مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثعينة

ليس مثل الله(إشعيا46: 6-13)

~النص البيبلي~

6هُم يُفرِغونَ الذَّهبَ مِنَ الكيسِ ويَزِنونَ الفِضَّةَ بالميزانِ.يستَأجِرونَ صائِغًا يَصنَعُها إلهًا، يَركعونَ لَه ويَسجُدونَ.7يَرفَعونَهُ على الأكتافِ، ويَحمِلونَهُ ليوضَعَ في مكانِهِ، فيَنتَصِبُ في مَوضِعِه ولا يتَحَرَّكُ.يصرخونَ إليهِ فلا يُجيبُ، ولا يُخلِّصُهُم مِنْ ضيقِهِم.8”أُذكُروا ذلِكَ وكونوا رِجالًا!تأمَّلوهُ‌بقُلوبِكُم أيُّها العُصاةُ!9أُذكُروا ما جرى في القديمِ.أنا اللهُ وليسَ إلهٌ آخَرُ، أنا اللهُ ولا إلهَ مِثلي.10مِنَ البِدايةِ أنبَأْتُ بالنِّهايةِ، ومِنَ القديمِ بما سيَحدُثُ، وقلتُ:مَشورَتي هيَ الّتي تَثبُتُ، وأنا أفعَلُ كُلَّ ما أشاءُ.11مِنَ المَشرِقِ أدعو الطَّيرَ الكاسِرَ‌، ومِنَ البعيدِ مَنْ يُحَقِّقُ مَقاصِدي.قلتُ ذلِكَ وسأُتَمِّمُهُ.قضَيتُ بهِ وسأفعَلُهُ.

12”إسمَعوا لي يا قُساةَ‌القُلوبِ، أيُّها المُمتَنِعونَ عنْ تَصديقي،13قرَّبتُ وفائي بالوَعدِ فلا يَبعُدُ، ويومَ النَّصرِ فلا يتأخَّرُ.فيكونُ لصِهيَونَ خلاصُها، ولشعبِ إِسرائيلَ مَجدُهُم”.

~شرح النص~

يواصل النبيّ السخرية من الأصنام والآلهة الغريبة والمتّكلين عليها.يقصّ عليهم قصّتها:فهي، في الأساس، معدن يؤتى به إلى صائغ ليصنعه تماثيل.هذه قصّتها.ليست هي منذ الأول، ولن تبقى إلى الأبد.قال قبلًا إنّها لا تستطيع حتّى أن تتحرّك لوحدها.

غير أنّ عابديها يسجدون لها، يتمّمون الأفعال العباديّة.يحملونها على أكتافهم بدل أن تحملهم هي كما يحمل الربّ البشر من الخلق إلى نهاية الزمان.هي صامتة وصمّاء وعمياء.لا تتحرّك.تذهب إلى حيث يريد لها صانعوها أن تذهب.لا تستطيع أن تنقذ أو تخلّص، لا نفسها ولا الآخرين.

يجدر التذكير بأنّ غاية النبيّ من هذا الكلام، ليس فقط أن يتحدّث عن التماثيل.بل من خلال إبراز جمودها، يريد أن يبرز أيضًا جمود التاريخ البشريّ الذي يصنعه الأقوياء الذين جعلوا هذه التماثيل آلهة لهم.فالذهب قد يشير إلى عصورهم الذهبيّة، أي إلى إنجازاتهم العمرانيّة والحربيّة وما إلى ذلك.كلّ هذا، يقول النبيّ، على لسان الربّ، لا ينفع.إنّه وليد قرار الانسان وشهوة الكبرياء والسلطة عنده.

ما هكذا الربّ، فهو لا يُحمَل بل يَحمُل، ولا يُصنَع بل يَصنَع، ولا يتنبّأ له بل يعطي النبوءة، ويتمّم ما يريد، ولا يخضع لما يُرَاد له.

~تأمل في النص~

العصيان عصيان الفكر والعمل.نتجاهل أنّنا مخلوقات ماضية إلى الموت والفناء.وما كنّا قبل أن نكون.بل الربّ وحده هو الكائن والذي كان وسيكون.أعمالنا، إنجازاتنا، قوّتنا، تسلّطنا، أوهام لا تحقّق الغاية من الحياة، ألا وهي أن تبقى هذه الحياة وتكون أوفر.تأكدينا على ما نصنعه ونحقّقه ينطلق من أنانيّة قاتلة.متى ننتصر على أوهامنا لنصير مواطني مدينة الربّ الهابطة من السماء؟

~الفكرة الرئيسة~

هباء الانجازات البشريّة، مقابل فعل الربّ الحامل للخلق.

~صلاة~

لتكن يا ربّ لنا مشيئتك على الأرض كما في السماء.ليكن لنا على هذه الأرض ما تريده!

~قرار اليوم~