. الخدمة بالمحبة هي النموذج الذي يجب أن نتبعه في علاقاتنا مع الآخرين.

بولس يعطي مثالًا رائعًا في رسالته الثانية إلى كورنثوس، حيث يقول إنه لا يكرز بنفسه بل بالمسيح، وهو مستعد ليكون عبدًا للآخرين من أجل يسوع. هذه الكلمات تعكس تحولًا عميقًا في قلب بولس، الذي كان في السابق فريسيًا متكبرًا، ولكن بعد معرفته بالمسيح أصبح مستعدًا لخدمة الآخرين بتواضع.

إن الخدمة هي مهارة يجب اكتسابها، وهي ليست جزءًا من طبيعتنا الفطرية. تمامًا مثل النادل الذي يحتاج إلى التدريب ليكون خدمًا جيدًا، نحن بحاجة إلى تعلم كيفية خدمة الآخرين بحب. هذا يتطلب منا الممارسة والانضباط، وأيضًا بيئة مناسبة لنمونا الروحي.

البيئة المناسبة للخدمة هي "اجتماعنا" مع الآخرين، وهي تشير إلى الشراكة المستمرة والمتواصلة التي تسمح لنا بالتحفيز على المحبة والأعمال الصالحة. من خلال الالتزام بالشركة والتواصل المنتظم، نتعلم كيف نساعد بعضنا البعض في النمو الروحي.

ويشرح كاتب الرسالة إلى العبرانيين إلى أن غياب الالتزام بالشركة قد يؤدي إلى العودة إلى الخطيئة. إذا لم نكن في بيئة صحية من الاهتمام المتبادل والخدمة، فإننا قد نغرق في الأنانية والاهتمام بالذات. لذلك، يجب أن نستمر في المشاركة مع إخوتنا في المسيح، ونتعلم كيف نعيش حياة محبة وخدمة متبادلة، مما يساعدنا على البقاء بعيدين عن الخطيئة والنمو في الإيمان.