مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثعينة

سؤال يسوع الأوّل لبطرس(يوحنّا21: 15أ)

~النص البيبلي~

15وبَعدَما أكلُوا، قالَ يَسوعُ لِسِمعانَ بُطرُسَ: “يا سِمعانُ بنَ يوحنَّا، أتُحبُّني أكثرَ مِما يُحبُّني هَؤُلاءِ؟”…

~شرح النص~

يرتبط هذا المشهد الإنجيليّ(21: 15–19)الذي يتحدّث عن تكليف بطرس برعاية القطيع بمشهد الترائي على بحيرة طبريّة(21: 1–14)من خلال الطعام الذي جرى على الشاطئ بين يسوع والتلاميذ.بعد الطعام، الذي قد يكون صباحًا أو ظهرًا، توجّه يسوع بالكلام إلى سمعان بطرس.فمن عالم البحر وصيد السمك، ينتقل الحديث إلى عالم البراري ورعاية القطيع:على الكنيسة أن تقود العالم بأسره، بحرًا وبرًّا(وجوًّا)، إلى الإيمان بالمسيح.

ويرتبط سؤال يسوع لبطرس بعد القيامة بلحظة دعوته حين التقى به للمرّة الأولى في بداية الإنجيل، فبادر إلى تغيير اسمه قائلاً: “أنت سمعان بن يوحنّا وسأدعوك كيفا أي صخرًا” (يوحنّا1: 42).إنّ بطرس– الصخرة فَقَدَ صلابته بنكرانه المسيح؛ وحَمَلُ الله(1: 36)طُعن بحربةٍ على الصليب؛ لذلك أتى، وللمرّة الأخيرة وجهًا إلى وجه، حاملُ خطايا العالم يجدّد دعوته لسمعان بن يونا ليكون وكيلاً له على رعاية القطيع.إنّ هدف كامل الحوار الذي جرى بعد الغداء هو جعْلُنا نتأمّل“شفاء”بطرس وغفرانه، وبالتالي، إعادة توكيله بالقيادة.

أمّا الـمُلفت في كلام يسوع فهو سؤاله لبطرس إن كان يحبّه“أكثر ممّا يحبّه هؤلاء”.لم يسأله فقط إن كان يحبّه، هو يطلب“أكثر”.وهذا الأكثر له وجهان، نسبةً لكلمة“هؤلاء”في اللغة اليونانيّة، التي قد تكون جمعًا مذكّرًا“masculin”أي مقارنةً مع الأشخاص، أو جمعًا حياديًّا“neutre”أي مقارنةً مع الأشياء والمخلوقات.إذا كانت“هؤلاء”تعني الأشخاص أي التلاميذ فهذا يكون تلميحًا إلى ما قاله بطرس أثناء العشاء“لأبذلنّ نفسي في سبيلك” (13: 37)وبذلك يكون يسوع يوجّه دعوة إلى بطرس لعيش التواضع بعد النكران.أمّا إذا كانت“هؤلاء”تعني الأشياء، فهذا يكون تلميحًا لائتزاره بثوبه وإلقائه بنفسه في البحيرة(21: 7)تاركًا وراءه السمك الكثير وكلّ النجاحات البشريّة.

~تأمل في النص~

إنّ“الأكثر”ليس محبّة بطرس للمسيح بل محبّة المسيح له وللكنيسة. “الأكثر”في محبّة الله هو أنّه يعرف كلّ شيء أي هو الذي يخلّصنا في كلّ لحظة من الضعف الساكن فينا، ويفتدينا، فلا نقطع الرجاء من أنفسنا ومن العالم. “الأكثر”في حبّه لنا هو إعطاؤنا مسؤوليّة الرعاية، وأن نصير على شبهه رعاةً لأخوتنا.أمّا“الأكثر”في حبّنا له هو أن نترك له زمام القيادة، فيذهب بنا إلى حيث يشاء، كيفما يشاء، وبالسبُل التي يشاء.

~الفكرة الرئيسة~

عليّ أن أبرهن عن حبّي لأصبح مسؤولاً في الحياة.فالمسؤوليّة تعني الخدمة والتضحية.

~صلاة~

علّمْني حبَّك يا الله، علّمني التواضع في النجاح، والصبر في الضيقات، والحرارة في المحبّة.وعندما تحمّلني مسؤوليةً ما في الحياة، إجعلني أتفانى في الخدمة والتضحية.آمين.

~قرار اليوم~